الوقت- هناك الكثير من الحديث هذه الأيام عن الحرب الروسية الأوكرانية، من الإذاعة والتلفزيون إلى المواقع والقنوات والشبكات الاجتماعية حول العالم.
هذه الأزمة الاجتماعية وجدت طريقها إلى الرياضة أيضًا، كما هو الحال دائمًا، وشهدنا في الأيام الأخيرة العديد من ردود الفعل السلبية والإدانات من الاتحادات والأندية والمنتخبات الوطنية والمشاهير الرياضيين، وتم انتزاع استضافة العديد من المباريات من روسيا.
وفي بعض المباريات، احتجت الفرق المشارکة على الهجوم الروسي علی أوكرانيا من خلال رفع العلم الأوكراني.
لكن السؤال الأول الذي يتبادر إلى الذهن مع ردود الفعل هذه، هو ألم نؤكد دائمًا أن شعار المؤسسات الرياضية الدولية هو شعار فصل السياسة عن الرياضة ؟! لكن في الممارسة العملية نرى سياسة الكيل بمكيالين بشکل واضح وجلي.
لسنوات، شهدنا إجراء القرعة في المسابقات الرياضية، وخاصةً في أوروبا، بطريقة لا تؤدي إلی مواجهة الفريقين الروسي والأوكراني معاً(وهي سياسة لافتة بحد ذاتها!).
ومع ذلك، قد يكون من المنطقي انتزاع استضافة الفرق الروسية والأوكرانية للأحداث الرياضية، بسبب تورط حكومتي البلدين في الحرب، ونقل المباريات التي كان من المقرر عقدها في هذين البلدين إلى أرض محايدة، مثل مباريات العراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين وأفغانستان. لكن استبعاد فريق أو نادٍ من المنافسات بحجة حربٍ تخوضها حکومة ذلك البلد، فلا يتوافق مع الروح الرياضية!
في السنوات الأخيرة، شهدنا جميعًا الصراع السياسي بين إيران والسعودية، وفي فترة ما کانت المباريات بين البلدين تنتقل إلى أرض محايدة مثل الإمارات، وذلك عندما لم تكن هناك حرب بين الجانبين. لكن التسييس الذي تمارسه مؤسسة دولية بحجة انعدام الأمن في إيران، كما قلنا، تسبب عملياً في نسيان شعار فصل السياسة عن الرياضة.
إن الإعلان الرسمي عن انسحاب منتخبات بولندا والسويد والتشيك من المباراة ضد منتخب روسيا في مباراة ملحق مونديال 2022 مثير أيضًا من نوعه، ويبقى أن نرى ما إذا كان الفيفا سيوافق على هذا الطلب أم إنه سيظهر عمليًا أن التدخل السياسي في الرياضة لا معنى له؟
والمثير للدهشة أننا لم نشهد فقط حرمان الدولة السعودية المعتدية علی اليمن في مجال الرياضة، بل استضافت أيضاً مسابقات رياضية مثل كرة القدم! حتى أننا شهدنا إقامة كأس السوبر لبعض الدول الأوروبية البارزة في السعودية.
ولذلك، ينبغي أن نسأل إذا کان العدوان والحرب أمر مدان ومستهجن في جميع أنحاء العالم، فماذا تقول هذه التناقضات؟
استناداً إلی حجة هذه المؤسسات، فإن إقامة مسابقات الفورمولا 1 في البحرين، رغم كل الاحتجاجات العالمية والشعبية، أو عرض الاستضافة المشتركة لكأس العالم علی الکيان الصهيوني والإمارات من قبل رئيس الفيفا، لا يعتبر تدخلاً سياسيًا في الرياضة على الإطلاق!
وبالنسبة للکيان الصهيوني أيضًا فلا حاجة لقول شيء جديد، حيث تدين إيران وبعض الدول الإسلامية لسنوات هجمات الکيان الوحشية، وترفض مواجهة فرقه الرياضية. لكن لدهشتنا، نرى أن المؤسسات الرياضية الدولية قد تعاملت مع ذلك بفرض عقوبات شديدة، لتبين كم أن السياسة لا تتدخل في الرياضة!!
إن الحكومة البريطانية التي تلغي تأشيرة فريق كرة السلة البيلاروسي، بحجة تعاون الحكومة البيلاروسية مع روسيا في الحرب مع أوكرانيا، أو تعلن أنها لن تسمح للروسي "رومان أبراموفيتش" بدخول بريطانيا، فما ردها على تسليم ملكية نادي نيوكاسل للسعوديين؟!
من المثير للاهتمام معرفة أنه في يونيو من هذا العام، خلال المباراة بين منتخبي أوكرانيا ومقدونيا في يورو 2020، أهان المشجعون الأوكرانيون فلاديمير بوتين مرارًا وتكرارًا، وأُعلن أن أوكرانيا ستواجه على الأرجح غرامات كبيرة من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، لكن لم يحدث شيء!
بالنظر إلى هذه الأمثلة، ندرك التناقض في شعارات وأعمال المؤسسات الرياضية الدولية، ونرى أن الحرب وهجوم دولة على دولة أخرى مدان عندما لا تكون مصلحتهم فيه، ويغضون الطرف عنه متى شاؤوا.