الوقت - بعد شائعات كثيرة حول زيارة كبار المسؤولين الصهاينة إلى البحرين، تمت هذه الزيارة المثيرة للجدل أخيرًا أمس، ولأول مرة في زيارة رسمية لوزير خارجية الكيان إلى هذه الجزيرة الصغيرة في الخليج الفارسي؛ بعدما أُجبر رئيس الوزراء الصهيوني السابق، بنيامين نتنياهو، على تأجيل موعد رحلته أربع مرات بسبب أزمة تفشي فيروس كورونا والأزمات السياسية الداخلية. الرحلة إلى البحرين، والتي كانت مهمة جدا للسلطات الصهيونية من حيث الدعاية ودفع خطة تطبيع العلاقات مع الدول العربية والخروج من العزلة التاريخية والجيوسياسية، ولكن مع تأخير لمدة عام وعلى مستوى تنفيذي أقل مما خططت له حكومة تل أبيب السابقة.
العلاج بالصدمة.. اتفاق ابراهام
من خلال تحليل زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى البحرين، يمكن القول أنه وعلى الرغم من أن الغرض الواضح من الزيارة كان فتح السفارة الإسرائيلية في المنامة وإبرام العديد من وثائق التعاون في مختلف المجالات، إلا أن الغرض الرئيسي في الواقع هو الدعاية، رسالة يسعى الجانبان إلى نشرها وإبرازها، وهذه الرسالة هي استمرار الحياة السياسية لاتفاق التطبيع، بعد الجمود الكبير الذي سببته المعارضة الشعبية والحكومية في العالم العربي، وكذلك تغير المناخ السياسي الإقليمي بفعل التطورات الاخيرة، كحرب الأحد عشر يوماً الأخيرة في غزة. وأدت هذه القضايا إلى فشل المسيرة المتوقعة من الأطراف الثلاثة (أمريكي - صهيوني ودول عربية وسطية) للتوصل إلى اتفاق يؤدي لانضمام دول أخرى وفرض آثار التطبيع على البيئة الإقليمية والدولية لإنهاء القضية، وان لا ينبغي أن يُنظر إلى الصراع في فلسطين على أنه عقبة أمام بناء تحالف ضد محور المقاومة. لذلك، فإن الجانب المهم في الرحلة هو الاهتمام بالجانب الدعائي لفتح سفارة الكيان وإعادة التطبيع إلى عناوين الأخبار والتطورات الإقليمية.
تضارب بين توقعات المنامة وإنجازاتها الواقعية
سيتم إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات بين الكيان الصهيوني ونظام آل خليفة بشكل كامل مع افتتاح سفارة تل أبيب في المنامة، وكنتيجة لذلك، تهييج الرأي العام في الوطن العربي والأمة الإسلامية، المزيد من الضرر للشرعية الضعيفة للحكومة، وإثارة إيران وهي القوة التي بلا منازع في الخليج الفارسي، خاصة بعد الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من المنطقة في المستقبل القريب، هي جزء من الكلفة السياسية والأمنية التي يتكبدها نظام آل خليفة بقيامه بالتطبيع. ومع ذلك، فإن غالبية التوقعات الخيالية للقادة البحرينيين لحل الأزمة الاقتصادية خلال السنوات القادمة من خلال جذب المساعدات الخارجية والمشاركة في المشاريع الجيو-اقتصادية والحصول على التقنيات من الشركات الإسرائيلية، لم تتحقق. ومع ذلك، من المؤكد أن فتح القدم الفتنة للصهاينة على الخليج الفارسي كطريق باتجاه واحد لن يؤدي إلا إلى فوائد تل أبيب وسيكون عبء التكاليف على البحرين.
ضعف التأثير الصهيوني وسط طوفان المعارضة
يأتي افتتاح السفارة الإسرائيلية في المنامة، والتي ينبغي اعتبارها مكتب للتجسس وأحد مراكز إدارة التآمر وعدم الاستقرار في منطقة الخليج الفارسي، في وقت أثار فيه الإعلان عن زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي للبحرين موجة من المعارضة والاشمئزاز عند المواطنين البحرينيين والمعارضين السياسيين. وفي سياق ذلك، تظاهر آلاف البحرينيين في المنامة أمس احتجاجا على زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد إلى المنامة. في غضون ذلك، التقطت صورة مثيرة للاهتمام في الإعلام البحريني نقلت رسالة إلى وزير الخارجية الإسرائيلي. في هذه الصورة، التي تصور متظاهرين بحرينيين، لافتة تشير إلى حدث تاريخي كتب عليه: "سيد لبيد! "هل تعلم ما هذا؟"؛ وبعد هذه العبارة رُسمت صورة لسيف ذو الفقار إشارة إلى معركة فتح خيبر، معركة حارب خلالها الإمام علي (ع) اليهود وفتح حصنهم وهزمهم. بطبيعة الحال، فإن برؤية مثل هذا المستوى من عدم الرضا الاجتماعي، فإن حتى الأهداف الرمزية والدعائية للزيارة لا يمكن أن تتحقق تحت تأثير فعاليات المعارضة. في الواقع، على الرغم من أن افتتاح السفارة يعتبر خطوة مهمة في تعزيز العلاقات السياسية والتجارية والسياحية والعسكرية والأمنية بين الجانبين على الرغم من المعارضة الداخلية الواسعة، إضافة إلى الاستثمارات المحتملة والخطط الاقتصادية وتسهيل سفر الصهاينة إلى البحرين، فإنه ومع كل ذلك لن تكون هناك ضمانات أمنية، وستكون هذه الاتفاقات دائما مهددة.