الوقت - في أوائل يناير من هذا العام، أعلنت منظمة مكافحة غسل الأموال(FATF) أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد يتم إدراجها في القائمة الرمادية للدول الواقعة تحت رعاية منظمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ونتيجةً لهذا الخبر، في أوائل فبراير من هذا الشهر، وضعت المنظمة أخيرًا اسم هذا البلد في القائمة الرمادية لهذه المنظمة، ما قد يؤثر على مجالات الاستثمار والنشاط المالي لهذا البلد.
أسباب إدراج دولة الإمارات في القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي FATF
القائمة الرمادية هي فرقة عمل معنية بالإجراءات المالية الحكومية الدولية، والتي تأسست في عام 1989 بمبادرة من مجموعة السبعة لمكافحة غسيل الأموال.
يجب مراقبة البلدان المدرجة في هذه القائمة عن كثب بحثًا عن المخالفات المالية، وأسباب إدراجها في هذه القائمة هي القضايا المتعلقة بأوجه القصور الاستراتيجية. وفي هذا الصدد، في وقت متأخر من يوم الجمعة، 4 فبراير، أضافت مجموعة العمل المالي ومقرها باريس الإمارات العربية المتحدة إلى هذه القائمة.
وعزت المنظمة هذه الخطوة إلى مخاوف من أن الإمارات لا تفعل ما يكفي لمنع إخفاء ثروات المجرمين والمتشددين. كما دعت المنظمة دولة الإمارات إلى تنفيذ خطة عمل لإظهار الزيادة المطردة في التحقيقات والملاحقات القضائية الفعالة لمختلف أنواع قضايا غسيل الأموال، من أجل مراقبة أداء هذه الدولة في قضايا غسيل الأموال.
وفي وقت سابق، قال مركز الدراسات الدفاعية المتقدمة ومقره واشنطن في تقرير عام 2018: "لقد استغل المستفيدون من الحرب ومموّلو الإرهاب وتجار المخدرات المدعومون من الولايات المتحدة سوق العقارات المزدهر في دبي، وأصبحت هذه المدينة ملاذًا آمنًا لأموالهم".
ورداً على ذلك، شدد المسؤولون الإماراتيون على الإجراءات القوية التي تتخذها هذه الدولة ضد غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. وقال المكتب التنفيذي لدولة الإمارات العربية المتحدة في بيان إن "الإمارات تأخذ دورها على محمل الجد في حماية سلامة النظام المالي العالمي".
وأضاف إن "الدولة ستواصل جهودها الجارية لتحديد وتدمير ومعاقبة المجرمين والشبكات المالية غير الشرعية، وستلتزم باتخاذ خطوات قوية ومتسقة لضمان استقرار وسلامة نظامها المالي".
لكن في حين سعت الإمارات إلى أن تصبح مركزًا تجاريًا إقليميًا ودوليًا في العقود الأخيرة، فقد أدی ذلك إلی توجُّه الحكومات والشركات التي تفرض عليها الولايات المتحدة العقوبات، نحو الإمارات للالتفاف على العقوبات.
والآن، في الوقت الذي يرى فيه الغرب أن الأداة الوحيدة لمواجهة العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا هي العقوبات الاقتصادية، ويسعى بلا شك إلى سد الثغرات التي تتخطى روسيا من خلالها العقوبات قدر الإمكان، فإن وضع الإمارات(التي امتنعت عن التصويت في مجلس الأمن على قرار مناهض لروسيا) على القائمة الرمادية الدولية لغسيل الأموال قد يعني تحذير أبو ظبي للتأكد من أن الشركات الاقتصادية الدولية العاملة في هذا البلد لا تتحايل على العقوبات ضد روسيا.
ما هي آثار القائمة الرمادية؟
تمكنت دولة الإمارات العربية المتحدة في السنوات الأخيرة من ترسيخ مكانتها كمركز رئيسي للتجارة والسياحة في غرب آسيا، فضلاً عن كونها مركزًا ماليًا إقليميًا، من خلال توفير الأسس اللازمة للتجارة والاستثمار في هذا البلد، وخاصةً في مشيخة دبي.
لكن في غضون ذلك، فإن إدراج دولة الإمارات في القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي الذي يتخذ من باريس مقراً له، جعل هذا القرار أهم خطوة من قبل مجموعة العمل المالي في تاريخها الممتد 30 عاماً.
لأنه نظرًا لجهود هذه الدولة في جذب المستثمرين من جهة، ومنافستها الإقليمية المالية مع السعودية من جهة أخرى، فقد يؤثر ذلك على سمعتها التجارية، ويزيد مخاطر الاستثمار وتكلفة المعاملات المالية مع هذا البلد وتقليل تصنيفها الائتماني.
وفي هذا الصدد، قال صندوق النقد الدولي في تقرير صدر العام الماضي، إن البلدان المدرجة في القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي قد شهدت انخفاضًا كبيرًا في تدفقات رأس المال.
ولذلك، يمكن اعتبار مثل هذا الحدث بمثابة إشارة تحذير للاقتصاد المتنامي لدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي بذلت قصارى جهدها من أجل التنمية الاقتصادية والاستثمار، وتحلم بأن تصبح سويسرا غرب آسيا، حسب وزير الدولة الإماراتي.