الوقت- بعد أن أصبح رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع مهمشاً على الساحة السياسية اللبنانية، يعمد من تزعم ميليشيا مسلحة إبان الحرب الأهلية اللبنانية إلى مهاجمة كل من يحافظ على وحدة لبنان وكرامتها ويستخدم اسلوباً هجومياً لكي يحدث بلبلة في الأوساط اللبنانية ويبقى في دائرة الضوء، وهذا ما فعله بعد خطاب سيد المقاومة السيد حسن نصرالله عن شهداء المقاومة، وهذه ليست المرة الأولى التي يتعمد فيها جعجع هذا الاسلوب.
العميل التاريخي لإسرائيل سمير جعجع قام بتوزيع شهادات وطنية بعد خطاب السيد نصرالله، حيث أكد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أن حزبه لن يحمل السلاح مجدداً إلا في حالة واحدة، وهي انهيار الجيش وقوى الأمن في البلاد، معتبراً أن "حزب الله" يلحق ضرراً باللبنانيين.
وقال جعجع، الذي تزعم ميليشيا مسلحة إبان الحرب الأهلية في لبنان، لصحيفة "الجمهورية" اللبنانية إن حلف حزب رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون (التيار الوطني الحر) مع "حزب الله" هو الذي أوصل البلاد إلى ما وصلت إليه، معتبراً أن الحل هو في انتخابات نيابية مبكرة تبدل الأكثرية النيابية.
وأكّد جعجع "أنّ الصواريخ التي يمتلكها حزب الله هي صواريخ إيرانية، وموجودة لخدمة مشروع إيراني بدليل التصريح الذي سمعناه على لسان قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الايراني".
الجميع يعلم أن حزب الله يدافع عن أرضه وعرضه ووحدة لبنان وسيادته ضد العدو الصهيوني الذي ارتكب أبشع المجازر، ونذر نفسه لهذه المهمة، ولكن ما هي المهمة التي نذر جعجع نفسه لها، "خيانة اللبنانيين" والتحالف مع الإسرائيلي الذي ارتكب جرائم لا تعد ولا تحصى بحق لبنان واحتل ارضهم ودمر بناهم التحتية، ولولا المقاومة ألم تكن اسرائيل اليوم تتجول في لبنان.
عند الاجتياح الاسرائيلي للبنان اتخذ جعجع من العدو الاسرائيلي صديقاً وحليفاً ودعم بالكامل الاجتياح "الإسرائيلي" عام 1982 وعمل كمرشد ودليل لجيش العدو ومَن ينظر الى مصالحه الضيقة داخل اللعبة اللبنانية، فـ"القوات" التي أسسها بشير الجميل في العام 1976 عززتها "إسرائيل" بالسلاح لتخوض معركة العدو على أرض لبنان، ولا يخفى على أحد التاريخ الأسود لسمير جعجع والذي يبرز في حقده و كرهه للجيش اللبناني فهو الذي قتل العميد في الجيش اللبناني خليل كنعان، بعد إبادة مخفر الحرس الخاص به، ودخولهم إلى غرفة نومه، واغتياله فضلاً عن محاولة قتل ثلاثة ضباط في الجيش اللبناني، الذين تعرضوا لمحاولة تسميم بشكل مميت فضلاً عن قتله أسعد حداد في عمشيت عن طريق إطلاق عشرات الرصاصات على رأسه وطلبه من عناصره على جهاز مكبر للصوت بإعدام عدد من الضباط على مرأى من العسكريين في ثكنة عمشيت.
ومن ينسى ما فعله في كنيسة "سيدة النجاة" في منطقة ذوق مكايل حيث سقط 11 شهيدا كانوا يؤدون الصلاة في بيت من بيوت الله حيث اتهم وقتها رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع بارتكابها. وألقي القبض عليه وبعد سير المحاكمة صدرت احكام قضائية من القضاء اللبناني تجرمه وتثبت ارتكابه هذه الجريمة اضافة الى غيرها من الجرائم.
ولكن في لبنان تبقى السياسة هي الفيصل للالتفاف على نصوص القانون واحكام القضاء، فقد راهن البعض ونجح رهانه ان السياسة ستعفي جعجع من تنفيذ الاحكام القضائية التي تدينه بارتكاب جرائم عدة منها تفجير الكنيسة المذكورة.
ولكن هل يقبل ان يخرج المعفي عنه لإعطاء دروس في الوطنية والقومية والحرية والعدالة وكيفية تحرير الاوطان؟ أليس الاجدر التصرف -وكما قال الحديث النبوي الشريف- بطريقة "اذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا"، وعليه يجب على من ادانه القضاء اقله التزام الصمت بدل الحديث عن جرائم ترتكب هنا وهناك، وهل بتنا في زمن لم يعد يكتفي مرتكب الجرم بالتفاخر بجرمه بل اصبح يعطي دروسا في الحق والعدل والصواب؟.
في الحرب الاهلية قسّمت القوات اللبنانية صيدا إلى شطرين، وجعلت من حي القياعة خط تماس مع الهلالية والبرامية وعبرا وما هو بعدها... وبدأ القصف من شرقها على غربها، وحبست عائلات بأسرها بين الشطرَين... أصبحت القياعة التي هي حي صيداوي داخلي خط تماس مع القوات اللبنانية. لقد كان الهجوم الذي استمرّ حتى الـ 26 من نيسان خدمة كاملة للعدو الصهيوني، لم يكن هناك أي احتمال لأي مصلحة محتمَلة للبنان أو للمسيحيين على الإطلاق، ولو بنسبة واحد بالألف، ولكن كان تنفيذاً للخطة الإسرائيلية التي كانت تنصّ على أنّ المناطق التي تنسحب منها إسرائيل يجب أن تتقاتل وأن تُدمّر حتى يقول الإسرائيلي للرأي العام العالمي الغبي، إنّ وجود إسرائيل كان حاجة لأمن اللبنانيين، وإنّ اللبنانيين أعجز من أن يحكموا بلدهم.
عند الانسحاب، وبعد المخاوف التي بثّها العدو الإسرائيلي عن مصير المناطق التي سينسحب منها، وبعد فشل محاولة اغتيال مصطفى سعد في الـ 25 من كانون الثاني 1985 ــــــ أي قبل الانسحاب الإسرائيلي بنحو 22 يوماً فقط ــــــ في أن تُحدث فتنة داخلية كما صرّح بذلك العملاء إثر الانفجار مباشرة، قام جعجع بتقديم هذه الخدمة المأجورة إلى العدو الصهيوني، ولم يكن في وارد أن يتعلّم من أخطاء عام 1983 عندما انسحبت إسرائيل من الجبل من دون تنسيق مع الجيش اللبناني، ولا مع حلفائها القوات اللبنانية، وزوّدت الدروز كما القوات بالسلاح اللازم للتدمير الذاتي، فكانت المجازر وكان الدمار، وكانت الكارثة، ولا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين.
وفضلاً عن هذا التاريخ الإجرامي الحافل، هناك ملف سرقة الأموال وحينها قدرت ثروة جعجع الشخصية بنحو 74 مليون دولار أخفاها بأسماء وهمية، وبعضها بأسماء رجال دين وصولاً إلى فضيحة ليلة شد الشعر في نهر الكلب بين شقيقة جعجع وزوجته ستريدا على خلفية 37 مليون دولار، في المنزل الذي يقع تحت تمثال يسوع الملك وإذا كان جعجع يتباهى بأنه تلقى سلاحاً من "إسرائيل"، فإن ادعاءه بأن هذا السلاح كان للدفاع عن النفس، هو ادعاء لا يمت إلى الحقيقة بأي صلة، لأنه لم يكن إلا سلاح العمالة والخيانة الوطنية.