الوقت - بعد سبعة أشهر من انتخاب ديفيد بارنيع رئيساً لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد خلفا ليوسي كوهين، استقال رابع قائد كبير للموساد في وحدة العمليات الخاصة بهذه المؤسسة. وتعزو بعض وسائل الإعلام سبب الاستقالة، مثل كبار المسؤولين الثلاثة الآخرين، إلى الخلاف بين قادة الموساد ورئيسه.
وفي هذا السياق، قالت القناة 13 الإسرائيلية ان "ديفيد بارنيغ وصف رئيس الموساد ومسؤولين آخرين بأنهم عبء إضافي على الموساد". بدورها قالت صحيفة هآرتس إن "بارنيا أراد إجراء تغييرات كبيرة على الطريقة التي تعمل بها الوحدة تحت قيادة هذا القائد بسبب مشاكل عمليات العملاء الإسرائيليين في الخارج ، لكن هذا القائد لم ينفذها كما أراد".
انقسامات في هيكل الموساد والأزمة الأمنية
وردت تقارير في الأشهر الأخيرة عن خلافات بين قادة الموساد وعملائه ، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الانقسامات الداخلية داخل هذه المؤسسة، فعلى سبيل المثال في العام الماضي فقط ، استقالت شخصيات رفيعة المستوى مثل رئيس وحدة التكنولوجيا في الموساد ورئيس العمليات ورئيس مكافحة الإرهاب في الموساد بسبب خلافات عميقة مع مدير الموساد. والسبب في ذلك، إضافة إلى الخلافات الداخلية بين القادة ورئيس هذه المؤسسة، يمكن أن يعزى إلى إخفاقات وعجز الموساد خلال السنوات الأخيرة عن متابعة وتحقيق أهداف الموساد في المنطقة والعالم.
إضافة إلى ذلك، واجهت المؤسسة في الأشهر الأخيرة مشاكل في تجنيد وتوظيف عملاء جدد في أجزاء مختلفة من العالم ، مما دفع بارنيا إلى التفكير في إجراء تغييرات واسعة النطاق في الموساد ، فتحولت كيفية تنفيذ هذه التغييرات وتطبيقها إلى تحدي جديد داخل الموساد.
و في الأشهر الأخيرة أيضاً ، ازداد عدد الهجمات السيبرانية على مختلف إدارات ومؤسسات ومنشآت الكيان الصهيوني ، وتم الكشف عن الكثير من المعلومات المتعلقة بهذا الكيان، مما يدل على ضعف مؤسساته الأمنية والاستخباراتية. الأمر الذي يشكك أكثر من أي وقت مضى بأمن وكفاءة أجهزة المخابرات الإسرائيلية.
آثار وتداعيات الأزمة الأمنية في إسرائيل
إن أنباء استقالة عدد من كبار عملاء الموساد ، إلى جانب قضايا مثل الهجمات الإلكترونية العديدة على الكيان، وأنباء اعتقال متهمين بالتجسس ضد إسرائيل، ومشاكل تل أبيب في التجنيد ، وتدمير شبكات تجسس من قبل بعض دول المنطقة ، وعجز جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) وجهاز التجسس التابعة له (الموساد) امام المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة ، ومعارضة أعضاء الموساد للتغييرات التي خطط لها بارنيا ، إلى جانب احتمال استقالة عملاء ومسؤولين آخرين من الموساد خلال الأيام المقبلة ، كلها تشير إلى تصاعد الأزمة الأمنية داخل هذا الكيان.
وفي هذا الصدد، أكد المشاركون في المؤتمر الأمني - السياسي تحت عنوان "ما هي الاستراتيجية التي تحتاجها إسرائيل؟" الذي عقده في الأيام الأخيرة معهد السياسات والاستراتيجيات الإسرائيلية وجامعة ريتشمان، على حقيقة أن الكيان الصهيوني يواجه العديد من التهديدات الداخلية والخارجية. وقالوا: "من بين هذه التهديدات عدم وجود استراتيجية أساسية في صنع القرار في مؤسسة الأمن الداخلي للكيان الصهيوني".
كما نشر الرئيس السابق لجهاز الأمن العام (الشاباك) التابع للكيان الصهيوني يوفال ديسكين، مقالاً في صحيفة يديعوت أحرونوت ، أكد فيه احتمال انهيار إسرائيل في المستقبل. وكتب ان "التهديد لإسرائيل ليس ملف إيران النووي أو حزب الله لبنان أو الإسلام الراديكالي فحسب، بل في الواقع إن التوجهات الداخلية والمشاكل الهيكلية هي التي تشكل تهديدا حقيقيا للكيان الصهيوني".
لذلك، يمكن الاستنتاج أن محاولة تغيير هيكل الموساد خلال رئاسة ديفيد بارنيا لهذه المؤسسة تظهر خلاف قادة ومسؤولي هذا البلد بشأن نهج واستراتيجية الموساد في التعامل مع التهديدات الخارجية. حيث سيجعل هذا الخلاف كفاءة هذه المنظمة تواجه تحدياً جدياً على المدى المتوسط. إضافة إلى ذلك ، ورغم التهديدات الخارجية للكيان، إلا أن المسؤولين الصهاينة يؤكدون على التهديدات الداخلية للكيان أكثر من التهديدات الخارجية ، لأن هذه التهديدات تظهر ضعف الكيان في إدارتها ومعالجتها، وتعكس حقيقة ان الانقسامات والأزمات الداخلية في إسرائيل جعلت مواطنيها ومسؤوليها مترددين أكثر من أي وقت مضى بشأن مستقبل بقاء إسرائيل. كما أن استمرار هذا الوضع يمكن أن يمهد الطريق لإضعاف هذا الكيان وانهياره في المستقبل القريب.