الوقت- يبدو أن العملية العسكرية الجوية التي بدأتها القوات الجوية الروسية في سوريا بدأت تؤتي أكلها، قالبة الطاولة على رأس كل من دعم الجماعات الارهابية طيلة خمس سنوات بهدف اسقاط النظام، بدءا من تركيا و مرورا بأمريكا و الدول الأوروبية و انتهاء بالدول العربية التي أنفقت المليارات لتسليح المجموعات الارهابية. و ما إن بدأت العملية العسكرية الروسية حتى بدأت معها الرسائل في كل اتجاه للعدو و الصديق و لعل صواريخ "كاليبر" عالية الدقة و التي أطلقتها السفن الروسية من بحر قزوين من أبرز تلك الرسائل طويلة المدى لأمريكا و الدول التابعة لها في المنطقة.
و كما تؤكد مصادر ميدانية من سوريا فان الأهداف التي ضربتها صواريخ كاليبر الذكية كان من الممكن ضربها بالطائرات حيث أن جميعها أهداف سطحية غير محصنة، و لعل تلك هي الاشارة الروسية الأبرز على كون هذا الاستعراض رسالة لمن يهمه الأمر، و قد شبهت احدى الصحف الروسية مسألة اطلاق الصواريخ "باصطياد دب بصاروخ كاتيوشا بدل الرصاص". فالى أين أرادت روسيا بعث رسائلها و من هي الجهات التي تلقتها؟
يوم أمس نشرت صحيفة الديار اللبنانية تقريرا يتحدث عن ارسال قطر منظومة دفاع جوية الى تركيا عبارة عن صواريخ "ستينغر" أمريكية الصنع، تمهيدا لارسالها الى المجموعات الارهابية في سوريا، لضرب الطائرات الروسية التي قضت حتى الآن على أكثر من 40% من البنية التحتية لتنظيم داعش الارهابي حسب ما أعلن وزير الدفاع الروسي "سيرغي شويغو"، هذا التصرف حسب الصحيفة حصل من دون التنسيق مع أمريكا التي سارعت الى ايقاف العملية، خشية الدخول بحرب لا نهاية لها مع الدب الروسي.
بالطبع لم تكن الرسالة موجهة الى قطر حصرا فقد تحدثت معلومات قبل أيام عن ارسال السعودية 500 صاروخ تاو مضاد للمدرعات الى المجموعات الارهابية في محاولة مستميتة لعدم كسر التوازن الذي فرضته الضربات الجوية الروسية. و قدد جدد ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع محمد بن سلمان خلال زيارته الى موسكو البارحة ثبات الموقف السعودي و اصراره على رحيل الرئيس السوري بشار الأسد لبدأ انتقال السلطة الى قوى المعارضة، كما صرح وزير الخارجية السعودية عادل الجبير بأن للسعودية بعض المخاوف من الضربات الجوية الروسية. كلام المسؤولين السعوديين يدل على حالة من الضياع بسبب الفشل المتكرر في ملفات المنطقة من سوريا الى اليمن الى العلاقة الضبابية مع أمريكا بعد توقيع الاتفاق النووي مع ايران. الحالة الهستيرية التي أصابت الدول الخليجية جراء الضربات الروسية على الارهابيين في سوريا تدل على سوء ادراك و ووعي فكري ضعيف لطبيعة المعركة و حجمها، فتلك الدول لم تعتد على الانكسار و الهزيمة كما حصل اليوم في سوريا و اليمن لذلك فهي لم تخرج بعد من الصدمة.
بالطبع فان الجانب التركي أيضا تلقى الرسالة من جانبه بأن الدخول الروسي في الحرب الكونية على النظام السوري، جدي بما فيه الكفاية لتسحب تركيا يدها من الملعب السوري و أن حدود المسرح الروسي رسميا هي السماء السورية من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب، و بأن دعم الارهابيين لن يمر بغض بصر روسي حيث اعتبرت الأخيرة و بشكل رسمي بأن دعم الارهابيين بعد الآن سيعتبر مواجهة مباشرة مع روسيا، فتبدد تلقائيا حلم أردوغان بتطبيق منطقة أمنية عازلة، كما التغت فكرة الحظر الجوي شمال سوريا بل أكثر من ذلك فقد خرقت الطائرات الروسية أجواء تركيا أكثر من مرة دون أن تتصدى لها الدفاعات الجوية التركية بل اكتفت الحكومة باستدعاء السفير الروسي و كان الرد اعلاميا. حتى اسرائيل فهمت بأن دخول طائراتها الى الأجواء السورية سيعني صدامها مع الطائرات الروسية مع ما يحمله الأمر من عواقب اسرائيل بغنى عنها.
الرسالة الروسية من بحر قزوين وصلت الى الجهات المعنية، كما وصلت قبلها رسالة خرق المجال الجوي التركي أكثر من مرة. هدف روسيا في الميدان السوري بات واضحا للجميع، ضرب الجماعات الارهابية و حماية النظام السوري، لكنها في الوقت نفسه ترفض أي مضايقات تعيق عملها أو تعرض قطعها العسكرية و جنودها للخطر، و قد أعذر من أنذر.