الوقت- تتصاعد التوترات بين قطر والبحرين في وقت تحولت فيه هذه القضية، عشية قمة الرياض، إلى تحد أساسي وعقبة كبيرة في مسار الجهود التي تبذل لحل أزمة مجلس التعاون الخليجي المستمرة منذ ثلاث سنوات، إذ إن هذه الخلافات لها خلفية تاريخية وتحكمها النزاعات الإقليمية والسياسية.
الخلفية التاريخية للخلافات
يعتقد البحرينيون أن قطر جزء منفصل عن البحرين تاريخياً والتي انفصلت عن البحرين عام 1870 بعد الحكم العثماني على شبه الجزيرة العربية، حيث إن عائلة آل خليفة تعتبر جذورها تعود إلى مدينة الزبارة (مدينة تاريخية في شمال غرب قطر(.
فبعد تمرد القبائل في المناطق الداخلية من السعودية ضد العثمانيين، قرر العثمانيون اختيار قبيلة للحكم بدلاً من الاعتماد على إرسال قوة لمواجهة التمرد في قطر ومنع اعتداء بريطانيا على الأراضي المحتلة حديثًاً، حيث تم انتخاب جاسم آل ثاني، زعيم إحدى القبائل البارزة في الدوحة، ليحكم قطر الخاضعة للسيطرة العثمانية.
وعلى الرغم من الاعتراف بالبحرين وقطر كوحدتين إقليميتين مستقلتين في معاهدة 1913 بين العثمانيين والبريطانيين، سعت البحرين طوال القرن العشرين لاستعادة أراضيها المفقودة في قطر لأن المعاهدة لم ترسم حدوداً دقيقة بين الجانبين، بمعنى آخر، لم يكن هناك ترسيم واضحاً بين البحرين وقطر، حتى مع نهاية الإمبراطورية العثمانية توترت العلاقات بين قطر والبحرين، وفي عام 1937، قام أمير قطر عبد الله بن جاسم آل ثاني، بقمع القبائل التي كانت تعتبر نفسها تابعة للحكومة البحرينية.
الخلافات الإقليمية
تدور الخلافات الإقليمية بين البلدين حول ترسيم الحدود البحرية ومنطقة الزبارة وجزر حوار - أرخبيل مكون من جزيرة حوار الرئيسة وجزيرة ربض الشرقية وربض الغربية والحجيات وسواد الجنوبية وسواد الشمالية وامحزوزة والوكور وبو تمور وبو سداد.
ومن أسباب الخلافات الإقليمية الواسعة بين قطر والبحرين، كما ذكرنا، أن المعاهدة البريطانية العثمانية عام 1913 لم تحدد الحدود بين البحرين وقطر، وتسبب وجود موارد نفطية وغازية هائلة في هذه المناطق في نزاع بين الجانبين حول ملكية هذه الجزر. ففي عام 1971، تحدت قطر البحرين على جزر حوار، وبدأت الحرب البحرية - بشكل دوري. وخاصة في عام 1985، كانتا على شفا الحرب. وفي عام 2020 ، بعد أن بدأت البحرين في بناء التحصينات في جزيرة فشت الديبل، وصفت قطر البناء بأنه انتهاك لاتفاقية 1978 ، وفي أبريل 1986، دخلت القوات القطرية الجزيرة بطائرة هليكوبتر، معلنة أنها "منطقة محظورة". واعتقلت العديد من المسؤولين البحرينيين و 29 من المتعاقدين الهولنديين الذين عينتهم البحرين.
وفي التسعينيات، ونتيجة لعجز الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي على التوسط في النزاع، قررت الدولتان إحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي.
ففي عام 2001، أعلنت محكمة العدل الدولية حكمها واتخذت القرار بشأن السيادة على الجزر المتنازع عليها من خلال إقامة حدود بحرية. وقضت المحكمة بأن الزبارة وجزيرة جنان وجزيرة فشت الديبل لقطر، وأن جزر الحوار وقطعة جرادة للبحرين.
أزمة مجلس التعاون وفتح الجروح القديمة
خلال السنوات التي أعقبت إعلان قرار محكمة لاهاي، وعلى الرغم من أن العلاقات بين قطر والبحرين لم تكن متأزمة كما كانت عليه في العقود السابقة ، لكن الخلافات كانت كنار تحت الرماد على وشك الاشتعال. وعلى الرغم من أن قطر كانت خلال تطورات ما سمي بـ"الربيع العربي" على خلاف مع دول أعضاء أخرى في مجلس التعاون حول كيفية التعامل مع الثورات الشعبية في الدول العربية ، لكنها بسبب المخاوف المشتركة من وجود موجة من المطالبة بالديمقراطية في الخليج الفارسي، لم تنشط الدوحة وذراعها الإعلامي المؤثر، أي إن الجزيرة، في تغطية الثورة الشعبية في البحرين على عكس تغطية التطورات في مصر وتونس وليبيا وسوريا.
لكن في عام 2017 ظهرت جروح الخلافات الإقليمية والسياسية القديمة بين قطر والبحرين، وفي الواقع يمكن القول إن آل خليفة انتهزوا فرصة قرار السعودية والإمارات ومصر حصار قطر ومعاقبتها لدعمها الإخوان وذلك من أجل إعادة فتح ملف الخلافات.
ويمكن ملاحظة ذلك في السماح للمعارضين الداخليين للحكومة بالتجسس لمصلحة قطر فضلاً عن خلق توترات على الحدود المتنازع عليها مع الدوحة، ففي وقت سابق من الشهر الماضي، أرسلت المندوبة القطرية الدائمة لدى الأمم المتحدة علياء أحمد بن سيف آل ثاني رسالة إلى مسؤولي الأمم المتحدة وقدمت فيها شكوى بسبب اعتداء أربع طائرات عسكرية بحرينية في 9 ديسمبر على المجال الجوي القطري وانتهاك سيادتها وسلامة أراضيها وأمنها. كما أعلنت وزارة الداخلية القطرية، خلال الأسابيع الماضية، عن توقيف طاقم سفينة صيد بحرينية لخرقها مياهها الإقليمية.
وفي هذا الصدد، كشفت بعض المصادر أن البحرين، وبدعم من الإمارات والسعودية، تصعد خلافاتها مع قطر وتفتح ملفاً يتعلق بالخلافات السابقة بين البلدين حول الحدود البحرية، والذي أغلق بعد قرار من محكمة العدل الدولية في لاهاي، لكن المنامة غير راضية عنه تماماً.