الوقت- قمة أسبا تعود للواجهة من جديد مع التحضير لإنعقادها في شهر تشرين الثاني نوفمبر المقبل، وتجمع قمة أسبا بين كافة حكومات منظمة جامعة الدول العربية والتي تضم 22 حكومة دولة عربية ومجمل دول أمريكا الجنوبية والتي تضم 12 دولة. فيما بدأ النظام الحاكم في السعودية بتوجيه الدعوات للدول المقرر مشاركتها حيث ستعقد القمة في الرياض. تحرك النظام الحاكم في السعودية خلال الأشهر الماضية لإستضافة هذه القمة لم يكن بعيداً وضعه في سياق الواقع المضطرب الذي تعيشه المنطقة من جهة والسياسات الفاشلة التي للنظام الحاكم دور اساسي في صناعتها، ولم يكن بالبعيد تحرك النظام الحاكم في السعودية نحو استلامها عضوية في منظمة حقوق الإنسان، إلى بعض الرسائل السرية السعودية التي تم الكشف عنها مؤخراً والتي احتوت دعوة سعودية لبعض الجهات الفاعلة في منظمة حقوق الإنسان لخلق أكاذيب حول ايران وتورطها في مجال حقوق الإنسان مقابل مبالغ مالية ضخمة، كل هذا يضعنا أمام مجموعة من الأسئلة التي تصب في خانة واحدة، فما الأسباب التي تدفع بالنظام الحاكم في السعودية لسلك هذا المسلك في سياستها؟
أولاً: فشل سياسة النظام الحاكم في السعودية هو المرتكز الأساس الذي تنطلق منه في الكثير من القرارات والتحركات في المنطقة خاصة في الفترة الأخيرة، وهي تريد اليوم من خلال ترأسها لقمة أسبا تعويض هذا الفشل، فالنظام الحاكم في السعودية يشعر بفشل كبير وواضح المعالم بعد نجاح المفاوضات الأخيرة بين مجموعة الدول الست وايران، فالنظام الحاكم في السعودية لطالما حاول التخويف من ايران وإظهار وجودها على أنه تهديد للعملية السياسية في المنطقة ليأتي نجاح المفاوضات اثباتاً ايرانياً على الرقي في السياسة والدبلوماسية المتبعة من قبله وأنها مثال يحتذى به في معالجة القضايا العالقة في المنطقة، وعليه يريد النظام الحاكم في السعودية أن يحاصر هذا النجاح الدبلوماسي من جهة ويصرف نظر دول العالم عنه. ولأن دول العالم ومنها دول جنوب امريكا تتطلع إلى دور لها في علاقتها السياسية والإقتصادية مع ايران، يرى النظام الحاكم في السعودية الإنفتاح العالمي على ايران خطراً عليها وعلى علاقتها مع هذه الدول، في المقابل أن ايران في تحركها في المنطقة بعيدة كل البعد عن التوجه والقلق السعودي، بل ماضية في سياسة انفتاحية من شأنها تقريب الجهود في سبيل معالجة القضايا.
ثانياً: الفشل السعودي في السياسة الخارجية والإنطباع الذي عززه تحركها في المنطقة أنها سياسة تخريبية تقف بوجه التحركات الشعبية الإستقلالية الديمقراطية، كان عاملاً أدى إلى محاصرة هذا النظام وشعوره بالإختناق السياسي وحتى الداخلي منه، فشعوره بفشل المخطط وخطأ المسلك في دعمه جماعات الغرب الإستعماري في كل من سوريا والعراق واليمن وغيرها، إلى الإنتصارات التي حققتها حركات المقاومة والممانعة والتي أظهرت فشل الأنظمة العربية الحاكمة المتآمرة مع الغرب، إلى التدخل في الشأن اليمني وتعطيل العملية السياسية فيه ليتحول إلى مستنقع وورطة عليها، إلى الإنطباع الدولي والشعبي العالمي عن النظام السعودي صاحب المطامع التدخلاتية في شؤون البلدان المجاورة وقمع المطالب الشعبية التي تمثلت في البلد المجاور البحرين من جهة وقمعه مطالب شعبه في شرق السعودية وغيرها من جهة أخرى، إلى التأجيج الطائفي والشحن المذهبي الذي يتجه نحو الإرتداد عليها شيئاً فشيئا، إلى فشلها في السيطرة على الوضع اللبناني لما يخدم مصالحها وتشكيل طاقم سياسي خاضع لها، كل ذلك وضع النظام السعودي في موقع المحتاج إلى إظهار نفسه على أنه فاعل في علاقاته الدولية من جهة وإطفاء طابع سلمي لسياسته من جهة أخرى.
ثالثاً: تريد السعودية من استضافة القمة شرعنة سياستها العدوانية وإضفاء الطابع الذي عملت عليه لسنوات أنها مسيطرة في المحيط العربي، ولها اليد في قرارات حكومات الدول العربية وإظهار أن الجميع خاضع لسياستها. على صعيد آخر لا يرى النظام الحاكم منفذاً له في تعويض فشل سياسته وعلاقاته مع دول المنطقة إلا من بوابة الإقتصاد والعلاقات التجارية التي تجذب البلدان لما تحويه الأراضي السعودية من كم هائل للموارد الطبيعية والنفطية. وهي تتخوف من أي علاقات غربية مع ايران لأن ايران تشتمل على الموارد الطبيعية من جهة وعلى ثبات العلاقات واستقلالية القرارات من جهة أخرى وهي ما تعد عوامل جذب للدول في انشاء علاقات ثابتة ومستقرة مع ايران بخلاف الحال مع النظام الحاكم في السعودية وباقي أنظمة البلدان العربية الحاكمة. ولهذا يأتي المسعى السعودي في سبيل حرف الأنظار عن التوجه الغربي نحو ايران.