الوقت- يرى المحور الغربي الأمريكي في اعلامه في الضربات الجوية الروسية على جماعات التدمير والتخريب في سوريا على أنها هجوم روسي على سوريا، هذه الرؤية تستند إلى أن الضربات تشمل ما تسميه أمريكا المعارضة السلمية، هذه المعارضة والتي تراها أمريكا بالنصرة وما تطلق عليه الجيش الحر، في هذا الإطار يريدون لهذا المصطلح أن تنزع الشرعية عن هذه الحملات وأعطائها طابع العدائية، فيما يرى المحور الرباعي والمتمثل بإيران وروسيا والعراق وسوريا على أنه تعاون وتنسيق روسي - سوري بهدف ضرب هذه الجماعات وبالتالي ضرب الفكر التدميري لسوريا وتوجيه الأمور نحو الأطر السياسية، والرؤية لديهم في أن هذه الجماعات مهما اختلفت مسمياتها فهي في الهدف واحد. وبالتالي ضرب هذه الجماعات هو ما يُعد البادرة الأولى نحو نقاش سوري سوري بعيداً عن التدخلات الخارجية بإعتبار أن الجماعات التدميرية هي يد الغرب الإستعماري في سوريا.
المعارضة السلمية من وجهة النظر الأمريكية
يدعي الغرب الأمريكي ومن خلال اعلامه أن الضربات الجوية الروسية في سورية عامل زعزعة وارباك للحلول فيها، فيما يُنظر من الوجهة الروسية أن أكثر من ثلاث سنوات من الحملات الجوية الغربية بقيادة أمريكا زادت الوضع السوري سوءاً، بل أنها أعطت دعماً للجماعات التخريبية التدميرية فيها، وهي وقفت أمام الجيش السوري مانعاً للتقدم واستعادة أراضي بلاده من يد الجماعات التدميرية، وبالتالي ولّد هذا الواقع ضرورة لدى الطرف الروسي بأهمية التحرك الجاد والفاعل لضرب هذه الجماعات.
ينطلق الإعلام الغربي الأمريكي في انتقاده للحملات الروسية على الجماعات التخريبية بسبب أن روسيا تقوم في ضرباتها وبالتعاون مع الجيش السوري باستهداف كافة الجماعات التخريبية من دون تمييز بين داعش والنصرة وما يسمى بالجيش الحر. يرى الطرف الروسي السوري أن هذه الجماعات جميعها شبيهة بعضها البعض في المخطط والهدف فيما يرى الغرب الأمريكي أن بعض هذه الجماعات كالحر والنصرة يمثلان الجانب المعتدل بخلاف داعش. الإدعاء الامريكي حول اعتدال بعض هذه الجماعات يخالفه الواقع، فمنذ انطلق تحركات الجماعات التخريبية في سوريا أي قبل خمس سنوات تقريباً لم يكن لداعش من وجود على الساحة السورية، فهي ظهرت في العام 2013 أي منذ عامين، وخلال السنتين الأولى كان الحر والنصرة هما الموجودين، ولعل السنتين الأولى منذ بدأ الهجمة الغربية على سوريا والمتمثلة بهذه الجماعات كانت أكثرها دموية وضرراً على الشعب السوري.
ماذا وراء الإنتقاد الأمريكي للتنسيق الروسي السوري
من هنا يظهر أن الهدف الذي يكمن وراء الإنتقاد الغربي الامريكي هو خلاف المعلن. وقائع الأرض تشير إلى أن داعش هي أكثر الجماعات التدميرية التي تلقى دعماً امريكياً، وهي تعوّل عليها في تنفيذ مشروعها وبالتالي لا يخالف الغرب الأمريكي من شن ضربات على هذه الجماعات ولكن وفق الرؤية الأمريكية والمتمثلة بشرطين، أولهما أن تكون هذه الضربات شكلية لا تؤدي إلى اضعافها، وثانيهما أن تطال داعش دون غيرها والسبب وراء ذلك يقف خلفه اعتبارات كثيرة أهمها الدعم الذي تلقاه داعش وخاصة من تركيا تدفع بأمريكا إلى ضرورة الحد قليلاً من قدرتها التوسعية وبالتالي رسم حدود بينها والشعب السوري وفق رؤيتها، هذا بخلاف باقي الجماعات التي تعد أقل قدرة. على الجانب الأخر يرى الغرب الأمريكي أن ضرب داعش من شأنه أن يحدث توازن بين الجماعات التخريبية التدميرية في سوريا وبالتالي الحفاظ على التعددية لهذه الجماعات الذي يحقق الهدف الامريكي بتوسعة دائرة الصراعات والإختلافات في المنطقة.
يرى الغرب الأمريكي أن التنسيق الروسي السوري في ضرب الفكر التدميري في سوريا من جهة والحديث عن انشاء مركز اطلاعات مشترك بين روسيا وايران وسوريا والعراق من شأنه أن يشكل مقدمة لتفعيل المركز المشترك في القيام بعمليات مشتركة تنفيذية على الأرض وهو ما يتعارض والمصالح الغربية، على الجانب الأخر يرى الغرب الأمريكي أن توسيع دائرة عمل الحلف الرباعي من شأنه أن يقوي حركات المقاومة في المنطقة.
انتقادات أمريكية داخلية للسياسة المتبعة
الإنتقاد الأمريكي للتنسيق والتعاون الروسي السوري في ضرب الفكر التدميري يقابله انتقادات من قبل بعض أعضاء مجلس النواب الأمريكي والمحللين السياسيين الأمريكيين، هذه الإنتقادات تتمركز حول السياسات التي تتبعها أمركيا في علاقاتها مع الدول الأخرى، فهي تنظر إلى احتلال افغانستان ومن بعده العراق إلى أنها خطوات كانت خاطئة تماماً وهي عادت على أمريكا بنتائج سلبية أكثر منها منفعاتية، هذه الإنتقادات تنظر إلى الملف الليبي أيضاً والسوري على أنها شبه تكرار للسياسات الخاطئة في العراق وافغانستان، فيما تتوجه بعض الآراء للحديث عن الدمار الهائل الذي أحدثه التدخل الأمريكي في هذه البلدان، وعن مئات الضحايا والتفكك الإجتماعي في سوريا.