الوقت- رغم إعلان الأمم المتحدة وقف إطلاق النار في اليمن وإعلان ممثلها قبل أقل من شهر عن توصله إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في اليمن، يبدو أن السعوديين يتصرفون بما يخالف تلك الشعارات والمواقف التي وعدوا بالالتزام بها. ولقد تكرر انتهاك وقف إطلاق النار في اليمن في الأيام الماضية بشكل متكرر، وفي الوقت نفسه تتنصل السعودية من التزاماتها ومسؤولياتها في وقف إطلاق النار في اليمن.
تكرار انتهاكات وقف إطلاق النار
أفادت مصادر إخبارية، صباح يوم الاثنين الماضي، بأن تحالف العدوان السعودي استمر في انتهاك وقف إطلاق النار في اليمن، قائلة إن قوات تحالف العدوان السعودي انتهكت وقف إطلاق النار في الحديدة 43 مرة خلال الساعات القليلة الماضية بقصف بالمدفعية والصواريخ. وفي هذا الصدد، قال وزير النقل اليمني "عامر المراني"، مساء الأحد الماضي، إنه في الأسابيع الثلاثة الماضية منذ بدء وقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة، لم يتم تحقيق أي حالات كبيرة لوقف إطلاق النار. وأضاف إن الأمم المتحدة شريكة لتحالف العدوان السعودي في منع السفن من دخول الموانئ اليمنية والقيام برحلات جوية من مطار صنعاء وعدم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه. وحسب اتفاق وقف إطلاق النار الأخير بين حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية في صنعاء وتحالف العدوان بقيادة الأمم المتحدة، يجب السماح لـ 18 سفينة محملة بالوقود بدخول ميناء الحديدة والسماح برحلتين أسبوعيا من مطار صنعاء إلى مطاري القاهرة وعمان.
ومن ناحية أخرى، تتهاون الرياض أيضًا في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه حول الرحلات المتفق عليها من مطار صنعاء. وفي هذا الصدد، قال "رائد طالب جبل" نائب رئيس هيئة الطيران المدني والأرصاد اليمنية: "رفضت دول التحالف المعتدي منح تصريح هبوط لرحلات الخطوط الجوية اليمنية التي كان من المقرر أن تهبط في مطار صنعاء يوم الأحد." كما قالت المنظمة اليمنية لحقوق الإنسان والحريات في بيان إنها تدين بشدة حظر أول رحلة جوية إلى مطار صنعاء والتي كان من المقرر إقامتها يوم الأحد.
وقال "علي الذهب" مراسل قناة العالم في اليمن "مر أكثر من ثلاثة أسابيع على إعلان وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في اليمن، ولكن لا توجد بوادر وأدلة واعدة في هذا الصدد، حيث يواصل تحالف العدوان السعودي التنصل في تنفيذ بنود الاتفاق". وأفاد "علي الذهب"، بأنها تقوم يوما بعد يوم بخرق وقف إطلاق النار والتنصل من التزاماتها بهذا الصدد، وآخر خرق لوقف إطلاق النار هو منع أول رحلة تجارية من مطار صنعاء كان من المقرر أن تنطلق الأحد إلى عمان. في غضون ذلك، أعلنت إدارة المطار أنها أوفت بجميع التزاماتها، لكنها مُنعت فجأة من الطيران.
إن الانتهاكات المتكررة وعدم وفاء المملكة العربية السعودية بالتزاماتها لا تشير فقط إلى إحجام السعوديين عن وقف إطلاق النار في اليمن، ولكن هذا الامر أيضا يؤكد أن السعوديين أعلنوا وقف إطلاق نار قصير المدى فقط لتقليل ضغط الهجمات الصاروخية من قبل قوات المقاومة اليمنية. الآن، في الأسبوع الثاني من وقف إطلاق النار، ألغى التحالف السعودي علناً جميع اتفاقيات وقف إطلاق النار في اليمن.
التزام صنعاء وخيارات على طاولة المقاومة
يحدث انتهاك وقف إطلاق النار من قبل تحالف العدوان السعودي في اليمن، بينما يلتزم الجانب الآخر من حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية حتى الآن بأقصى قدر من اتفاقياته والتزاماته خلال وقف إطلاق النار. ولقد أعلنت وزارة الخارجية العمانية، أن حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية، بوساطة مسقط، أفرجت عن 14 مواطناً أجنبياً. وأعلنت وزارة الخارجية العمانية، عبر حسابها على تويتر، مساء الأحد الماضي، أن العملية تمت بالتنسيق من قبل مسؤولي حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية في صنعاء والسعودية، والتي تم خلالها نقل 14 مواطناً أجنبياً إلى العاصمة العمانية للعودة إلى بلدانهم. وفي غضون ذلك، نقلت وكالة أنباء الماجد اليمنية عن مصادر قولها إن حكومة صنعاء أفرجت أيضا عن طاقم سفينة رافي المملوكة لدولة الإمارات.
وحول هذا السياق، حذر المتحدث باسم حركة "أنصار الله" محمد عبد السلام، دول تحالف العدوان من خرق الهدنة في اليمن، مؤكداً على أن القوات المسلحة جاهزة للرد على أي عدوان. وقال عبد السلام إن تحالف العدوان السعودي يحشد قواته في جبهات مأرب، مشدداً في هذا السياق، على أن الرد على أي خرقٍ للهدنة الأممية في اليمن سيكون مؤلماً من الرياض لأبو ظبي. كما لفت رئيس الوفد اليمني المفاوض محمد عبد السلام، الى أن "الشهر الأول للهدنة الإنسانية يكاد أن ينقضي دون تقدم في أهم بنودها وهو إعادة فتح مطار صنعاء الدولي”. وحمًل رئيس الوفد الوطني، عبر حسابه على مواقع التواصل الإجتماعي، "دول العدوان كامل المسؤولية جراء ما تبديه من تعنت وتنصل ومراوغة، مطالباً الأمم المتحدة أن تقوم بواجبها وفقا للاتفاق".
يشار إلى أن اتفاق الهدنة الإنسانية والعسكرية المعلن في الـ 2 من نيسان الجاري، ينص على تشغيل رحلتين جويتين تجاريتين أسبوعياً إلى صنعاء خلال شهري الهدنة. ومن جانبه، أكد نائب وزير الخارجية في حكومة صنعاء، حسين العزي، أن رفض التحالف بقيادة السعودية، تسيير رحلات عبر مطار صنعاء الدولي، بعد إفراج صنعاء عن أسرى موالين له يدل على عدم وجود رغبة لديه في إحلال السلام باليمن. وقال العزي على تويتر: "تراجع تحالف العدوان ومرتزقته عن تسيير الرحلات جاء بعد ساعات فقط من قيامنا بالإفراج أحاديا عن مجموعة كبيرة من أسراهم". وأضاف: "ذلك يعكس بوضوح عدم وجود أي رغبة لديهم في السير نحو السلام، وعدم استعدادهم للانخراط في أي إجراءات عملية لبناء الثقة". معتبراً أن "لا تفسير لموقفهم غير هذا - على الأقل- حتى يثبتوا العكس".
طريق مسدود يواجه سيناريو الرياض
على الرغم من إعلان المملكة العربية السعودية وقف إطلاق النار بهدف تخفيف الضغط ووقف هجمات الصواريخ الباليستية من قبل الجيش اليمني، إلا أنها الآن بعد أن قصفت هجماتها المناطق اليمنية واستمرارها بخرق شروط وقف إطلاق النار، فإنها تُظهر أن للسعوديين خططًا وهناك هي مؤامرات أخرى فيما يتعلق باليمن. حتى الآن، لم يتم تحقيق أي من أهداف الرياض في اليمن، ولم يتمكن "منصور هادي"، بصفته دمية في يد الرياض، من تحقيق أهداف السعودية في التطورات في اليمن.
في الواقع، تحاول المملكة العربية السعودية، من خلال انتهاك وقف إطلاق النار وانتهاك التزاماتها، إدخال مجلس الرئاسة إلى الميدان، على الرغم من أن هذا المجلس، بتشكيلته غير المتجانسة وغير الناضجة، من المحتمل أن يعقد الوضع في الرياض أكثر. وحتى رئاسة هذا المجلس في يد شاب في الثلاثينيات من عمره، وهو ما تسبب في ضجيج شخصيات سياسية يمنية أخرى، وهذا الأمر سيجعل الوضع المحير في اليمن أصعب بالنسبة للرياض مما كان عليه من قبل.