الوقت - قيام سفينة إسرائيلية لإنتاج وتخزين الغاز، خلال الأيام الماضية، بالتعدي على المياه المتنازع عليها مع لبنان لاستخراج الغاز الطبيعي من حقل كاريش للغاز، أعاد مرةً أخرى تصعيد التوترات الحدودية بين لبنان والکيان الصهيوني.
تشير التقارير المنشورة إلى أن السفينة الصهيونية عبرت الخط 29 ورست علی بعد 5 كيلومترات من الخط 23 في المنطقة المتنازع عليها مع لبنان، ما أثار رد فعل قوي من المسؤولين السياسيين اللبنانيين.
من ناحية أخرى، عزز الصهاينة أنظمة دفاعهم لدعم منشآتهم البحرية في مياه المنطقة ضد تهديدات حزب الله.
وفي مثل هذا الوضع، وفقًا لوزارة الخارجية الأمريكية، سيتوجه عاموس هوكستين، كبير مستشاري وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون أمن الطاقة، إلى لبنان يومي 13 و 14 يونيو(الإثنين والثلاثاء) للتوسط بين الجانبين.
يأتي وصول المبعوث الأمريكي كوسيط في وقت يختلف فيه الطرفان حول منطقة تبلغ مساحتها 860 كيلومترًا مربعًا من موارد النفط والغاز، وفقًا لخطط قدمها لبنان والکيان الصهيوني إلى الأمم المتحدة.
وفي أكتوبر 2020، بدأت المحادثات غير المباشرة بين الجانبين تحت رعاية الأمم المتحدة وبوساطة الولايات المتحدة حول المنطقة، وعقدت خمس جولات من المحادثات، كان آخرها في مايو 2021.
وفي هذا الصدد، كان وفد بيروت قد قدَّم في إحدى جولات المحادثات خريطةً جديدةً، اعتبر فيها الـ 1430 كم آخر جزءاً من مياه المناطق اللبنانية، وأعلن أن مساحة المنطقة المتنازع عليها هي 2290 كيلومتراً مربعاً، وهو ما عارضه الكيان الصهيوني، فتوقفت المحادثات.
وفي ظل التوتر الحالي بين الجانبين، تحدث موقع "الوقت" مع السيد جعفر قنادباشي، الخبير في شؤون غرب آسيا، من أجل متابعة أبعاد القضية وأهداف واشنطن في الدخول في مجال الوساطة بين الجانبين.
الوساطة الأمريكية تأتي بإملاء الصهاينة
فيما يتعلق بأهداف وخطط عاموس هوكستين في بيروت للتوسط بين لبنان والکيان الصهيوني، يرى السيد جعفر قنادباشي أن لجوء الأمريكيين إلی إرسال مبعوث لهم، يظهر أن واشنطن وتل أبيب تقدران أن اللبنانيين جادون في ممارسة حقوقهم في مجال الحدود البحرية، وليسوا مستعدين للتراجع عن مصالحهم الوطنية أمام الصهاينة.
بالطبع، يمكن تقييم هذه القضية في الغالب بسبب فهم رسالة السيد حسن نصر الله، الذي صرح بشکل قاطع أن لديه إرادة جادة للدفاع عن المصالح الوطنية للبنان، ومستعد لمواجهة الأعمال غير المشروعة للصهاينة.
كما تدرك الولايات المتحدة والکيان الصهيوني بوضوح قوة حزب الله وقدراته على الرد على أي عدوان. ولذلك، في مثل هذه الحالة، لجؤوا إلى عرض مقترح الوساطة.
وأضاف السيد جعفر قنادباشي: فيما يتعلق بأهداف عاموس هوكستين، فإن القضية واضحة للغاية، وهي الدفاع عن مصالح وأمن الکيان الصهيوني في منطقة غرب آسيا. وبناءً على الاستراتيجية المستمرة للعديد من الرؤساء الأمريكيين على مدى عقود للدفاع عن أمن ووجود الکيان الصهيوني، تعتزم إدارة بايدن الآن تنفيذ نفس البرنامج عن طريق إرسال مبعوث.
بشكل عام، تجدر الإشارة إلى أن وساطة الوفد الأمريكي تأتي بإملاء من الصهاينة ودور ممثل البيت الأبيض. ويمكن اعتبار عاموس هوكستين بشكل أساسي بأنه ممثل للکيان الصهيوني بطبيعة مزيفة ولغة ناعمة.
اللبنانيون لديهم القدرة على الرد على الكيان الصهيوني
فيما يتعلق بقدرة الجيش اللبناني على الرد على التحركات العسكرية الصهيونية على طول الحدود البحرية، قال الخبير في الشؤون الإقليمية:
"خلافاً للدعاية الإعلامية الصهيونية والأمريكية، فإن الکيان الصهيوني ضعيف جداً في المجالين العسكري والأمني ، والرأي العام في العالم الإسلامي ضد هذا الکيان. في الواقع، أي شرارة حرب ستبدأ بتهديدات الکيان العسكرية على نطاق واسع. لقد أظهرت المقاومة في لبنان عام 2006 خلال حرب الـ 33 يومًا مصادر قوتها وقدرتها، وأظهرت للصهاينة مدى ضعف القوة العسكرية لهذا الکيان. هذا في حين أن المقاومة قد اكتسبت في العقدين الماضيين المزيد من الخبرة والإمکانات، ولديها قدرة أكبر على تهديد الکيان الصهيوني. وفي السنوات الأخيرة، أظهرت الهجمات التي شنتها المقاومة الفلسطينية رداً على الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة والضفة الغربية، بوضوح ضعف الصهاينة وعدم قدرتهم على صد هجمات المقاومة. ولذلك، يمكن التأكيد بجرأة على أن حزب الله کان ولا يزال قادراً بسهولة على المواجهة العسكرية مع الکيان الصهيوني".
وفق الحسابات العقلانية، لا ينوي الکيان الصهيوني الدخول في صراع مع لبنان
وحول استعداد الكيان الصهيوني للدخول في صراع عسكري مع لبنان في المناطق البحرية المتنازع عليها، أکد السيد قنادباشي: "في هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن الكيان الصهيوني يجب ألا يدخل ساحة الصراع العسكري بأي شكل من الأشكال بناءً على الحسابات العقلانية؛ لأن هذا الکيان سيتکبَّد خسائر أمنية وعسكرية كبيرة. لكن الصهاينة أظهروا في كثير من قراراتهم أنهم يركزون على العواطف، ويدخلون في أزمات دون اعتبار للمنطق الاستراتيجي. على سبيل المثال، يمکن الإشارة إلی حرب الکيان الغبية عام 2021 في قطاع غزة، والقبول بوقف إطلاق النار بعد أن تکبد خسائر فادحة".
الشكوى القانونية ضد الكيان الصهيوني لن تكون مثمرةً
وقال الخبير في شؤون غرب آسيا في الجزء الأخير من تصريحاته، حول استراتيجية الحكومة اللبنانية للحصول علی حقوقها في مواجهة اعتداءات الکيان الصهيوني على الحدود البحرية المشتركة:
"الحل المنطقي لهذا الأمر هو أولاً وقبل كل شيء توحيد جميع التيارات والأحزاب السياسية لمواجهة عدوان النظام الصهيوني على الحدود البحرية، وعرض القضية على المحافل القانونية الدولية. للأسف، طالما أن هناك تعدديةً داخل الحكومة اللبنانية، فلا ينبغي أن نتوقع من المجتمع الدولي أن يأخذ الشكوى القانونية للحكومة اللبنانية على محمل الجد. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن لغة العالم اليوم ليست لغة السلام والمصالحة وإعمال الحقوق من خلال المحافل الدولية، والمهم هو أن يكون لديك قوة في المجال العسکري. ولذلك، لا يمكن للمرء أن يأمل في فاعلية الشكوى القانونية ضد الكيان الصهيوني".