الوقت - كان لقاء الرئيس الأمريكي مع السفير التركي أحد الأحداث المهمة التي اعتُبرت علامةً على تنامي العلاقات بين أنقرة وواشنطن. ومع ذلك، لم يتم الكشف عن تفاصيل هذا الاجتماع.
الخبر الذي نشرته السفارة التركية في واشنطن ووسائل الإعلام في أنقرة هو أن الرئيس الأمريكي، الذي لا يقوم عادةً بدعوة السفراء إلى البيت الأبيض، التقى بالسفير التركي في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض.
مهمة مراد بك الصعبة
حسن مراد مرجان، السفير التركي الحالي لدى واشنطن، هو أحد أقدم الدبلوماسيين الأتراك وأكثرهم خبرةً، ويُعرف بأنه أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية، إلى جانب عبد الله غول، رجب طيب أردوغان، مولود جاويش أوغلو وآخرين، وکان أحد الدبلوماسيين البارزين في الجهاز الدبلوماسي وشخصيةً موثوقةً ومقربةً من أردوغان.
بعد فوز بايدن، أخذ أردوغان حسن مراد مرجان من طوكيو إلى واشنطن لكسب ودّ بايدن. لأن الرئيس الأمريكي تحدث بشدة ضد تركيا وأردوغان خلال حملته الانتخابية، وبالطبع فإن أردوغان، في بعض تصريحاته، أظهر بوضوح أنه يتمنى فوز دونالد ترامب مرةً أخرى. ونتيجةً لذلك، تولى السيد مراد مرجان مهمةً صعبةً، وعمل لفترة طويلة لتقريب قادة واشنطن وأنقرة من بعضهما البعض.
عندما يمهِّد تطوران مهمان الطريق
الجهود المستمرة لحسن مراد مرجان وأعضاء آخرين في فريق مجلس العلاقات التركية الأمريكية لتحسين العلاقات التركية الأمريكية، لم تسفر عن نتائج واضحة، وحتى الآن فإن أعلى مسؤول أمريكي قد زار تركيا هو نائب وزير الخارجية(ويندي شيرمان)، لأن فريق بايدن كان مستاءً للغاية بشأن العلاقات التركية الروسية.
وبالمناسبة، فإن جو بايدن، بعد ترسيخ قاعدة سلطته، إضافة إلى الاعتراف بالمسألة التاريخية المتمثلة في الإبادة الجماعية للأرمن علی يد العثمانيين، أزال تركيا تمامًا من قائمة كبار مصنعي ومشتري طائرات F-35. ونتيجةً لذلك، استمر الإحباط والخلاف، حتى وقع حدثان مهمان:
1. الخطوات التي اتخذتها سلطات أنقرة لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.
2. الهجوم الروسي علی أوكرانيا.
كانت تركيا مُنعت سابقًا من حضور منتدى غاز شرق المتوسط، لكن الآن أعطت الولايات المتحدة الضوء الأخضر ويبدو أنها لا تعارض دور تركيا في نقل الغاز من الأراضي المحتلة إلى أوروبا.
شغف تركيا والکيان الإسرائيلي
في تقرير خاص، أشارت الجريدة الرسمية للجهاز الإعلامي لحزب "سعدات" الإسلامي(تلامذة المرحوم نجم الدين أربكان)، إلى الأسباب الرئيسية للموجة الجديدة من التعاون التركي الأمريكي.
وذكر التقرير أن "الغزو الروسي لأوكرانيا دفع الغرب للبحث عن مصادر جديدة للغاز الطبيعي. وزعم أن زيارة الرئيس الإسرائيلي هرتسوغ لأنقرة ولقائه بالرئيس أردوغان تمت بناء على طلب واشنطن. ومع استمرار المفاوضات لنقل غاز شرق البحر المتوسط إلى أوروبا عبر تركيا، قيل إن الولايات المتحدة قد تشارك في هذه العملية أيضًا".
وفي هذا الصدد، قال "ضياء ألتون يلدز" رئيس لجنة الصناعة والتجارة والطاقة والموارد الطبيعية والمعلومات والتكنولوجيا في البرلمان التركي: "إن تركيا، كما أظهرت سابقًا خلال خطي الأنابيب TAP و TANAP، نشطة في تطبيق نموذج نقل الغاز لأذربيجان إلى أوروبا وشرق البحر المتوسط. يمكننا نقل الغاز ونفط المنطقة إلى أوروبا، وتحقيق هذا الهدف الجديد في هيكل مدعوم من الولايات المتحدة".
وأضاف ضياء ألتون يلدز: "في الشهر الماضي، قمنا برحلة لمدة خمسة أيام إلى الولايات المتحدة. من المهم زيادة حجم التجارة الحالي البالغ 28 مليار دولار إلى 100 مليار دولار، وقد ناقشنا بجدية قضايا ثنائية مهمة. هناك الآن مشاكل أظهرت اعتماد العالم على روسيا في مجال الطاقة، والحرب الروسية الأوكرانية هي التي كشفت هذه المشاكل بجدية. تمت دراسة تطورات مثل ضمان تنوع الموارد والبلدان في مجال الطاقة، بالتعاون مع المشاريع الأمريكية والتركية والأوروبية. والولايات المتحدة مستعدة لدعم هذا الأمر، وقد رأينا ذلك بوضوح في مواقفهم".
من الغاز إلى F16
حالياً، تم نقل هذه الحقيقة بوضوح وبشكل لا لبس فيه إلى القادة الأتراك بأنهم لن يمتلكوا طائرة F-35.
تركيا، إضافة إلى عدم قدرتها على شراء هذه الطائرة، تمت إزالتها من قائمة مصنعي قطع الغيار أيضًا. وقد احتج مسؤولو أنقرة في البداية على هذا القرار الأمريكي، لكنهم الآن تقبلوا ذلك، وتوصلوا إلى استنتاج مفاده بأن الإصرار لا فائدة منه.
وخلال اللقاء الأخير بين أردوغان وبايدن، تم تقييم هذا الموضوع، وكان ردّ الرئيس الأمريكي على نظيره التركي: "سأتحدث عن هذا مع الكونغرس وسأعمل عليه".
ويأتي كل هذا في الوقت الذي تسبب فيه ردّ فعل أردوغان الأخير على التطورات في فلسطين وموقفه تجاه العمليات الاستشهادية الفلسطينية، في إثارة استياء فصائل المقاومة.
ونختم بالقول إن السياسة الخارجية لتركيا تستمر في التغيير، والآن يأمل الجهاز الدبلوماسي لأنقرة في الاستفادة من الفرص الجديدة لنقل الغاز من الأراضي المحتلة إلى أوروبا، والانضمام إلى الولايات المتحدة وإسرائيل في هذا المجال.
ويبقى أن نرى إلى أي مدى ستؤثر هذه الخطوة التركية على علاقاتها مع فصائل المقاومة الفلسطينية.