الوقت- أجريت الانتخابات الرئاسية في الجزء التركي من قبرص أمس، وبعد ساعتين فقط من انتهاء التصويت ، أعلنت الأنباء أن رئيس الوزراء القبرصي التركي السابق أرسين تتار انتزع الكرة من ملعب الرئيس السابق مصطفى أكينجي وفاز بها. وذهب 67٪ من أصل 199 ألف ناخب مؤهل إلى صناديق الاقتراع ، وارتفعت نسبة الإقبال بنسبة 9٪ عن الأسبوع الماضي.
ونجح أرسين تتار بتحقيق فوز مهم على المرشح والرئيس السابق مصطفى أكينجي بنسبة 51.6٪ من الأصوات. وخسر أكينجي بفارق ضئيل بلغ 48.3 في المئة من الأصوات ، وبذلك انتهت رئاسة الرجل الذي كان دائما ينتقد سياسات تركيا وأردوغان.
من هو أرسين تتار؟
ولد إرسين تتار، صاحب الـ60 عاماً، في قبرص التركية، لكنه أكمل سنوات دراسته الثانوية في لندن ودراسته الجامعية في كامبريدج. وعمل في بريطانيا لسنوات عدة في مجال المحاسبة وانتقل إلى أنقرة عام 1991 للعمل كمدير مالي في التصنيع العسكري. وبعد عام واحد ، أصبح مديراً لشبكة Show TV التلفزيونية الخاصة الشهيرة ، حيث عمل لمدة تسع سنوات ، ولكن في الوقت نفسه ، أنشأ شبكة تلفزيونية خاصة في تركيا ، تسمى Kanal T.
غادر تتار تركيا إلى شمال قبرص عام 2003 ودخل عالم السياسة. وفي البداية أصبح عضواً في البرلمان ، ثم وزيراً للاقتصاد ، وفي عام 2018 أصبح رئيساً للوزراء ، والآن أصبح رئيساً لدولة لا تعترف بها إلا تركيا بالطبع، وهكذا يمكن القول إن تتار قد ارتقى مدارج العمل في المجالين الاقتصادي والإعلامي ، وفي عالم السياسة أيضاً، ارتقى إلى السلطة في عملية طبيعية.
كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، زعيم حزب العدالة والتنمية ، السياسي الأجنبي الوحيد الذي اتصل بالرئيس الجديد وهنّأه فور إعلان النتائج الرسمية. إرسين تتار ، الذي كان متوافقاً تماماً مع سياسات أردوغان وأنقرة خلال فترة رئاسته للوزراء ، يتمتع الآن بسلطة وإمكانية أكبر لدمج قبرص التركية بشكل كامل مع تركيا بعد وصوله إلى الرئاسة.
خطاب تتار الهادف لدعم تركيا
إن إلقاء نظرة على نص خطاب تتار الأول أمام الحشد وفي الدقائق الأولى بعد إعلان الانتصار، يظهر توجهه السياسي تجاه مستقبل الجزء التركي من قبرص وتجاه سياسات أنقرة.
وقال تتار "أتراك قبرص يستحقون أفضل خدمة. سأفي بوعدي وأكون رئيساً لكل شعب جمهورية شمال قبرص التركية. كما أتقدم بشكر خاص الى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونائبه فؤاد اوكتاي. لقد تجاوز البعض على الوطن الأم تركيا وأخذ يتهجم على تركيا للفوز بالانتخابات. وأنا استنكر بشدة اقوالهم ومواقفهم وأرى من واجبي إسداء الشكر لتركيا ".
وقال تتار عن الوضع القانوني للهيكل السياسي لقبرص التركية "في هذه الليلة الخاصة ، أقول للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي: كونوا عادلين. لن يتخلى الشعب القبرصي التركي عن حقوقه السياسية وسيادته. لقد وضعتم أنفسكم داخل إطار محدد ولم تنجح خططكم وأساليبكم. أعلن أنني مستعد للتفاوض مع أصدقائي القبارصة اليونانيين. وأضاف "أنا واثق من أن حل خلافاتنا والتوصل الى نتيجة حول المحادثات سيضع العلاقات اليونانية التركية على المسار الصحيح.
وقال الرئيس القبرصي التركي الجديد عن العلاقات مع تركيا إن "التنمية الشاملة لعلاقاتنا مع تركيا هي أحد أهدافنا المهمة. سنمارس حقوقنا في شرق البحر الأبيض المتوسط ونمضي قدما في التعاون الاقتصادي مع تركيا. ولإثبات شرعيتنا وترسيخ موقع الجمهورية التركية لشمال قبرص في المنطقة والعالم ، سنستخدم ثقل تركيا وقوتها في التأثير ، ومن هنا أمد يد الصداقة إلى شعب قبرص الرومانية".
نهاية 45 عاماً من الحياة السياسية لأكينجي
قبل يومين فقط من الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية شمال قبرص التركية، قال يوسف كابلان المحلل في يني شفق والكاتب المقرب من المؤسسة السياسية والأمنية: "أيها الأفنديون! قبرص تضيع من بين أيدنا. عليكم أن تفعلوا شيئا. إذا أصبح أكينجي رئيساً، فسوف تضيع أحلامنا".
تُعرف قبرص التركية في الأدب السياسي التركي باسم "طفل الوطن". لكن مصطفى أكينجي لطالما وصف هذا الأدب بأنه خاطئ ومهين وأعلن أن قبرص التركية هي جارة لتركيا وليست طفل الوطن، وصرح لوسائل إعلام تركية قبل يوم من الانتخابات بأن "جمهورية تركيا هي الدولة الوحيدة التي اعترفت باستقلالنا ، لكننا نحث سلطات أنقرة على احترام استقلالنا والسماح لشعبنا بتحديد مصلحتهم".
وقال أكينجي بعد إعلان نتائج الانتخابات بنبرة عتب وبعيدة عن إثارة الأزمات "الكل يعرف ما حدث. اسمحوا لي ألا أكرر كلام الأيام الماضية. من يظن أن الانتخابات جرت في ظروف متكافئة وعادلة فهو على خطأ. أرى من الضروري تهنئة السيد أرسين تتار والمؤيدين الذين صنعوا هذه النتيجة له. وأعلن من هذا المنبر أنه في الوقت الذي أتقبل فيه نتائج الانتخابات مع تمنياتي للرئيس الجديد بالتوفيق ، سأتخلى عن السياسة وأضع حدا لـ 45 عاماً من الحياة السياسية."
قبرص التركية وشرق البحر المتوسط
يمكن القول بكل جرأة إن قبرص التركية هي أهم ركيزة استراتيجية حاليا لتركيا في شرق البحر المتوسط للوصول إلى موارد النفط والغاز. وإضافة إلى ذلك ، ستتمتع تركيا بقدرة أكبر على المساومة ضد جنوب قبرص واليونان ، وكذلك ضد الاتحاد الأوروبي.