الوقت- قال مصدر قيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس أن الكيان الإسرائيلي مسؤول عن تداعيات المماطلة في رفع الحصار عن قطاع غزة والتلكؤ في إعادة الإعمار، في حين دعا وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس الفصائل لتحقيق هدوء طويل الأمد في القطاع.
وكان مصدر قيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قال إن القيادتين السياسية والعسكرية للحركة تدرسان خيارات التصعيد مع الكيان الإسرائيلي، في ظل استمرار الحصار على قطاع غزة والتباطؤ في إعادة الإعمار وتفاقم الأزمات الإنسانية، وانتقد القيادي سياسات مصر تجاه القطاع.
وذكر المصدر القيادي أن استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى ومصادرة الأراضي وتشديد الإجراءات ضد الأسرى، هو بمثابة الصاعق الذي سيفجر الأوضاع من جديد، حسب تعبيره.
ووفق القيادي في حماس، فإن الخيارات المطروحة هي التصعيد الشعبي وكسر الحصار البحري بقوة المقاومة والخيار العسكري المطروح بقوة. وتابع "لن نسمح باستمرار الوضع الحالي، والمرحلة القادمة ستثبت مصداقية ما نقول".
الدور المصري في الوساطة
لم يخف هذا القيادي في حركة المقاومة الاسلامية حماس استياء الحركة الشديد من سلوك مصر التي تتلكأ في تنفيذ وعودها تجاه غزة ولم تلتزم حتى اللحظة بما تعهدت به للحركة والفصائل الفلسطينية فيما يتعلق بإعادة الإعمار في القطاع، كما أوضح أن مصر "تواصل التنغيص على المسافرين الفلسطينيين إلى قطاع غزة"، واتهمها بمنع الآلاف من السفر من القطاع دون مبرر.
وأضاف إن سلوك مصر يعتبر تخلياً عن تعهدها بإلزام الكيان الإسرائيلي مقابل التزام المقاومة بالتهدئة.
وفي هذا السياق قال الكاتب والباحث السياسي الفلسطيني مصطفى الصواف إن الجانب المصري لا يمارس دور الوسيط في الملف الفلسطيني، بل دور الضاغط على الفلسطينيين وفصائل المقاومة. وأشار الصواف إلى أنه لم يتم تنفيذ أي من الوعود التي قطعها الجانب المصري بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة.
أما الباحث الإسرائيلي شلومو غانور قال إن الكيان الإسرائيلي استفاد من الدرس، وإن الاكتفاء بسلاح الجو لا يحسم المعركة في غزة.
كما قال مجدي شندي رئيس تحرير صحيفة "المشهد" الأسبوعية المصرية إن مصر لم تتوقف عن أداء دورها تجاه الفلسطينيين، سواء في الضفة أو في قطاع غزة.
وأضاف شندي إن مسألة إعادة الإعمار في غزة مرتبطة بضرورة تثبيت الأمن، والتوصل إلى تسوية لجملة من الأزمات الداخلية.
يذكر أن الاحتلال الإسرائيلي شنّ لمدة 11 يوماً عدواناً على قطاع غزة، انتهى بوقف لإطلاق النار يوم 21 مايو/أيار الماضي. وتسبب الهجوم في تدمير 1335 منشأة سكنية بشكل كامل أو بليغ، في حين لحق الضرر المتوسط والجزئي بحوالي 12 ألفا و886 منزلا، وذلك حسب احصاءات المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة.
الرد الاسرائيلي على التصعيد الحمساوي
رد الكيان الإسرائيلي على تلويح حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالتصعيد بوضع شروط لتخفيف الحصار عن غزة، وذلك بإعلانها عن اكتمال بناء جدار على حدود القطاع، في حين أكدت الأمم المتحدة أن الحصار فاقم الوضع الإنساني في غزة.
وفي هذا السياق قال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس خلال الاحتفال بانتهاء جيش الاحتلال الإسرائيلي من تشييد جدار على الحدود مع قطاع غزة بعد 3 سنوات ونصف السنة من البدء فيه- إن الكيان الإسرائيلي يستخدم وسائط بسيطة لوقف ما وصفه بالإرهاب وتعاظم قوة حركة حماس، وتحقيق هدوء لأمد طويل، وإعادة البناء، حسب تعبيره.
وأضاف "من أجل تغيير الواقع في غزة مطالبنا بسيطة وواضحة: وقف التعزيز العسكري لحماس، والهدوء طويل الأمد، وعودة أبنائنا الجنود الأسرى والمفقودين".
كما دعا غانتس حركة حماس إلى الاهتمام بهذه الأمور بدل الاشتغال بما وصفها "تهديدات فارغة".
وفيما يخص الجدار الذي يمتد تحت الأرض، قال وزير الدفاع الإسرائيلي إنه مشروع مبتكر ومتقدم تكنولوجيا يحرم حماس من إحدى القدرات التي حاولت تطويرها، ويوفر للإسرائيليين شعوراً بالأمن، على حد تعبيره.
ووفقا لوزارة الدفاع الإسرائيلية، فإن الجدار يمتد 65 كيلومترا ويبلغ ارتفاعه 6 أمتار، ومجهز برادارات وكاميرات ونظام للمراقبة البحرية، وجزء منه حاجز بحري مجهز بوسائل لكشف التسلل عن طريق البحر ونظام أسلحة يتم التحكم فيه عن بعد.
الآثار الإنسانية لحصار القطاع
من جهتها قالت المفوضة الأممية السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه خلال اجتماع اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني حقوقه غير القابلة للتصرف إن سكان قطاع غزة ما زالوا يعانون من حصار بري وبحري وجوي خانق منذ 15 عاماً، وهذا أدى إلى تدهور مستمر ومدمر للغاية في حالة حقوق الإنسان والوضع الإنساني في القطاع.
وأضافت باشليه إن القيود الشديدة المفروضة على الحركة والحق بالحصول على أبسط السلع والخدمات الأساسية تولد معاناة كبيرة. كما أعربت المفوضية الأممية عن قلقها بسبب الظروف الإنسانية رغم السماح بدخول بعض البضائع عبر معبر كرم أبو سالم الذي يسيطر عليه الكيان الإسرائيلي، فضلاً عن معبر رفح الذي تسيطر عليه مصر.
خارطة الطريق لدى حركة حماس
قبيل الإعلان عن الإشارات السلبية لحركة “حماس” تجاه القاهرة، قدمت حركة المقاومة الاسلامية حماس ورقة عمل لمصر تركزت في الدعوة إلى إعادة ترتيب البيت الفلسطيني على أساس مشروع شامل ومتكامل للمقاومة، والتأكيد أن هدف تحرير فلسطين هدف ثابت، ولن يتم التراجع عنه تحت أي ظرف من الظروف، كما تضمنت رؤية الحركة السياسية للمرحلة المقبلة، والتي تشمل العلاقات الداخلية والخارجية للحركة، وبنيت الورقة على أساس العمل وفق وثيقة الحركة المعلن عنها عام 2017، وهي تشمل مبادرة جديدة لإحياء ملف المصالحة على أساس الانتخابات الشاملة لكل المؤسسات، بدءاً من المجلس الوطني لمنظمة التحرير وصولاً إلى المجلس التشريعي والرئاسة، كما تضمنت المبادرة عقد جلسات حوار للتوصل إلى حلول توافقية بشأن قضايا القدس والتدخلات الإسرائيلي في الساحة الفلسطينية، بما يؤدي إلى سحب كل الذرائع التي تعيق المصالحة وإعادة بناء البيت السياسي الفلسطيني، وإعادة ترتيب منظمة التحرير الفلسطينية لتكون إطاراً جامعاً للفصائل كافة، وإنهاء حال التفرد في القرارات من قِبل حركة “فتح”.
أما بخصوص تبادل الأسرى، فأوردت الحركة، في رؤيتها، أنه طالما كان هناك أسرى في السجون الإسرائيلية، فإنها لن تتوقف عن جهودها لأسر مزيد من الجنود الإسرائيليين، بما يتيح إبرام صفقات تبادل، وأنها لن تقبل مقايضة ملف الأسرى الأربعة لديها بأي ملفات أخرى، وأعادت “حماس” طرح مقترحها المتصل بإبرام صفقة على مرحلتين: الأولى تشمل الإفراج عن الأسيرات والأطفال والمرضى وكبار السن، والثانية يطلَق خلالها سراح ذوي الأحكام العالية، مؤكدة أنها قدمت خلال الفترة الماضية التنازلات اللازمة لتمضي الصفقة، إلا أن المعضلة تمثلت دائماً في مماطلة الكيان الإسرائيلي .
يبدو أن الكيان الاسرائيلي لا يرغب في الانشغال بجبهة غزة الآن، ذلك لأنه يركز كل جهده حالياً على ما ستؤول إليه المحادثات حول الملف الايراني ولا يرغب في أن ينشغل بجبهة قطاع غزة. ولكنه غير مستعد لنزع الفتائل، وتغيير سياساته تجاه القطاع، أو تسهيل مهمة الوسيط المصري. قضية حماس والفصائل ودوافعها للتصعيد لا تقف عند حدود الممارسات الاسرائيلية ضد قطاع غزة، وانما ترتبط ايضاً بما تقوم به في الضفة والقدس بشكل خاص، حيث يصعد الكيان الإسرائيلي إجراءاته التوسعية والقمعية على نحو غير مسبوق. هذه الحقائق سواء الغضب الذي عبّر عنه الرئيس عباس، او الغضب الذي تعبر عنه فصائل المقاومة، واحتمالات التصعيد السياسي في الضفة والعسكري في غزة يفترض أن تدفع الولايات المتحدة، والدول الأوروبية للتحرك بجدية وفعالية قبل فوات الأوان، وإلا فإن عليها أن تتحمل النتائج والتبعات.