الوقت - أثارت الزيارة المفاجئة لبابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، البابا تواضروس الثاني، إلى القدس المحتلة ردود أفعال غاضبة في الكثير من الأوساط السياسية والشعبية والاعلامية المصرية باعتبارها تمثل تطبيعاً واضحاً مع الكيان الإسرائيلي، وشرخاً في جدار مقاطعة هذا الكيان، لا سيما أنها الزيارة الأولى لشخصية تعتلي كرسي البابوية المصرية منذ الاحتلال الإسرائيلي للمدينة عام 1967.
وأكد عبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب "مصر القوية" إنّ هذه الزيارة تمثل شرخ في جدار المقاومة الشعبية. وكتب أبو الفتوح في حسابه على تويتر "الكنيسة المصرية هي كنيسة للوطن، وأن زيارة البابا توضروس للقدس على رأس وفد كنسي ضم 8 من كبار القساوسة للمشاركة في جنازة الأنبا ابراهام، مطران القدس والشرق الأدنى، تعد شرخاً في جدار المقاومة الشعبية للتطبيع مع العدو الصهيوني، وهو خطأ يتحمله البابا وحده".
وكان البابا الراحل شنودة الثالث قد حرّم سفر الأقباط المصريين إلى القدس حتى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن المدينة المقدسة.
وشنّ حزب "مصر القوية" هجوماً حاداً على زيارة بطريرك الكرازة المرقسية الى القدس، معتبراً إياها بأنّها تمثل خرقاً لحالة الإجماع الشعبي الموحد حول قضية التطبيع.
وأضاف الحزب في بيان "كنا نفتخر نحن المصريين بكافة انتماءاتنا الدينية والسياسية بموقف الكنيسة الأرثوذكسية المصرية الحازم تجاه رفض مظاهر التطبيع مع الكيان الصهيوني منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد". وأوضح الحزب: "كنا نعتبر أن موقف البابا شنودة الثالث برفض زيارة القدس إلاّ في صحبة شيخ الأزهر دليل دامغ على أن هناك موقفاً شعبياً موحداً ضد ممارسات العدو الصهيوني واحتلاله لمدينة القدس بمقدساتها الدينية كافة".
وتعد الزيارة خرقاً واضحاً لقرار المجمع المقدس في مارس/آذار 1980، بمنع زيارة المدينة المقدسة رفضاً للتطبيع مع الكيان الصهيوني في أعقاب توقيع الرئيس المصري الأسبق أنور السادات اتفاقية "كامب ديفيد" مع الاحتلال الإسرائيلي.
من جانبه وصف حزب "الكرامة" المصري سفر البابا تواضروس للقدس بأنه مخالف لثوابت الكنيسة وكسراً لمقاطعة السفر للقدس طالما بقيت فلسطين تحت الاحتلال الإسرائيلي.
في هذا السياق كتبت الكثير من الصحف بينها صحيفة "الشروق"ما مضمونه بأن البابا تواضروس الثاني كسر قرار سابقه البابا شنودة الثالث، وسافر إلى القدس المحتلة دون تحقيق شرط أن يزورها المسلمون والأقباط معاً بعد تحريرها من الاحتلال، فيما أكدت شخصيات سياسية ودينية مصرية بأن الزيارة فاجأت المصريين بزيارة إسرائيل للمشاركة في تشييع جنازة الأنبا أبراهام".
كما أعلن عدد من الإعلاميين والمفكرين والناشطين الأقباط رفضهم الشديد للزيارة المفاجئة التي قام بها بابا الإسكندرية إلى القدس المحتلة، فيما انتقدت شخصيات قبطية الزيارة، واعتبرت أنها تفتح باب التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
بدوره أكد المفكر القبطي سليمان شفيق: "لا يليق بالبابا أن يأخذ هذا القرار بهذه السرعة، متسائلا: أين ذهب حكماء المقر البابوي؟ مشدداً على أن الزيارة مخالفة للقرارات الكنسية المصرية السابقة".
من جهته قال المفكر والكاتب القبطي جمال أسعد إن زيارة البابا للقدس تمثل إعلاناً غير مباشر لفتح الطريق أمام الأقباط لزيارة القدس في المستقبل. وأكد أنه ضد زيارة القدس تحت أي مسمى لأنها تحت الاحتلال الصهيوني.
كما استنكر الناشط الحقوقي جرجس بشرى الزيارة مؤكداً أن موقف الكنيسة واضح تجاه الكيان الصهيوني الغاشم المغتصب للأراضي الفلسطينية، معتبراً أن ما حدث في الزيارة يعد تطبيعاً مع الكيان الصهيوني وهو ما يرفضه الشعب المصري، مشيراً إلى أن الزيارة تعد اعترافاً رسمياً من الكنيسة المصرية بشرعية احتلال الأراضي الفلسطينية.
من جهته رفض خليل عطية أحد أعضاء "حزب المصريين الاحرار" الزيارة مؤكداً أنها تعد انقلاباً على الثوابت التاريخية للكنيسة التي كانت منذ اللحظات الأولى للاحتلال الصهيوني ضد زيارة القدس، مشيراً إلى أن البابا شنودة أعلن أكثر من مرة أنه ضد التطبيع وأنه لن يدخل القدس إلاّ مع المسلمين بعد تحرير القدس.
من جهته إعتبر الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية الزيارة بأنها تعد موقفاً تطبيعياً من الطراز الأول بشرعية الكيان الصهيوني المسمى إسرائيل، وأن الزيارة ستفتح الباب على مصراعيه لمن يريد الذهاب إلى القدس، إذ يعتبرون أن زيارة البابا بمثابة الضوء الأخضر للجميع وأنه قرار ضمني بإلغاء قرار الحظر الوطني الذي أصدره البابا شنودة، منوّهاً بأن الجميع في مصر يرفض زيارة القدس بتأشيرة دخول إسرائيلية، واصفاً المبررات التي قدمها البابا لزيارة القدس بتقديم العزاء بأنها حجج واهية.
من جانبها رأت لجنة القدس في اتحاد الأطباء العرب في الزيارة خرقاً لحالة الإجماع الشعبي الموحد حول قضية التطبيع ومخالفة للثوابت الوطنية الراسخة ولقرار البابا الراحل شنودة الثالث بعدم زيارة القدس تحت أي سبب من الأسباب حتى يتم تحريرها.
ورفض رئيس اللجنة والأمين العام المساعد لاتحاد الأطباء العرب جمال عبد السلام الزيارة معتبراً أنها تفتح الباب للتعامل السلبي مع طريقة فرض الأمر الواقع التي يتبعها الكيان الصهيوني خاصة فى ظل انتهاكاته المستمرة ضد المقدسات الإسلامية والمسيحية وضد الشعب الفلسطيني الشقيق.
من جهته أكد حزب "الحرية والعدالة" المصري إنه عار على الكنيسة المصرية أن تكون خنجراً في أيدي الصهاينة ضد المقدسات الإسلامية والمسيحية فى القدس، فيما رفض المفكر المصري محمد سيف الدولة في منشور عبر صفحته على موقع "فيسبوك" زيارة تواضروس لفلسطين المحتلة بتأشيرة إسرائيلية.
وكان تواضروس والوفد المرافق له أنهوا إجراءات سفرهم من صالة كبار الزوار على رحلة طيران "إيرسينا" المتجهة إلى تل أبيب وغادر على الرحلة نفسها "حاييم كورين" سفير الكيان إسرائيل لدى القاهرة.