الوقت- وسط الاضطرابات التي تعيشها احزاب السنة اللبنانيين في الانتخابات النيابية اللبنانية ، أفادت بعض المصادر بأن رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري أطلق حملة ضد رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة الذي يسعى الآن لملء المكان الشاغر لمكون السنة في الساحة السياسية اللبنانية وهذا الامر قد يضع القائمة المدعومة من السنيورة في دائرة بيروت الثانية ومناطق أخرى قيد التهديد.
وفي الوقت نفسه، أفادت مصادر مطلعة أخرى بأن الحقيقة هي أن السنيورة يشعر بقلق عميق بعد الفشل في تشكيل نواة فصيل برلماني يمكن أن يحل محل حزب المستقبل، لأنه أدرك أنه حتى ولو تلقي الكثير من الدعم السعودي، إلا أن اللبنانيين السنة لن يريدوه ابدا، ولن يستطيع ان يحل محل سعد الحريري. والحقيقة أيضا تكمن في أن السنيورة قلق من أن يقاطع السنة اللبنانيون الانتخابات من أجل المطالبة بعزله.
إن التصويت اللبناني السني قد يعرض مصير عدد من المرشحين في مختلف الدوائر وخاصة بيروت للخطر، ومن المرجح أن القوائم المدعومة من قبل فؤاد السنيورة لن تتمكن من تحقيق النتيجة المرجوة في الانتخابات، وهذا الامر قد يعرض موقف المكون السني في المرحلة المقبلة في البرلمان للخطر. لكن السنيورة يرى أن زيادة مشاركة اللبنانيين السنة في الانتخابات هي السبيل الوحيد لإنقاذه، ولهذا يضغط كثيراً على المكون السني للتوجه إلى صناديق الاقتراع.
لكن المناخ الانتخابي بين المكون السني، وكذلك استطلاعات الرأي على مدى الأسبوعين الماضيين، تظهر أنه لم يكن هناك تغيير كبير في نهج لبنان السني تجاه الانتخابات. وعلى الرغم من أن عودة السفير السعودي إلى بيروت، وليد البخاري، أوجدت دافعًا انتخابيًا جديدًا لدى السنة، إلا أن هذا لا يكفي لإنقاذ المسؤولين الكبار؛ لأن تداعيات استقالة سعد الحريري ومقاطعة حزب المستقبل للانتخابات ما زالت تؤثر على المكون السني وعلى شخص فؤاد السنيورة وتؤثر على موقعه في الانتخابات، وخاصة إذا أراد السنيورة استبدال الحريري أو التمرد عليه، فسيواجه رد فعل قاسيا من أهل السنة.
وفي هذا الموقف، أقر فؤاد السنيورة، بينما كان يعلق آمالا كبيرة على السعودية للتدخل في الانتخابات اللبنانية، وكذلك دعم المسؤولين والسفير السعودي، بأنه لا يستطيع تغيير الوضع لصالحه.
وحسب الأوساط الموالية لكبار المسؤولين، فإن أكبر مشكلة يواجهها السنيورة في الانتخابات اللبنانية وعدم استعداد السنة للتصويت له ليست مصلحتهم في سعد الحريري، بل هو مرتبط بكراهية المكون السني اللبناني للسنيورة نفسه.
ويسود الظن بأن الحملة التي يتعرض لها فؤاد السنيورة بأمر من رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري هي ما تهدد فوز اللائحة المدعومة منه في دائرة بيروت الثانية أو في دوائر أخرى. لكن الواقع هو أن قلقاً شديداً ينتاب السنيورة بعد فشله في تشكيل نواة كتلة نيابية ترث تيار المستقبل، ينبع من إدراكه بأنه شخصية غير مرحب بها في قسم كبير من الشارع السني، وأن كثراً ممن قد يُقاطعون صناديق الاقتراع سيفعلون ذلك رفضاً للسنيورة بمعزل عن التعاطف مع زعيمهم. ولأن الصوت السني القادر على التأثير في مصير المرشحين في دوائر عدّة مستقبلي الغالب، ترجح التقديرات أن لائحة "بيروت تواجه" لن تنال أكثر من حاصل، وأن المرشّح الفائز فيها "على الأغلب لن يكون سنياً". وتؤكد مصادر أن التقديرات التي يعرفها السنيورة جيداً هي أن النواب السنة في بيروت الثانية سيتوزعون على لوائح الأحباش والجماعة الإسلامية وفؤاد مخزومي واحتمال أن يكون هناك مقعد من نصيب لوائح قوى المعارضة.
وتشير هذه الدوائر المطلعة على عمل النظام الانتخابي اللبناني إلى أنه حسب استطلاعات الرأي، لن تتجاوز أصوات السنة في الانتخابات ما بين 8000 و 10000 صوت. وحتى أولئك الذين يديرون الآن حملات انتخابية سنية مدفوعين بالمال، لا يعتبرون أنفسهم مضطرين للتصويت. ومن جهة أخرى أفادت مصادر مطلعة بأن سفير المملكة العربية السعودية في بيروت وليد البخاري اطلع على هذا الجو الانتخابي السني اللبناني من قبل شخصيات مقربة من السعودية. وهؤلاء بدورهم أبلغوا البخاري أن سعد الحريري قد يلقي خطابا عاما في اليوم السابق للانتخابات يحث فيه أنصاره على مقاطعة الانتخابات. لكن البخاري رد بالقول إن الحريري سواء فعل ذلك أم لم يفعل فهو خاسر.
ولقد صرحت شخصيات مقربة من الرياض في لبنان أن استياء السعودية من الحريري سيزداد إذا دعا إلى مقاطعة الانتخابات مرة أخرى. ومن ناحية أخرى، أفادت مصادر مطلعة بأنه بعد أيام قليلة من لقاء الشخصيات اللبنانية مع السفير السعودي، كرر البخاري تصريحاته بشكل أوضح وأعلن أن السعودية قد تطلب من الإمارات إبلاغ الحريري قبل الانتخابات بضرورة مشاركته. ولهذا فقد انتشر أنصاره في الانتخابات ولكن المضحك أن أنصار سعد الحريري مزقوا صور المرشحين السنة في بيروت بعد أيام قليلة من تصريحات وليد البخاري.
وفي السياق نفسه، يراهن مصدر سياسي بارز على أن تعدد الدعوات للإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع ستؤدي حكماً إلى إحداث تبدل في المزاج السني باتجاه خفض منسوب عدم المشاركة في الاستحقاق الانتخابي الذي يرسم خريطة الطريق لإعادة تكوين السلطة في لبنان بدءاً بتشكيل حكومة جديدة وانتخاب رئيس جمهورية جديد خلفاً للحالي العماد ميشال عون، ويقول لـ"الشرق الأوسط" إن تصدر مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان ومعه جمعية "المقاصد الخيرية الإسلامية" واتحاد العائلات البيروتية لهذه الدعوات لم ينطلق من فراغ، وإنما جاء انطلاقاً من تقديرهم بأن نسبة الاقتراع حتى الساعة ما زالت متدنية وليست بالمستوى المطلوب.
ولفت المصدر السياسي إلى أن قرار الحريري بتعليق نشاطه السياسي وعزوفه وتياره عن خوض الانتخابات ترك فراغاً في الدوائر الانتخابية حيث الثقل للناخب السني، مع أنه لم يطلب من جمهوره ومحاربي التيار الأزرق مقاطعتها.
واكد المصدر نفسه أن جمهور التيار الأزرق لم يظهر حماسة، كما في السابق، للإقبال على صناديق الاقتراع على الرغم أن هناك مرشحين يدورون في فلك الحريرية السياسية ترشحوا لخوض الانتخابات ومنهم من تقدموا باستقالاتهم من "المستقبل".
ورأى المصدر نفسه أن الدعوات للإقبال على صناديق الاقتراع وعدم مقاطعة الانتخابات ليست معزولة عن النداءات المتتالية الصادرة عن المجتمع الدولي والتي تلتقي مباشرة مع الدعوات التي يطلقها معظم السفراء العرب المعتمدين لدى لبنان والتي عكسها سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري في حفلات الإفطار الرمضانية التي أقامها على الرغم أنه آثر عدم التدخل في تركيب اللوائح تاركاً للبنانيين القرار في اختيار ممثليهم في البرلمان، كما اختار التوقيت المناسب لعودته إلى بيروت والتي جاءت بعد تسجيلها لدى وزارة الداخلية والبلديات بصرف النظر عن الحملات التي استهدفته من قبل حزب الله.
وحذر من تدني نسبة الاقتراع في الشارع السني لأن نتائجها ستكون كارثية على التركيبة النيابية التي ستحملها نتائج الانتخابات إلى البرلمان، ويقول بأن النواب الذين سيمثلون الطائفة السنية سيُنتخبون بأقلية سنية وبأكثرية تنتمي إلى الطوائف الأخرى، ما يفقدها دورها الوازن في المعادلة السياسية، وخصوصا أن هناك من لا يزال يراهن على تهميشها، مع أن السنة يشاركون في انتخاب أكثر من 85 نائباً من مجموع نواب البرلمان البالغ عددهم 128 نائباً.