الوقت- في الآونة الأخيرة، اهتمت وسائل الإعلام، وخاصة وسائل الإعلام المناهضة للمقاومة، بانتقاد رئيس المخابرات السعودي الأسبق بندر بن سلطان والسفير السعودي السابق لدى واشنطن لقادة فلسطينيين كانوا قد رفضوا اتفاق تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.
حيث قال بندر بن سلطان إضافة الى بعض المراقبين المقربين منه ، مستشهدين بعدد من التحريفات التاريخية ان "دول الخليج الفارسي تضحي لحل القضية الفلسطينية ، بينما يضيع "الفلسطينيون" الفرص التي أتيحت لهم ، ولذلك فإن التطبيع هو طريقة جديدة لإحلال السلام في المنطقة ، ويجب على الفلسطينيين ألا يفوتوا الفرص الضائعة مرة أخرى".
ويلقب بندر بن سلطان بـ "بندر بوش" الذي وصفه الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش بأنه صديق مقرب للعائلة وشريك تجاري وسياسي ، ومن أجل التعرف على هذا الأمير السعودي وموقفه ومدى علاقاته مع الأمريكيين ، يكفي أن ننظر إلى الطريقة التي شغل بها منصب سفير السعودية في واشنطن وخدم الأمريكان من عام 1983 إلى عام 2005.
الأسباب الرئيسة لأكاذيب بندر بن سلطان
أولاً: في مقابلة مع قناة العربية ، هاجم بندر بن سلطان القادة الفلسطينيين بحدة ، قائلاً إن القضية الفلسطينية قضية عادلة ، لكن حماتها هزموا وفشلوا ، وأشار إلى دعم الملك السعودي للقضية الفلسطينية ، قائلاً إن الشعب الفلسطيني يجب أن يتذكر أن السعودية كانت دائماً مستعدة وراغبة في مساعدة فلسطين.
وهذا يعني ربط حقائق الماضي والحاضر ، واستهداف الوحدة الفلسطينية مقابل التطبيع ، وتزييف واقع دور السعودية ، وتبرير تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.
ثانياً: أطلق بندر بن سلطان مؤخراً موقعه على الإنترنت وأعلن في مقدمة موقعه: اليوم وبعد أن تركت الوظيفة الحكومية أردت التعبير عن رأيي الشخصي من خلال هذا الموقع في العديد من القضايا السياسية والأمنية والدولية المتعلقة بمنطقتنا ، وسوف أشارك وأشرح العديد من الحقائق التي شاهدتها وشاركت فيها بالتفصيل الكامل ، بشكل مباشر أو غير مباشر ، من وجهة نظر تاريخية في الوقت الحاضر.
وهذا يعني أنه تم إنشاء منصة للترويج وصياغة المغالطات في التنسيقات التاريخية والوثائقية التي قد تخدع العديد من العقول العامة.
وفي مقابلة مع برنامج وثائقي بعنوان "مع بندر" ، أبلغ بندر بن سلطان المواطنين السعوديين ودول الخليج الفارسي أن يعرفوا جيداً المواقف السعودية الداعمة للقضية الفلسطينية ومبادئها ، وأكد أن القضية الفلسطينية لا تزال محور المفاوضات بين الرياض وواشنطن.
وزعم بن سلطان أن دعم القضية الفلسطينية في السعودية كان واضحا جدا من خلال المواقف والأفعال السعودية ، وأن هذا الامر لم يكن شعارا فقط ، وقال بندر في رسالة واضحة لتركيا وإيران: "تركيا تحتل ليبيا وتريد تحرير القدس المحتلة بسحب سفيرها من أبوظبي ، وإيران تنوي تحرير فلسطين من براثن إسرائيل من خلال التعاون مع لبنان".
كما ادعى بندر بن سلطان أن قناتي المنار اللبنانية والجزيرة هما "إعلام سام" وأن رسالتهما كذبة والغرض منها التحريض على كراهية دول الخليج الفارسي وقادتها.
كما ان مفهوم "التضحية" ليس كما يدعي بندر بن سلطان ، وفي حين تحدث الأمير السعودي عن التضحية فهو يخون القضية الفلسطينية ويتجاهل المثل الفلسطينية ويحاصر مقاومي محور المقاومة ويدعم خيانة المطبعين مع الكيان الصهيوني.
حيث ان المنار والجزيرة هما وسيلتان إعلاميتان منفصلتان وصفهما بندر بن سلطان بـ "السامة" ، الأمر الذي يعكس شعارات دعائية وليس الوقائع التاريخية ، قناة المنار هي لغة المقاومة وملتزمة بمبادئها ولا علاقة لها بقناة الجزيرة لا شكلاً ولا جوهرًا ، والشيء الوحيد المشترك بين هاتين القناتين الإعلاميتين بالنسبة لهم ، هو العداء السعودي للثورة الإسلامية والمقاومة والمعارضة.
كما ان موضوع الدعم السعودي للقضية الفلسطينية أمر قابل للنقاش ، فلا أحد ينكر الدعم المادي للجبهات الفلسطينية والداخلية ، ولكن كيف وبأي طريقة تم تقديم هذه المساعدة؟
ومن ناحية أخرى ، هناك تقييم شامل لعملية الصراع وكذلك للحقائق السياسية ، حيث تحاول الولايات المتحدة الامريكية ، كداعم رئيس للكيان الصهيوني ، توسيع رقعة الاحتلال الإسرائيلي من خلال الضغط على القادة الفلسطينيين عبر العمل السياسي.
كما ان المبارزة السعودية المزعومة من أجل الفلسطينيين تقوم على ركيزتين أساسيتين: الدعم السياسي والمالي للجيوش التي حاربت ، وحظر النفط في عام 1973 ، والذي يجب مناقشته بإيجاز.
أولاً ، موقف السعودية المعلن الداعم للقضية الفلسطينية لا يمكن فصله عن الوضع السياسي المحيط به ، أي منظمة التحرير الوطنية ، وتغلغل حس الغضب من الصهاينة في شبه الجزيرة ، وهو ما كان من المستحيل على الرياض مواجهته ، وبالتالي ليس أمام السعودية خيار سوى الجدل بطريقتها الخاصة ، حيث أنشأت السعودية خدمة أمنية تسمى الدعم الإسلامي كخدمة للولايات المتحدة الامريكية ضد الشيوعية.
نشر القائد طه الهاشمي مذكراته في صحيفة الحارس ببغداد ، والذي كان رئيس اللجنة العسكرية لجامعة الدول العربية التي تأسست في 1947-1947 للإشراف على الحرب الفلسطينية ، وقال الهاشمي إن الحكومة السعودية أرسلت أسلحة إلى لجنة عسكرية لإنقاذ فلسطين في صحراء السكاكة في السعودية ، وأن هذه الأسلحة جاءت بأشكال متنوعة منها موزر وشنايدر ومارتيني ، إلى جانب بنادق فرنسية وبريطانية ومصرية ويونانية ونمساوية ، وجميعهم صدئ وغير صالح للاستعمال.
وما كتبه الملك حسين في كتاب بعنوان "حربنا مع إسرائيل" عن الملك فيصل في حرب عام 1967 ان المساعدات السعودية دخلت الأردن بعد الحرب وعندما انتهى كل شيء.
ثانياً ، بالنظر إلى الحظر النفطي ، فهي ادعاءات تكررت في حرب عام 1967 ، حيث زعمت السعودية أن هذه العقوبة كانت فقط لدول النفط وليس الغرب ، ثم جاءت الصدمة النفطية الأولى عام 1973 مع الحرب العربية الإسرائيلية الرابعة ، عندما هاجم الجيشان المصري والسوري الصهاينة لاستعادة الأراضي المحتلة في حرب عام 1967 ، الأمر الذي وفر منصة سياسية للدول العربية المنتجة للنفط ، والتي نصت على استخدام النفط بمثابة سلاح سياسي ضد الدول الأوروبية والولايات المتحدة الامريكية ، ما زاد الموقف السياسي للسعودية تحت قيادة العرب ؛ لأن هذه الدولة شهدت طفرة نفطية.