الوقت - قال وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي، خلال الدورة 49 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، إن المغرب يتشبث فيما يتعلق بقضية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية بـ«المسلسل السياسي تحت الرعاية الحصرية للأمم المتحدة، بغية التوصل إلى الحل السياسي الواقعي والبراغماتي المستدام، والمبني على التوافق»، وفقاً لقرارات مجلس الأمن.
وأوضح وهبي أن المملكة المغربية تستمر في دعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي، ستافان دي ميستورا، الهادفة إلى إعادة إطلاق مسلسل الموائد المستديرة التي عقدت في ديسمبر 2018، ومارس 2019 بمشاركة كل الأطراف.
وذكر وهبي أن الحل، حسبما قال العاهل المغربي الملك محمد السادس، «لا يكمن إلا في إطار الوحدة الترابية والسيادة الوطنية للمملكة»، موضحاً أن المملكة المغربية قدمت «مقترح الحكم الذاتي» لحل نزاع الصحراء المغربية، والذي ثمنه الكثير من الأصدقاء والملاحظين، بل اعتبره مجلس الأمن مبادرة جادة وذات مصداقية، والأفق الوحيد للمسلسل السياسي الأممي.
وفي هذا السياق اعتبر وهبي أن ما يعزز صدقية مقترح المغرب هو أن سكان الصحراء «شاركوا بشكل كبير وموسع في الانتخابات الأخيرة، حيث تصدرت أقاليم الصحراء المغربية نسبة المشاركة المسجلة في هذه الاستحقاقات، فاقت بكثير المعدل الوطني المسجل في 50.35 في المئة، حيث بلغت نسبة المشاركة 66.94 في المئة في جهة العيون – الساقية الحمراء، و58.30 في المئة في جهة الداخلة – وادي الذهب».
ودخل المغرب وجبهة بوليساريو، في حرب حول الصحراء، بين 1975 و1991 بعد خروج الاستعمار الاسباني من المنطقة، وتوقفت بداية التسعينات بعد اتفاق بموجب اتفاق أممي، وتم نشر بعثة تابعة للأمم المتحدة "قوات المينورسو" للإشراف على تطبيقها.
وفشلت وساطات الأمم المتحدة، عبر مبعوثيها، في التوصل إلى تسوية للنزاع، حيث يعتبر الإيطالي ستيفان دي مستورا ثامن مبعوث للأمين العام للأمم المتحدة إلى إقليم الصحراء، بعد تعيينه بالمنصب في 6 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
وسبق أن اقترح، مبعوثون شغلوا المنصب نفسه خططا للتسوية، منها ما كان أقرب للتحقق، وأخرى تم رفضها.
ومنذ 1975، هناك نزاع بين المغرب وجبهة "البوليساريو" حول إقليم الصحراء، بدأ بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة.
وتحول الصراع إلى مواجهة مسلحة استمرت حتى 1991، وتوقفت بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار اعتبر "الكركرات" منطقة منزوعة السلاح.
وفشل المبعوث السابق الدبلوماسي الألماني هورست كوهلر الذي تم تعيينه من قبل الأمين العام الحالي للأمم المتحدة الحالي أنطونيو غوتيريش، مبعوثا شخصيا له للصحراء عام 2017 واستمر عمله إلى 2019.
وقام كوهلر بتنظيم مائدتين مستديرتين بمشاركة كل من المغرب والبوليساريو والجزائر وموريتانيا، الأولى في ديسمبر/ كانون الأول 2018، والثانية في مارس 2019 في جنيف.
وفي مايو 2019، أعلنت الأمم المتحدة استقالة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، هورست كوهلر لدواع صحية.
ورفع المبعوث السابق الدبلوماسي الألماني يديه عن الملف بعد وصوله للباب المسدود أمام غياب أرضية مشتركة بين الأطراف المعنية بالملف، حيث يُصِّر المغرب على مقترح الحكم الذاتي حلا لتسوية النزاع، في الوقت الذي لا تريد البوليساريو ومن ورائها الجزائر، بديلاً عن خيار الاستفتاء وتقرير المصير. والاهم من ذلك عدم وجود اجماع دولي على طريقة الحل.
يأتي حديث النظام المغربي عن مقترح الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء نتيجة شعوره بالخطر خاصة بعد فشل الحصول على الاعترافات التي بدأها ترامب بأن الصحراء هي جزء من المغرب. أيضاً يشعر المسؤولون الصحراويون أن الوضع جيد الآن للاستقلال، لذلك يحاول المسؤولون المغاربة إبقاء القضية ضمن نطاق الحكم الذاتي.
كما يبدو أن مشاركة الأمين العام لجبهة البوليساريو ابراهيم غالي في قمة بروكسل، عجلت بإتخاذ المغرب هكذا قرار، حيث قال السفير الصحراوي بالجزائر، عبد القادر طالب عمر، إن مشاركة الرئيس الصحراوي، إبراهيم غالي، في القمة الإفريقية الأوروبية ببروكسل، “تعتبر صفعة للمغرب الذي حاول تخريب العلاقات مع الدول الاوروبية كألمانيا واسبانيا” وتمهيدا لجلوس الصحراء الغربية في الجمعية العامة للأمم المتحدة ورفع العلم الصحراوي هناك.
وأكد السفير، عبد القادر طالب عمر، بمناسبة الذكرى الـ46 لتأسيس جمهورية الصحراء الغربية الموافق لـ 27 فبراير 1976 أن القمة الإفريقية الأوروبية التي جرت ببروكسل، والتي جمعت 82 دولة في العالم أغلبيتهم يعترفون بوجود الصحراء الغربية، كانت “مميزة وتدل على أن مراهنات النظام المغربي على تجميد عضوية الصحراء الغربية في الاتحاد الإفريقي فشلت فشلا ذريعا”.
ويرى مراقبون بوصول المغرب إلى هذا القرار بعد محاولاته تنفيذ خطة للضغط على بعض دول الإتحاد الأوروبي ليفرض عليها الإعتراف له بالسيادة علي الصحراء الغربية ولكن وقف حضور الرئيس الصحراوي عقبة جلية أمام الاحلام المغربية.
وبالنظر إلى أن المحطة القادمة في العلاقات المغربية - الاوروبية ستعرف، تأكيد محكمة العدل الاوروبية لبطلان الاتفاقيات المبرمة بين المغرب والإتحاد الاوروبى، التي بموجبها يتم نهب الثروات الصحراوية، فإن حضور الرئيس الصحراوي مع قادة أوروبا في عاصمة اتحادهم شكل عاملا سياسيا قويا يثبت الطبيعة غير الأخلاقية لتلك الاتفاقيات وتعارضها مع القانون الدولى والمبادىء التي يتبناها الإتحاد الاوروبي بالإضافة إلى تناقضها مع الواقع الذى تمثله الدولة الصحراوية بغض النظر عن طبيعة علاقات الإتحاد ودوله بها.
شكلت قمة بروكسل وحضور الرئيس الصحراوي على قدم المساواة مع نظرائه من القارتين الأفريقية والاوروبية، رصاصة الرحمة في نعش الإستراتيجية التوسعية المغربية وهذا يفسر التخبط المغربي الأخير الواضح. وبالإضافة إلى كل ما سبق يظهر أن مسؤولي الرباط يمارسون لعبة تتغير قواعدها على مدار الساعة ويكون ذلك سبباً لمشادات ومنازعات يتم تجاوزها في اليوم التالي ليعاودوا لعبتم من جديد .لكن في نهاية المطاف فإن الشعب الصحراوي لا ينظر إلا إلى المحطة القادمة التي ستكون أبعد من الحكم الذاتي.