الوقت- كشف "محمد عبدالسلام" رئيس وفد صنعاء المفاوض والمتحدث باسم حركة "أنصار الله"، عن استعادة الجيش واللجان الشعبية السيطرة على العديد من المناطق التي كانت تسيطر عليها قوات حكومة "هادي" المستقيلة وتحالف العدوان السعودي في محافظة مأرب اليمنية. وأكد "عبد السلام"، أن قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية باتت على أبواب مدينة مأرب، ففي بعض المناطق أصبحت على بعد 5 كم وبعضها 7 كم وبعض الآخر 6 كم"، قائلاً إن "القوات المسلحة اليمنية أحرزت تقدماً كبيراً جداً في شهر رمضان الماضي". كما كشف عن زيارة قام بها الجانب السعودي إلى العاصمة اليمنية صنعاء، قائلاً: "نحن التقينا بالسعوديين أكثر من مرة منذ بدء الحرب، أنا التقيت بالسعوديين في جدة وفي الرياض وفي ظهران الجنوب، زارونا أيضاً في صنعاء". هذا وأعلن "عبد السلام" عن لقاءات مباشرة جرت بين قيادة وفد صنعاء المفاوض مع الجانب السعودي في العاصمة العمانية مسقط أكثر من مرة مؤخراً، آخرها قبل زيارة الوفد العماني إلى صنعاء.
وأشار رئيس وفد صنعاء المفاوض، إلى أن قائد حركة أنصار الله السيد "عبد الملك الحوثي"، قدم مبادرة جديدة خاصة بمأرب من 9 نقاط تتضمن بأن يكون هناك حل أولاً على مستوى المحافظة بإيقاف العمليات العسكرية ومواجهة عناصر "القاعدة" و"داعش". وشكر "عبد السلام"، جمهورية إيران الاسلامية على الدعم السياسي والإعلامي والاجتماعي والخبرات العسكرية التي قدمتها للشعب اليمني، قائلاً إن "اليمنيين اليوم يصنعون الصواريخ ويصنعون الطائرات المسيرة". كما رأى "عبد السلام" أن السعودية وأمريكا تريدان تجميد الوضع العسكري وإبقاء سيف الحرب الاقتصادية والحصار أشد ذروة، معتبراً أنهما تريدان حلاً يناسب قياساتهما في اليمن. ووفقا لـ"عبد السلام" فإن السعوديين لا يريدون وقف إطلاق نار حقيقي في مأرب، موضحاً أن "السعودية وأمريكا تريدان وقف عملياتنا العسكرية واستمرار غاراتهما الجوية". وأكد أن "من يحارب في مأرب ليسوا أهالي المحافظة بل مجاميع معينة جلبها العدوان من هنا وهناك"، مضيفاً أن "الإمارات لم تخرج من اليمن وسنسمع عن انسحاب ثان وثالث".
وعلى صعيد متصل، قال المتحدث باسم أنصار الله وكبير المفاوضين اليمنيين بحكومة صنعاء، إن زعيم "أنصار الله" السيد "عبدالملك الحوثي" قدم مبادرة جديدة يوم أمس الأثنين بشأن محافظة مأرب ووقف القتال فيها. وقال "عبدالسلام"، إن "المبادرة التي قدمت بشأن مأرب تراعي مصالح أبناء مأرب أولاً وأن يتم تنفيذها بالتزامن مع تنفيذ الملف الإنساني". وكشف "عبدالسلام" جزءاً من بنود المبادرة الخاصة بمأرب والتي قدمت للتحالف عبر الوفد العماني وكانت من تسع نقاط، منها الالتزام بحصص المحافظات الأخرى من النفط والغاز وتشكيل لجنة مشتركة لإصلاح أنبوب "صافر رأس عيسى"، وكذا أن يكون هناك إدارة مشتركة من أبناء محافظة مأرب والحفاظ على الأمن والاستقرار وإخراج عناصر القاعدة وداعش، وعدم الاعتداء على المواطنين وإعادة تشغيل المحطة الغازية، ضمان حرية التنقل والإفراج عن كل المخطوفين من أبناء مأرب وتعويض المتضررين وعودة المهجرين من أبناء مأرب إلى مناطقهم، وضع عائدات سفن المشتقات النفطية في الحديدة لصالح المرتبات.
ووفقا لـ"عبد السلام"، فإن "هذه المبادرة، في واقعها إنسانية، وهي تهتم أولاً بأن يكون هناك إخلاء لمأرب من "داعش" و"القاعدة" بصورة كاملة، باعتبار أن هذا الأمر يشكّل خطراً جدياً على الأمن والاستقرار، ويمثّل ذريعة لما يُسمّى الحرب على الإرهاب، وللغارات الجوية". وتابع "عبد السلام"، "النقطة الأخرى هي أن يتم تشكيل لجنة مشتركة لمعالجة الجوانب الفنية اللازمة لإصلاح أنبوب صافر، واستئناف ضخ النفط، وإيداع إيرادات النفط والغاز في حساب خاص، مخصص لصرف الرواتب في عموم الجمهورية اليمنية، ودعم الجوانب الإنسانية، مع إعطاء أبناء مأرب الأولية في ذلك". وأوضح رئيس وفد صنعاء المفاوض أنه يجب أن تكون الأولوية لوجود إدارة مشتركة من أبناء مأرب، وأن تكون هناك إدارة مشتركة متكافئة من أبناء مأرب لقيادة المحافظة من دون استبعاد أي طرف، تحت عنوان أنه يمثل جماعة أو فئة، وإنما أبناء مأرب هم الجديرون بقيادة هذا الدور في إدارة محافظتهم، وإيقاف كل أشكال التدخل الخارجي لأي دولة في شؤونها، وتشكيل قوة أمنية مشتركة بقيادة من أبناء مأرب من أجل إدارة الشؤون الأمنية في المحافظة، وإخراج كل القوات الأجنبية منها. وأضاف أنه يجب "ضمان أمن حرية التنقل في مأرب لكل مواطن، وعدم اعتراض المسافرين على خلفية الصراع الدائر، والإفراج عن المخطوفين من المسافرين من كل أبناء اليمن، وعن أبناء مأرب بصورة خاصة، وضمان حريتهم وتعويضهم".
كما كشف "عبدالسلام" أيضاً أن زعيم "أنصار الله" قدم رؤية أخرى لبقية الملفات الانسانية والاقتصادية. وأشار إلى أن صنعاء ورغم الشروط المجحفة التي يطرحها التحالف السعودي بشأن إعادة فتح مطار صنعاء، إلا أنها قدمت تنازلات كبيرة وقبلت بأن يكون هناك عدد معين من الدول التي سيتم السماح بالسفر إليها والقبول أيضاً بأن يكون هناك هامش بسيط من الرقابة الأممية، أما بالنسبة لميناء الحديدة فقد أكد كبير المفاوضين أن صنعاء وافقت على أن تبقى إجراءات التفتيش الأممية عبر "اليونيفل" للسفن المحملة بالمشتقات والاحتياجات الأساسية، ورغم كل ذلك وكل ما قدمته صنعاء وقبلت به إلا أن التحالف السعودي لم يتجاوب ورفض مواصلة السير في جهود العمانيين التفاوضية لتنفيذ هذه الخطوات، ولم يرد على رفضنا لمسألة بقاء أجواء اليمن مفتوحة أمام طائرات التحالف السعودي وغاراته، مؤكداً أن التحالف ذهب بعد مناقشة المطار والميناء لطرح مواضيع أخرى للتفاوض بشأنها حالياً أبرزها التفاوض على الشأن السياسي والحل السياسي في اليمن، وقال عبدالسلام بأن هذا التوجه السعودي كشف لهم بأن الرياض ومن معها تحاول كسب المزيد من الوقت وتأخير مرحلة التفاوض قدر المستطاع. وأكد "عبدالسلام" إن الطرف الآخر ليس جاهزاً للسلام في اليمن على الإطلاق، وأضاف أن الوفد العماني لا يزال يقوم بجهود مشكورة وحقق تقدمات نسبية وأنهم لا يفضلون الكشف عن ما وصلت إليه المفاوضات حتى لا يتم استباق النتائج.
وفي الجانب العسكري، قال رئيس وفد صنعاء المفاوض، "إنه ما دام مستمراً كل من العدوان والحصار والقصف، فإن كل الخيارات مفتوحة ومتاحة، فلا يمكن أن نتوقف على الإطلاق مهما كان هناك من نقاش"، مضيفاً أن "المبادرة قُدمت إلى سلطنة عمان، والإخوة فيها يناقشونها، بدورهم، مع السعودية والأمريكيين، وربما أيضاً مع الأمم المتحدة وأطراف أخرى". ورأى "عبد السلام"، أن ما يهمّ صنعاء هو أن "السعودية وأمريكا هما اللتان تتحركان في معركة مأرب، بصورة واضحة وصريحة ومباشرة. ونعتقد أن الدور الأمريكي هو الأساسي والفاعل. وتصريحات الأمريكيين شبه اليومية بشأن الاهتمام بما يجري في مأرب، من دون الالتفات إلى الجانب الإنساني، تضعهم الآن على المحك. فإن كانوا جادين، فهذه مبادرة إنسانية، في الإمكان أن تضاف إلى الوضع الإنساني، وأن تمثل انفراجاً كبيراً في اليمن، وتمهيداً لوقف شامل وحل سياسي".
وقال عبد السلام إن "الموقف الأمريكي تبنّى منذ البداية أن يجعل المعركة في اليمن معركةً هامشية، بمعنى أن تظل في مناطق معينة ساحة للاستنزاف، بعيدة عن أي مناطق استراتيجية يمكن أن تعود بالوضع إلى وقف الحرب أو التأثير فيها أو تحقيق السلام. وأوضح "عبد السلام"، "هم يريدون استمرار الحرب، واستمرار الحصار. وهذا الأمر لا يمثل مشكلة بالنسبة إليهم، أي أن نتقاتل فترة طويلة، ما دام الاستنزاف سيتم بين اليمنيين، وفي ساحات ليست استراتيجية". ووفقا لـ"عبد السلام"، فإن "القلق الأمريكي تجاه معركة مأرب يؤشر على أهميتها، كونها ستفقد ما يُسمى الشرعية، لأنها لم تعد أصلاً موجودة في الواقع الفعلي. كذلك سيفقد النظام السعودي التأثير الحقيقي في مثل هذه الحكومة أو المرتزقة، كذلك ستفقد قوى العدوان ساحة مهمة عسكرياً وسياسياً، ومثلت انطلاقة لسائر الجبهات في كل المحافظات الشمالية وحتى الجنوبية، ومنطقة استخبارية للعدو للعمل على استهداف اليمن". وختم "عبد السلام" في حديثه أن القلق الأمريكي هو دليل على أهمية هذه المعركة، ويثبت أن المعركة تنحو إلى تغيير استراتيجي في مسارها، عسكرياً وسياسياً، مضيفاً "نحن نقول لأمريكا: اذا كنت تريدين السلام، فهذه المبادرة جاهزة".