الوقت- خلال زيارة وزير الخارجية البريطاني الأخيرة لغرب آسيا، قيل إن النقاش حول إيران كان أحد الموضوعات في لقاءات المسؤول البريطاني مع نظرائه في بعض الدول العربية.
وفي هذا الصدد، أفادت قناة العربية السعودية أن وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب اجتمع مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لمناقشة قضايا مختلفة، ولا سيما إيران.
وعقب هذا النبأ، أصدرت الخارجية البريطانية بياناً أشارت فيه إلى لقاء وزير الخارجية مع ولي عهد السعودية، وقالت: إن "بريطانيا تؤكد التزامها بمواجهة التحديات الأمنية المشتركة، بما في ذلك تهديد إيران والصراع المستمر في اليمن".
الاتفاق النووي على الطاولة مجدداً!
تتزامن زيارة راب إلى السعودية مع محادثات في فيينا، النمسا، لإحياء ما يسمى بالاتفاق النووي لعام 2015. في الوقت نفسه، وصف البعض زيارة وزير الخارجية البريطاني بأنها تطمينات للسعودية بأنها ستستمر في دعمها إذا تم التوصل إلى اتفاق مع إيران.
كانت السعودية، إلى جانب الکيان الإسرائيلي، من أشد المعارضين للاتفاق النووي مع إيران على مر السنين الماضية؛ والآن بعد أن بدأت المحادثات في فيينا بالنمسا لإحياء هذا الاتفاق، تشعر تل أبيب والرياض بقلق متزايد بشأن مسار برنامج إيران النووي.
كانت المملكة العربية السعودية ، إلى جانب إسرائيل ، من أشد المعارضين للاتفاق النووي مع إيران على مر السنين.
والآن بعد أن بدأت المحادثات في فيينا بالنمسا لإحياء الاتفاق ، تشعر تل أبيب والرياض بقلق متزايد بشأن مسار برنامج إيران النووي.
وعلى هذا الأساس، يبدو أن وزير الخارجية البريطاني، الذي تعد بلاده أحد المشاركين في الاتفاق النووي مع إيران، أثناء زيارته للسعودية يحاول طمأنة قادة الرياض بأنهم لا يزالون يحظون بدعم أوروبا والولايات المتحدة، حتى أثناء الاتفاق النووي مع إيران.
النفخ في نار إيران فوبيا
في الوقت نفسه، هناك قضية مهمة أخری تتعلق بزيارة وزير الخارجية البريطاني إلى المنطقة، وهي المحاولة الغربية لإذکار نار "إيران فوبيا" في الدول العربية.
موضوع الانسحاب الأمريكي من العراق وأفغانستان مطروح بشكل كبير على جدول الأعمال هذه الأيام، وحتى إدارة بايدن وضعت جدولاً زمنياً لانسحابها من أفغانستان حتى سبتمبر، وفي العراق أيضًا تواجه الولايات المتحدة ضغوطاً متزايدةً لمغادرة هذا البلد.
وفي ظل هذه الظروف، يبدو أن القادة البريطانيين يحاولون مرةً أخرى ترسيخ موطئ قدمهم في المنطقة، حتى بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان وربما العراق لاحقًا، من خلال تسليط الضوء على قضية إيران فوبيا المصطنعة بين الدول العربية.
في الواقع، إن النقاش حول إيران في الاجتماع بين المسؤولين البريطانيين والسعوديين، يشير إلى استمرار مشروع إيران فوبيا في المنطقة من قبل الدول الغربية، وهذا المشروع يتماشى مع المشروع الأمني الذي يتابعه الصهاينة أيضًا.
وفق وثيقة الأمن القومي الإسرائيلي لعامي 2020 و 2021، ينوي الکيان الإسرائيلي من خلال إثارة مشروع إيران فوبيا في استراتيجيته الإقليمية الجديدة، إضافة إلى حشد قدرات الغرب بقيادة الولايات المتحدة لكسب الدعم الشامل له، التواصل مع الدول الخليجية، وتحديداً مع السعودية، وبهذه الطريقة إضافة إلى تعزيز الأجواء المناهضة لإيران في غرب آسيا، فإنه سيجلب معه اتفاق العرب وموافقتهم العملية ضد جمهورية إيران الإسلامية.
محاولة عبثية للعودة إلى غرب آسيا
في الوقت نفسه، يبدو أن لندن حلمت مرةً أخرى بتعزيز وجودها العسكري في المنطقة والعودة إلى غرب آسيا.
وتتم هذه العودة بدعوى الانسحاب الأمريكي من المنطقة، وفي هذا الصدد أعلن قائد البحرية البريطانية "توني رادكين" الأسبوع الماضي عن إمكانية إرسال حاملة الطائرات "الملكة إليزابيث" إلى المحيط الهندي، وإذا لزم الأمر الخليج الفارسي، لحماية عملية الانسحاب من هجمات طالبان المحتملة.
وقال رادكين إنه يمكن وضع حاملة الطائرات الملكة إليزابيث في منطقة آمنة في المحيط الهندي بكل إمداداتها، حتى تتمكن المقاتلات من دعم عملية الخروج الآمن من هناك، وستكون موجودةً في الخليج الفارسي أيضًا إذا لزم الأمر.
وإذا تم إرسال هذه السفينة البريطانية إلى المنطقة، فستكون أول مهمة لسفينة ملكة إليزابيث إلى المنطقة منذ تقليص المهمة العسكرية لهذا البلد في أفغانستان منذ عام 2014، والتي تشمل مقاتلات الجيل الخامس ومقاتلات الشبح من طراز F-35، وهذا يظهر أن لندن مصممة على ملء الفراغ الذي ستترکه واشنطن في المنطقة بعد مغادرة أفغانستان، وربما العراق بعد ذلك.
هذا في حين أن الولايات المتحدة لم تكن قادرةً على مدى العقدين الماضيين على استعادة الأمن والاستقرار في أفغانستان والعراق فحسب، بل انسحبت أيضًا بشكل عام من هذين البلدين بسبب الضغط المتزايد والتكاليف السياسية والدولية المتزايدة.
لذلك، بالنظر إلى أن الأمريكيين لم يتمكنوا من متابعة أهدافهم في المنطقة على مدى العقدين الماضيين واضطروا لقبول الخروج، فهل ستتمكن بريطانيا حقًا من السير على خطى أمريكا؟ الإجابة على هذا السؤال سلبية بلا شك في ضوء التجربة الأمريكية الفاشلة.
من ناحية أخرى، تعتمد دول المنطقة، بما في ذلك السعودية، على الدول الغربية لتوفير الأمن لها بينما أهملت الأمن الإقليمي الداخلي، وأصبحت تعتمد على قوى خارج المنطقة.
هذا في حين أن السعوديين يمکنهم تحقيق الأمن الدائم من خلال الاعتماد على التحالفات الإقليمية مع الدول المجاورة، على الرغم من أن القادة السعوديين كانوا دائمًا يتطلعون إلى شركائهم الغربيين. ونفس هذه النظرة إلی خارج المنطقة جعلت السعوديين عرضةً للأضرار بشكل مضاعف فيما يتعلق بتحقيق الأمن والاستقرار داخل المنطقة.