الوقت- بعد الأخبار التي تحدثت عن قرب موعد الزيارة الملكية السعودية الى روسيا و التي قيل أن الملك سلمان بن عبد العزيز سوف يكون على رأسها، انتشرت في اليومين الأخيرين أخبار تتحدث عن عدول الملك السعودي عن الزيارة مكتفيا بارسال ابنه ولي ولي العهد محمد بن سلمان ليمثل البلاد بصفة وزير الدفاع. و رغم أن المعلومات التي تحدثت عن قرب موعد زيارة الملك سلمان الى روسيا و المعلومات الجديدة التي تحدثت عن الغائه الرحلة بشخصه، عبارة عن معلومات صحفية تستند الى مصادر غير معلن عنها، و لكن على أي حال فان صحت تلك المعلومات ستكون بمثابة رسائل ترسلها السعودية في كل الاتجاهات.
لا يخفى على أي متابع للوضع السعودي انزعاجها من الاتفاق النووي الايراني و التحول في الاستراتيجية الأمريكية لجهة وقف دعم الارهاب بشكل تدريجي في سوريا، ما يعني ضرب الهواجس السعودية و سياساتها الخارجية عرض الحائط، لذا يذهب البعض الى القول بأن الاعلان عن زيارة الملك السعودي الى موسكو أريد منها جس النبض الأمريكي و رفع البطاقة الصفراء في وجهه ليس إلا، وقد وصلت الرسالة بالفعل، فالحكومة الأمريكية لا يمكنها التخلي عن السعودية كحليف أساسي تستفيد منه عند الحاجة لتمويل نشاطاتها في الشرق الأوسط اضافة الى كونها زبون سخي وأساسي لصناعاتها العسكرية بصفقات تبلغ عشرات مليارات الدولارات كل سنة.
سبب آخر كاف لعكوف الملك سليمان عن زيارته الى موسكو، دخول روسيا في الحرب الكونية على سوريا الى جانب النظام و كسرها لمشروع عملت عليه السعودية لسنوات أي اسقاط النظام السوري وصرفت لأجله المليارات، فأحرقت روسيا بذلك ورقة بيد السعودية لطالما راهنت عليها، كما أكد أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في مقابلته مع قناة الأهواز بأن مشروع السعودية في اسقاط النظام السوري تحطم مؤكدا بأن السعودية سوف تمنى بهزيمة نكراء في اليمن، بانيا كلامه على معطيات وتحليلات.
بعض المحللين تحدثوا عن تفاقم مشكلة النسيان التي يعاني منها ملك السعودية "الزهايمر" مما يقلق ابنه ولي ولي العهد خصوصا في هذه المرحلة الحساسة في تاريخ السعودية، حيث لم يمكن نفسه ابن سلمان بما يكفي ليبقى في موقع القوة حال عزل أو موت والده، و يمكن لآل سعود المستأثرين بحكم المملكة منذ ما يربو على مئة عام أن يعزلوا الملك في حال مرضه و ينصبوا ولي عهده ، وقد لاح في الماضي القريب كلام مسرب عن نية بعض الأمراء بالانقلاب على سلمان وانتخاب خليفة جديد يدير المملكة بعد أن أغرقها طيش محمد بن سلمان وغيره في الكثير من المستنقعات من سوريا الى اليمن الى غيرها من السياسات الخاطئة التي تدفع المملكة الى المزيد من الأزمات.
مهما يكن السبب الذي عكف من أجله الملك السعودي عن زيارة روسيا شخصيا فان الزيارة ستبقى قائمة وعلى رأسها محمد بن سلمان بصفة وزير الدفاع السعودي، ما يعني أن الزيارة لم تفقد أهميتها عمليا وان كانت قد تفقد بعض الرهجة الاعلامية التي كانت متوقعة. وكما بدأت العلاقات الروسية السعودية بالتحول الايجابي بعد استلام سلمان للحكم في السعودية، فان هذه العلاقات سوف تبقى وتتحسن تدريجيا ما لم يحدث ما هو غير متوقع في العقلية السعودية المتقلبة، ومن جهة أخرى هناك الكثير من الاتفاقيات التي وقعت بين الطرفين خلال زيارات سابقة وأخرى تنتظر الاتفاق على بعض النقاط لتوقيعها.
و لعل السبب الرئيسي وراء زيارة محمد بن سلمان هو سعي السعودية للاتفاق مع الجانب الروسي للتوصل الى رفع سعر برميل النفط بعد أن طفت على السطح مشكلة العجز في الخزينة السعودية ليصل الى 20% حيث اضطرت الحكومة لسحب حوالي ٧٥ مليار دولار من الاحتياط المالي الذي يقدر بحوالي ٦٧٠ مليار دولار لمواجهة العجز والاعباء المالية الاخرى، وخاصة نفقات الحرب الباهظة التي تخوضها السعودية في كل من اليمن وسورية. ما جعلها تبدأ سياسة تقشف صارمة كشفت عنها صحيفة الغارديان البريطانية عبر رسالة سرية للغاية من الملك الى وزير المالية تتضمن تعليمات جديدة للتقشف و تخفيف الانفاق. مما يعني أن السعودية تعتبر أول من يتضرر من سياستها الغير مدروسة في خفض سعر النفط التي حضتها عليها الادارة الأمريكية لضرب روسيا.