الوقت- مرّ 15 عاما ولا يزال قطاع غزة يعاني من حصار خانق، الأمر الذي خلف أوضاعًا اقتصادية واجتماعية وإنسانية صعبة، ويؤثر هذا الحصار بشكل مباشر على أكثر من مليوني فلسطيني، يقبعون على منطقة جغرافية لا تزيد على 365 كم مربع، هذا الحصار الذي أضحى يتفنّن فيه القريب والبعيد، سواء أكان ذلك بشكل مباشر أم غير مباشر، حيث طالت المعاناة الناشئة بفعل هذا الجور مختلف أوجه الحياة في غزة، وأحالت واقع السكان فيه إلى جحيم لا يطاق.
الأزمة الاقتصادية الخانقة تتوسع يوماً بعد يوم بسبب إجراءات سلطات الاحتلال، التي شددت مؤخرا من إجراءات الحصار المفروض على السكان، للعام الـ 15 على التوالي، والتي اشتملت على منع دخول العديد من السلع للقطاع، خاصة تلك التي تستخدم في مجالات الصناعة، ما زاد من أعداد العاطلين عن العمل، واتساع رقعة الفقر.
وقد حذر مسؤولون وناشطون في مؤسسات المجتمع المدني، وممثلو مؤسسات القطاع الخاص، من التداعيات الخطيرة لاستمرار الحصار الإسرائيلي المشدد على قطاع غزة ومنع دخول مختلف أنواع المواد وفي مقدمتها مواد البناء والمواد الخام ومنع التصدير.
ونتيجة لهذا الحصار الخانق دعا عضو مكتب العلاقات الدولية في حركة حماس د.باسم نعيم، يوم الجمعة، سفراء دول أجنبية في الولايات المتحدة يَصلِون الأراضي الفلسطينية المحتلة هذه الأيام في جولة لمدة أسبوع، إلى زيارة قطاع غزة المحاصر.
وقال نعيم في تصريح صحفي: "إننا ننتهز هذه الفرصة لتوجيه دعوة لهؤلاء السفراء لزيارة قطاع غزة والاطلاع عن كثب على المأساة الإنسانية التي يعيشها القطاع لأكثر من ١٥ عاما بسبب الحصار الإسرائيلي، والذي حول القطاع إلى مكان غير قابل للحياة كما وصفته الأمم المتحدة، حيث حول هذا الحصار غزة إلى أكبر سجن مفتوح، يذكرنا بمعتقلات الاعتقال إبان الحرب العالمية الثانية، حسب وصف كثير من المؤسسات والخبراء القانونيين الدوليين".
وأكد أن "هذا الحصار الخانق، والذي يعتبر عقابا جماعيا، يرقى إلى جريمة حرب حسب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ويحرم الفلسطينيين هنا من حقوقهم الأساسية وفي مقدمتها الحياة الكريمة".
وأوضح أن "قطاع غزة، والذي مساحته لا تزيد على ٣٦٠ كيلومتر مربع ويسكنه حوالي مليونا نسمة، أكثر من ٧٠٪ منهم من الأطفال والشباب، يُحرمون الماء النظيف والكهرباء والدواء، يعيش أكثر من ٨٠٪ من السكان تحت خط الفقر، نسبة البطالة بينهم تتجاوز ٥٠٪، يمنعون من السفر بشكل منهجي، حتى للسفر والدراسة".
وتابع : "يضاف إلى هذه المعاناة اليومية العدوان المستمر من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، وكان آخرها عدوان مايو من هذا العام لمدة ١١ يوما أسفرت عن قتل ٢٥٩ شهيدًا، منهم ٦٦ طفلا و٤١ امرأة، وهدم المئات من البيوت على رؤوس ساكنيها، إضافة إلى تدمير البنية التحتية والمنشآت التعليمية والاقتصادية، في تكلفة إجمالية للخسائر المباشرة تزيد على نصف مليار دولار حسب تقرير البنك الدولي الأخير".
حاليا يعتمد 85 في المئة من سكان القطاع على مساعدات قليلة، وتكبدت القطاعات الصناعية والتجارية والزراعية والطبية والبنية التحتية خسائر فادحة نتيجة استهداف طائرات الاحتلال الإسرائيلي المتعمد للمنشآت العاملة وصلت كحصيلة أولية إلى 300 مليون دولار، وذلك خلال الحرب الأخيرة ضد غزة، ووصلت خسائر القطاع الصناعي والتجاري إلى 30 مليون دولار بعد قصف الاحتلال عددا من المصانع.
في الحقيقة الأوضاع في قطاع غزة على حافة الانفجار والخروج عن السيطرة، جراء الأوضاع الإنسانية الكارثية، اذ يجب على المجتمع الدولي اجبار اسرائيل على انهاء الحصار المفروض منذ خمسة عشر عامًا، وفتح المعابر المغلقة والبدء الفوري والسريع بإعادة الإعمار.
بالنسبة للمعابر مر شهرين ولا يزال الاحتلال الاسرائيلي يغلق المعابر ويمنع البضائع والسلع الأساسية من الدخول لغزة، الأمر الذي سبب كارثة إنسانية كبيرة ستبقى تداعياتها ماثلة أمامنا لفترة طويلة فما أحدثه الإغلاق كان جرمًا كبيرًا أدى إلى انهيار قطاعات مهمة سببت كارثة وأزمة إنسانية.
الحصار أدى لانهيار قطاعات عمالية واسعة، قال إن شريحة العمال كانت هدفًا أساسيًا للاحتلال، حيث ارتفعت نسبة الفقر في صفوفهم إلى أكثر من 80% وزادت نسبة البطالة في صفوف العمال عن 60%، بوصول عدد من لا عمل لهم لقرابة 270 ألف عامل نتيجة الحصار والحروب التي يشنها الاحتلال، وبسبب ذلك شلت حركة قطاع الإنشاءات الذي يشغل 40 ألف عامل، وتكبد قطاع الزراعة الذي يشغل 35 ألف عامل لخسائر كبيرة نتيجة إطلاق النار المستمر ورش المبيدات الحشرية وفتح السدود ومنع التصدير، فيما تعرض قطاع النقل العام الذي يشغل نحو 20 ألف سائق للشلل.
بالإضافة ملاحقة الاحتلال الصيادين البالغ عددهم 4 آلاف صياد في عرض البحر ويمنعهم من الإبحار للمسافة المسموح لهم العمل بها وفق الاتفاقيات الدولية، ويصادر قواربهم ويعتقلهم، كما ان اعتداءات الاحتلال أدت لاستشهاد 13 صيادا، وإصابة 700 صياد آخرين، وقام بتدمير 1800 قارب ومصادرة قرابة 170 قاربا منذ عام 2006م، ولا زال الاحتلال يمنع إدخال محركات القوارب، وقطع الغيار، والألياف الزجاجية.
إن إجراءات الاحتلال المتواصلة تمثل "حكما بالموت البطيء" يصدره على مليوني إنسان، يحلمون بالحياة كما يحلم بها أبناء العالم، يريدون أن يرفع الاحتلال يده الثقيلة عنهم ويسمح بإدخال البضائع والسلع الأساسية التي هي شريان الحياة الذي يحاول الاحتلال قطعه.