الوقت - قام وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية الجديد حسين أمير عبد اللهيان، بأول زيارة خارجية له إلى سوريا في 29 آب / أغسطس 2021، عقب مشاركته في اجتماع بغداد في 28 اغسطس، والتي انتقد خلالها بشدة عدم دعوة سوريا.
في سوريا التقى وزير الخارجية الإيراني خلال الزيارة بالرئيس بشار الأسد ووزير الخارجية فيصل المقداد. وهنا يطرح السؤال التالي، ما هي أبعاد زيارة أمير عبد اللهیان لدمشق كوجهة أولى لوزير الخارجية الإيراني الجديد؟
الحكومة الجديدة تؤكد دعمها الشامل لدور سوريا الإقليمي
تحمل زيارة وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى دمشق، كمحطة ثانية من جولته بعد تعيينه رئيساً للجهاز الدبلوماسي في طهران، عدة رسائل مهمة في أبعاد رمزية وسياسية.
بداية إن إيران ستدعم سوريا كلاعب مهم في المعادلات الإقليمية، الأمر الذي أكده أمير عبد اللهيان خلال قمة بغداد. فمن وجهة نظر طهران، لم يعتبر عدم دعوة دمشق الى اجتماع بغداد ميزة للقمة فحسب، بل يعني أيضاً تجاهل أحد أهم اللاعبين المؤثرين في الاستقرار السياسي في منطقة غرب آسيا. حيث تؤكد هذه الزيارة إصرار إيران على موقفها الداعم للاستقرار والأمن في سوريا واستمرار الصداقة والوحدة بين البلدين.
والنقطة التي يجب الانتباه إليها هنا هي أن سوريا كانت المحور الرئيسي لمحاربة الإرهاب على مدار العقد الماضي ، والآن تعد محافظة إدلب في هذا البلد أكبر تجمع للإرهابيين على مستوى المنطقة.
كما أن سوريا، كدولة تواجه موجة كبيرة من أزمة اللاجئين خلال العقد الماضي وبعض مواطنيها في مخيمات اللاجئين في العراق وتركيا، كان من الممكن أن تكون لاعباً رئيسياً في اجتماع بغداد وزيارة أمير عبد اللهيان إلى دمشق هي تذكير لدول المنطقة بهذه القضايا.
بالإضافة إلى ذلك، فإن زيارة حسين أمير عبد اللهيان إلى سوريا عقب تأكيده على ضرورة الحفاظ على وحدة أراضي العراق تعني أن إيران ستدعم الاستقرار والنظام الإقليمي. كما أن طهران تعتبر سوريا أحد أهم الفاعلين في المواجهة ضد مؤامرة تقسيم دول المنطقة، والحفاظ على وحدة أراضيها أمر بالغ الأهمية.
موقع سوريا الخاص في محور المقاومة وتعزيز العلاقات الثنائية بين طهران ودمشق
من جهة أخرى، فإن اختيار سوريا كأول محطة لرئيس الجهاز الدبلوماسي للحكومة الجديدة للجمهورية الإسلامية الإيرانية يحمل أيضاً رسالتين مهمتين للمتنافسين والجهات الفاعلة الإقليمية والاجنبية.
الأول ان زيارة سوريا كأول تحرك دبلوماسي من قبل وزارة الخارجية الإيرانية للحكومة الجديدة تعني أن حكومة السيد إبراهيم رئيسي ستركز بشكل خاص على دعم وتعزيز محور المقاومة على المستوى الإقليمي.
حقيقة الأمر أن التعاون والتنسيق بين إيران وسوريا ارتفع إلى أعلى مستوى من العلاقات الاستراتيجية خلال العقد الماضي، ودمشق والحكومة الشرعية لبشار الأسد تقدم كجزء لا يتجزأ من المقاومة. لذلك فإن زيارة أمير عبد اللهیان لسوريا تبعث برسالة إلى كل خصوم وأعداء محور المقاومة مفادها أن الحكومة الجديدة ستركز على تعزيز محور المقاومة على كافة المستويات وبقوة كاملة.
أما على الصعيد الثاني، إن زيارة أمير عبد اللهیان لسوريا كوجهة أولى في زيارة خارجية هي رسالة واضحة لكيان احتلال القدس. فمن وجهة نظر الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ان سوريا لا تزال تلعب الدور المحوري في مواجهة الكيان الصهيوني. وبالنظر إلى تصاعد الصراع في الأراضي المحتلة، يبدو أن دور سوريا الأساسي في محور المقاومة قد ازداد أيضاً. في الواقع، ستؤكد الجمهورية الإسلامية الإيرانية في سياستها الجديدة ان سوريا في طليعة مواجهة الكيان الصهيوني.
كما أن زيارة أمير عبد اللهيان لدمشق ستعني تعزيز التعاون والعلاقات بين البلدين على مختلف المستويات الأمنية والسياسية والاقتصادية والتجارية. وفي هذا الصدد، نرى أن وزير الخارجية الإيراني، يؤكد خلال لقاء نظيره السوري فيصل المقداد أن إيران وسوريا حققتا انتصارات مشتركة في مكافحة الإرهاب، واليوم نحن هنا لنراجع العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات التجارية والاقتصادية وباقي المجالات والعمل على رفع مستواها.
ففي السنوات القليلة الماضية، كانت العلاقات الاقتصادية بين سوريا وإيران في ازدياد. وتظهر التوقعات الآن أن التجارة بين البلدين ستتضاعف هذا العام (2021). هذا في وقت أدت العقوبات فيه إلى تباطؤ هذا النمو التجاري، ومن جهة أخرى، وبسبب الوضع الحالي في سوريا، تقلص مستوى اقتصاد البلاد وانخفض من الميزان التجاري البالغ 30 مليار دولار إلى 5 مليار دولار. مليار. لكن بالنظر إلى أن سوريا حاليا مقبلة على إعادة الإعمار، يمكن لصادرات مواد البناء ومواد بناء الجسور والسدود وإمدادات الكهرباء والخدمات الفنية والهندسية أن تكون على رأس قائمة صادرات إيران إلى هذا البلد.