الوقت – أقر مجلس النواب العراقي يوم الخميس (12 أيار 2022) مشروع قانون يجرم تطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي.
وقال المكتب الإعلامي لمجلس النواب العراقي في بيان إن "المراجعة الأولية لمشروع قانون حظر التطبيع وإقامة أي علاقات مع إسرائيل المقدم من اللجنة القانونية قد اكتملت". وقال البيان الصادر عن مجلس النواب العراقي، إن الغرض من هذا القانون هو الحفاظ على المبادئ الوطنية والإسلامية والإنسانية في العراق، بالنظر إلى المخاطر الكبيرة التي قد يخلقها أي تطبيع مع العدو الصهيوني المحتل. وتأتي الموافقة على هذا المشروع في السياق الذي أعلن فيه مقتدى الصدر سابقًا في تغريدة على تويتر في 23 أبريل / نيسان 2022، أنه سيقدم قريباً خطة إلى البرلمان لتجريم تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني بشكل مطلق. حتى زعيم التيار الصدري صرح بأن السبب الرئيسي لدخوله الانتخابات هو معارضة مؤامرة تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني. إضافة إلى ذلك، أكد نصر الشمري المتحدث باسم حركة النجباء العراقية مؤخرًا أن الشعب العراقي من أكثر الدول التي لها علاقة بالقضية الفلسطينية واضطهاد الشعب الفلسطيني. العراقيون يرفضون التسوية والاستسلام وتهويد العقل المسلم ومستعدون لدعم فلسطين بكل قوتهم من السلاح ونقل التجربة إلى الوجود المباشر على الأرض. يعارض الشعب العراقي أي تطبيع للعلاقات مع إسرائيل ويقف ضد حيل العدو الشريرة لتمرير ذلك. ويمكن قراءة مجموع هذه التوجهات والتصريحات كنقطة تحول ضد مؤيدي تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.
تشكيل توجه نحو تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني
من الحقائق التي لا يمكن إنكارها في المشهد السياسي العراقي أن عددًا محدودًا من التيارات السياسية التي هي في الغالب مرتزقة وخانعة لمطالب الولايات المتحدة وبريطانيا، أبدت رغبتها في إقامة علاقات مع الصهيونية في كل السنوات منذ عام 2003. حتى في السنوات القليلة الماضية، عندما قامت بعض الأنظمة العربية بعملية تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، تم التعبير عن هذا المطلب بشكل أكثر صراحة. على سبيل المثال، قبل بضعة أشهر، دعا نحو 300 عراقي، بمن فيهم بعض زعماء العشائر، إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل في مؤتمر في كردستان العراق برعاية منظمة أمريكية.
وتجدر الإشارة أيضًا إلى أنه وعلى الرغم من إنكار قادة إقليم كردستان العراق، فإن الكيان الصهيوني هو وجهة نحو 75٪ من صادرات النفط من شمال العراق، وأن الكيان الصهيوني هو أهم داعم لتقسيم العراق من خلال دعمه استفتاء 25 سبتمبر 2017 لانفصال إقليم كردستان العراق. من ناحية أخرى، تشير جميع الأدلة إلى أن الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي، بقيادة مسعود بارزاني، له علاقات واسعة مع الكيان الصهيوني. إلى جانب العلاقة الصريحة للحزب الديمقراطي بالصهاينة، كانت هناك شائعات في الآونة الأخيرة بأن الحكومة العراقية الجديدة، التي يعتقدون أنها ستكون حكومة الأغلبية الوطنية بقيادة الصدر، تؤيد تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني؛ حيث انتشر على نطاق واسع أن حكومة الأغلبية الوطنية الناتجة عن تحالف الصدر مع السنة والشيعة ستتخذ خطوات بالضد من محور المقاومة، وستسلك حكومة بغداد المستقبلية طريقاً قريباً من الكيان الصهيوني. لكن الآن مشروع قانون تجريم تطبيع العلاقات في مجلس النواب العراقي، ومواقف مقتدى الصدر، وتظاهر ملايين العراقيين في يوم القدس لتجديد الميثاق مع الشعب الفلسطيني، تظهر بوضوح أن الأمور بالنسبة لمؤيدي الصهيونية، ليس فقط عدم وجود تطبيع، ولكن تطبيقه سيعتبر جريمة في المستقبل.
أسباب عودة موضوع تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن أكثر من أي وقت مضى: لماذا فشلت محاولات تطبيع العلاقات بين بغداد والكيان الصهيوني، بل انقلبت الطاولة على هؤلاء المؤيدين للتطبيع، في شرح ذلك، يبدو من الضروري الانتباه إلى ثلاث قضايا. على المستوى الشعبي، من المهم أن نلاحظ أن إرادة وإدارة الأغلبية الساحقة من السكان المسلمين في العراق، بما في ذلك السنة والشيعة والأكراد والتركمان، وكذلك إرادة جميع المسلمين في جميع أنحاء العالم، تستند إلى الدفاع عن الشعب الفلسطيني المظلوم. كانت جميع التيارات السياسية العراقية تدرك أن أي خطوة مفتوحة نحو إقامة علاقات مع الكيان الصهيوني من شأنها أن تمهد الطريق لإخراجها بالكامل من هيكل السلطة في هذا البلد؛ لذلك كنا دائما نرى أن تيارات المرتزقة السياسيين أخفت علاقتها مع تل أبيب. في مثل هذه الأجواء، كان الضغط الشعبي لقلب الطاولة على مؤيدي تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني حتميًا ومتوقعًا. على المستوى الثاني، يمكن اعتبار العدد القليل والسلطة المحدودة للمرتزقة المؤيدين للتطبيع عاملاً آخر في تضرر مشروعهم الخبيث. في الوضع الجديد، لا يمكن فقط أن ترتبط هذه التيارات بالكيان الصهيوني كما كان من قبل، ولكن أي توجه لذلك يمكن أن يعاقب عليه القانون. في المستوى الثالث، يمكن اعتبار دور قوى المقاومة أيضاً عاملاً آخر في تدمير ورقة التطبيع في بغداد، حيث كانت الإجراءات والتدابير الذكية للقوى الموجودة في محور المقاومة قد مهدت الطريق لكشف جهود حركات المرتزقة لإدخال بغداد في عملية تطبيع علاقات مع الصهيونية. من ناحية أخرى، مهدت نتائج جهودهم الطريق لإقرار قانون تجريم تطبيع العلاقات مع الكيان بدعم مباشر من التيار الصدري.