الوقت- بدءنا نسمع هذه الأيام أحاديث تتكلم عن بعض المساعي من قبل السلطة الفلسطينية بالتعاون مع دول اخری مثل الاردن والسعودية وأمريكا وذلك بالتنسيق مع الكيان الإسرائيلي، لتبريد نار الإنتفاضة الثالثة في فلسطين أي انتفاضة القدس. نحن من جانبنا لا نعرف لماذا تريد السلطة الفلسطينية ورئيسها السيد «محمود عباس» تبريد نار الانتفاضة وخلق نوع من التهدئة للكيان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس المحتلة، خاصة بعد فشل مفاوضات ابو مازن مع قادة الإحتلال. علما بان هدوء الإنتفاضة لم يكن بصالح الشعب الفلسطيني وتطلعاته الإستراتيجية، إنما يصب في صالح خانة المصالح الإسرائيلية. إذن هل ستنجح المساعي لاخماد نار انتفاضة القدس أم أن هذه الإنتفاضة ستجرف الإحتلال والزمرة المتعاونة معه؟.
وفي هذه الاثناء فان الشعب الفلسطيني بعد 30 يوما من بدء انتفاضة القدس اي الانتفاضة الفلسطينية الثالثة، لازال حاملا أرواحه علی أكفه ليدافع عن عرضه ومقدساته الإسلامية والمسيحية، حيث وصل عدد الشهداء حتی اليوم الی 64 شهيدا، منهم 14 طفلا، فضلا عن أكثر من 7000 جريح ومئات المعتقلين في سجون السلطة والكيان الإسرائلي. هذه التضحيات الجسيمة من قبل الشعب الفلسطيني ستشكل وقودا طويل الأمد للإنتفاضة الفلسطينية لتشق طريقها نحو الأمام.
الكثير من المتابعين والمحللين يعتقدون بان أمريكا والانظمة العربية الرسمية التي تسير في فلك السياسات الأمريكية، يحاولون إجهاض الإنتفاضة الفلسطينية الثالثة، حيث يقول الأكاديمي والدبلوماسي المصري السابق «عبد الله الأشعل» في حواره مع وكالة «قدس برس»، حول جولة «جون كيري» الاخيرة الی المنطقة إنه «يشتم رائحة المؤامرة على انتفاضة القدس»، في إشارة منه لمساعي كيري ونتانياهو ورئيس السلطة الفلسطينية، لإخماد نيران انتفاضة الاقصی. وفي هذا السياق أكد النائب الاول للمجلس التشريعي الفلسطيني «أحمد بحر» ايضا أنه «لم يأت جون كيري نصرة لدماء الشعب الفلسطيني، إنما جاء من أجل الوقوف إلى جانب الكيان الصهيوني المجرم».
وفي هذا السياق أيضا حذر نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني «كمال الخطيب» من إتفاق وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مع السلطات الإردنية، والذي سيتسنی بموجبه لكيان الإحتلال مراقبة المسجد الاقصی المبارك بالكامرات علی مدار الساعة. وقال الخطيب أن خطر هذه التفاهمات الاردنية الأمريكية ينبع من أن الكيان الإسرائيلي سيكون معترف به رسميا بانه هو صاحب السيطرة علی مدينة القدس والمسجد الاقصی، مما يؤدي ذلك الی تعزيز السيادة الإسرائيلية ميدانيا وسياسيا علی المدينة المقدسة وآثارها الإسلامية، والكلام للخطيب.
وصرح جون كيري الذي زار العاصمة الاردنية السبت الماضي، بان الكيان الإسرائیلي والإردن باعتباره صاحب الولاية علی الاقصی والمقدسات الإسلامية في مدينة القدس، توصلا الی إتفاق، يسمح بموجبه مراقبة الحرم القدسي وساحات المسجد الاقصی بالكامرات علی مدار الساعة، كما يتيح الاتفاق زيارة الحرم القدسي لغير المسلمين والصلاة للمسلمين في هذا المكان المقدس. وأكد الخطيب أن هذه المؤامرة الجديدة من قبل الإردن وأمريكا والكيان الإسرائيلي تاتي «لوأد الهبة الشعبية التي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها أراضي الـ 48 والقدس».
لا شك أن فصائل المقاومة لابد أن تدعم الإنتفاضة الثالثة رغم تحفظاتنا علی تصرفات بعض قيادات حركة حماس، مثل السيد خالد مشعل، إلا أن معظم منتسبي المقاومة الوطنية والإسلامية، يدعمون ثورة الشعب الفلسطيني وانتفاضته الثالثة ضد الإحتلال. لا بل وصلنا الی هذه الدرجة من الیقين أن الشعب الفلسطيني قد وصل الی هذه الدرجة من الوعي والمعرفة أن يتحرك بالاتجاه الصحيح نحو أهدافه السامية حتی دون الحاجة الی التنسيق مع فصائل المقاومة وهذا ما يحدث الآن داخل الأراضي المحتلة عام 1948.
الكيان الإسرائيلي في كل مرة يواجه إنتفاضة عارمة من قبل الشعب الفلسطيني، يحاول الالتفاف عليها عبر إعطاء وعود رنانة، وسرعان ما تتبخر هذه الوعود، أو تبقی حبرا علی ورق. في هذه المرة ايضا هنالك تسريبات تتحدث عن أن تل أبيب تحاول بالتعاون مع السلطة الفلسطينية إيقاف الإنتفاضة الثالثة وذلك عبر إعطاء وعود للشعب الفلسطيني مثل إرسال مراقبين دوليين الی المسجد الاقصی وعودة الأوضاع في مسجد الاقصی المبارك الی ماقبل عام 2000 ومنع المستوطنين من دخول هذا المسجد المقدس وايقاف بناء المستوطنات في بعض مناطق الضفة المحتلة، بالاضافة الی اطلاق سراح المرحلة الرابعة من الاسری الفلسطينيين وفقا لاتفاق «اوسلو».
لكن نحن لا نعتقد أن السلطة الفلسطينية ورغم بطشها بالمنتفضين الفلسطينيين الشرفاء، ستتمكن من إجهاض انتفاضة القدس، لان الشعب الفلسطيني كله منتفض في القدس والخليل وجميع مناطق الضفة الغربية و كذلك في غزة دون استثناء، والظروف باتت مهيئة أكثر من أي زمن مضی لانهاك الكيان الإسرائيلي، ليتسنی بعد ذلك طرد المحتلين من جميع الأراضي المحتلة. ولا نعتقد أنه بامكان الاردن وأمریكا ومشروع الإستسلام العربي (المسمی بالمبادرة العربية التي اطلقتها السعودية)، إنقاذ كيان الإحتلال، من إنتفاضة القدس المباركة.