الوقت- بعد مضي ما يقرب من أسبوعين من الانتخابات البرلمانية المبكرة الرابعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال العامين الماضيين، يبدو أن التيارات السياسية المعارضة لحزب الليكود تسعى الآن إلى إنهاء رئاسة نتنياهو التي استمرت 12 عاما من خلال تشكيل ائتلاف شامل. ومع إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية في 23 مارس 2021، فشل حزب الليكود وحلفاؤه اليمينيون التقليديون، على الرغم من فوزهم بـ 52 مقعدا، في الحصول على الأغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة.
لكن من ناحية أخرى، هناك أدلة على أن أحزاب الليكود المعارضة والتي تشمل 13 حزباً سعت لترشيح رئيس وزراء منتخب من قبلها يوم الاثنين 5 نيسان خلال لقائها مع الرئيس الإسرائيلي روفين ريفلين. لكن السؤال الآن ما هي القدرات والعقبات التي تمتلكها أحزاب المعارضة لنتنياهو والليكود لتشكيل حكومة جديدة؟
اتفاق لابيد وبينيت على تشكيل حكومة دورية
ووفق آخر التقارير، فإن أحزاب الوسط واليمين واليسار التابعة للكيان الصهيوني، تسعى لتشكيل حكومة في إطار يسمى "التحالف من أجل التغيير" بمشاركة كل من احزاب "ياش عتيد" و"الأزرق والأبيض" و"يمنيا" " و"العمال" و"الامل الجديد" و"إسرائيل بيتنا" و"ميرتس"، والتي تمتلك ما مجموعه 58 مقعدا والتي يمكن أن تفوز بـ 61 مقعدا اللازمة لتشكيل حكومة بدعم من قائمة المتحدين العرب وتداول الحكومة على أساس دوري.
وفي الواقع، تشير الدلائل إلى أنه بعد أيام من إعلان نتائج الانتخابات العامة الرابعة في فلسطين المحتلة في العامين الماضيين، توصلت الأحزاب المعارضة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تشكيل حكومة. حيث أفادت القناة 13 التليفزيونية الصهيونية بأن يائير لابيد، زعيم حزب ياش عتيد وزعيم الحزب المعارض في الكنيست، توصلا إلى اتفاق مع نفتالي بينيت، زعيم حزب يمينا، على رئاسة الوزراء بالتناوب. ووفقا لهذا الاتفاق، الذي قد يؤدي إلى تشكيل حكومة جديدة في الكيان الصهيوني، سيكون بينيت رئيسا للوزراء أولاً، وبعد نصف مدة الحكومة، سيكون لابيد رئيس الوزراء المقبل. هذا ووافق حزب ياش عتيد على شرط أن يصبح رئيس وزراء حزب يمينا في النصف الأول من ولايته، وألا ينضم إلى حكومة بقيادة نتنياهو، ودعم خطة لتقليص المناصب الوزارية في الحكومة الجديدة إلى 18 وزيرا.
أهم الدوافع المحتملة لمحاولة الإطاحة بنتنياهو
في الوضع الحالي، يبدو أن هناك إرادة أكثر من أي وقت مضى بين الأحزاب والمجتمع السياسي في فلسطين المحتلة للإطاحة بنتنياهو من السلطة. حيث يمكن عرض أهم الدوافع في هذا المجال في أربعة محاور.
1. أجمعت معظم الأحزاب السياسية الإسرائيلية على الإطاحة بنيامين نتنياهو من السلطة، وتؤمن بطريقة ما بإقامة تحالف متعدد الأحزاب لإزاحته من الرئاسة. في الواقع، تسعى الأحزاب غير الليكودية إلى إنهاء ولاية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، التي كانت قائمة منذ 31 مارس 2009. وفي هذا الصدد، فإن سجل نتنياهو في الفساد الاقتصادي والمواقف السياسية على مستوى السياسة الداخلية والخارجية جعله شخصا مرفوضا بالنسبة للاحزاب. على سبيل المثال، أثيرت قضية تشكيل الحكومة في موقف من المقرر أن يمثل فيه نتنياهو أمام المحكمة اليوم (5/16 أبريل) للمرة الثالثة في قضية فساده للاستماع إلى أقوال الشهود الذين تم استدعاؤهم إلى المحكمة ضده. وبشكل عام، يمكن تحليل هذه الإرادة المنتشرة للإطاحة بنتنياهو على أنها العامل الأكثر أهمية في التحالف للإطاحة برئيس الوزراء الصهيوني على مدى السنوات الـ 12 الماضية.
2. تصعيد الانقسامات داخل حزب الليكود والأحزاب المتحالفة مع نتنياهو هو دافع مهم آخر لإنهاء حزب الليكود. في الواقع، كانت هناك تقارير في السنوات الأخيرة عن خلافات بين قادة وأعضاء حزب الليكود حول استمرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ولكن الآن بعد ان اصبحت ارادة الأحزاب المعارضة لليكود واضحة، ازدادت حدة القضية أكثر من أي وقت مضى.
3. فشل بنيامين نتنياهو في الوفاء بوعده للأحزاب الأخرى، أو بعبارة أخرى حلفائه، الامر الذي يمكن اعتباره سببا مهما آخر لأحزاب المعارضة لمحاولة الإطاحة بنتنياهو من السلطة. وربما في اليوم الذي شكل فيه بنيامين نتنياهو وبيني غانتس حكومتهما الائتلافية على أساس ولاية مدتها سنتان كرئيس للوزراء في أواخر مارس من العام الماضي، تاركين خلافاتهم جانبا، كان من الواضح للجميع أن رئيس الوزراء السابق (نتنياهو) كان متعطشاً بشكل خاص للحفاظ على السلطة، وانه لن يعمل وفقا لمثل هذا الاتفاق. وحتى لو كان هناك بعض الشكوك حول هذا في الماضي، فقد أصبح الآن حقيقة واقعة تركت الأحزاب السياسية الصهيونية مع شكوك أساسية بشأن الدخول في أي تحالف مع حزب الليكود بزعامة نتنياهو.
4. انتشار الأزمة الاقتصادية والظروف المعيشية الصعبة لكثير من سكان الأراضي المحتلة، وخاصة المهاجرين غير الأوروبيين، وهذا يعد سبباً مهماً آخر عزز الإرادة بشكل اكبر للاطاحة بنتنياهو. وفي الواقع، واجه الكيان الصهيوني خلال العام الماضي أكبر أزمة اقتصادية في تاريخه بسبب فيروس كورونا. ووفقا لبحث أجرته مؤسسة " International Fellowship of Christians and Jews" قالت انه في السياق الحالي لأزمة كورونا، يواجه 10 في المئة من الإسرائيليين صعوبات خطيرة في تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية. حيث يشهد اقتصاد الكيان انخفاضا بنسبة 7.1 في المئة، وبلغ الضرر الذي لحق بالاقتصاد الإسرائيلي 13 مليار دولار.
معوقات تشكيل ونجاح الائتلاف المناهض لنتنياهو
رغم كل الاحتمالات والارادة الموجودة، فإن تشكيل الحكومة من قبل الأحزاب المعارضة لليكود ليس سهلا كما يبدو، وهناك عقبات خطيرة قد تواجهها في هذا الطريق. بادئ ذي الامر من الضروري الانتباه إلى حقيقة أن أحزاب الوسط واليسار الصهيوني ليس فقط ليس لديهم خبرة كبيرة في الحكم، ولكنهم يواجهون أيضا اختلافات كبيرة من حيث صنع السياسة على المستويين الداخلي والخارجي. وعلى الرغم من تحالفهم ضد نتنياهو، لا يمكن أن يكون هذا ضمانا بأنهم سيتوافقون على تشكيل حكومة وسياسة واحدة.
وعلى صعيد آخر، لا ينبغي الاستهانة بنفوذ وسلطة نتنياهو وحزب الليكود في التأثير على إرادة الأحزاب الأخرى. وهذا صحيح بشكل خاص في وقت تكون فيه غالبية الأحزاب المعارضة لنتنياهو هشة للغاية ويمكن الإطاحة بها ببضعة مقاعد فقط. ونتيجة لذلك، فإن احتمال انحياز أي تيار تجاه حزب الليكود قد يؤدي إلى فشل تشكيل حكومة ائتلافية وحكومة متناوبة بين حزبي ياش عتيد ويمينا.