الوقت- لم يمض أسبوع واحد على التصريحات المُهينة والمُذلة الصادرة عن العدو الصهيونيّ بحق المطبعين من الحكام العرب، والتي اعتبرت أنّهم كدوابّ ويجب على الكيان فقط ركوبهم للوصول إلى الوجهة النهائيّة، ليعلن نائب رئيس ما يسمى "مجلس السيادة الانتقاليّ السودانيّ "، محمد دقلو، المُلقب بـ "حميدتي"، عن رغبة بلاده بإقامة علاقات مع الكيان الصهيونيّ الغاصب، في إشارة واضحة إلى رغبة المجلس الانتقاليّ بالتطبيع مع العدو.
صفعة للشعب السودانيّ
شكلت تصريحات نائب رئيس ما يسمى مجلس السيادة الانتقاليّ السودانيّ ، الجمعة المنصرم، صفعة للرغبة الشعبيّة السودانيّة الرافضة للتطبيع مع العدو الصهيونيّ، حيث ادعى أنّ السودان يحتاج إلى "إسرائيل"، وسيستمر في المفاوضات حول هذا الأمر، مهاجماً في الوقت نفسه الشارع السودانيّ الرافض لإقامة علاقات مع الصهاينة بقوله: "من فوضهم بالرفض؟".
ورغم استيفاء السودان كل الشروط لإزالة اسمه من قائمة الإرهاب الأمريكيّة، إلا أنّ تلك القضيّة ترتبط ارتباطًاً وثيقاً في إقامة علاقات مع العدو الصهيونيّ، وهذا ما نقله وزير الخارجيّة الأمريكيّ، مايك بومبيو، في زيارته الأخيرة للعاصمة السودانيّة الخرطوم.
وتأتي تصريحات حميدتي في ظل تعثر قضيّة التطبيع مع السودان، بسبب خشية المسؤولين السودانيين من انعكاسات هذا القرار على الشارع السودانيّ، ناهيك عن رفض الطبقة المثقفة السودانيّة لأيّ علاقات مع كيان الاحتلال الوحشيّ باعتبارها "خيانة وطنيّة".
المضحك المبكي أنّ نائب رئيس مجلس السيادة السودانيّ، برر رغبته بالتطبيع بأنّ السودان لا يملك حدوداً مع العدو الغاشم، بعكس مصر والأردن، اللتين كانتا من أوائل الدول التي أُدخلت إلى حظيرة التطبيع مع الصهاينة، متناسيّاً رفض الشعب السودانيّ لأيّ تطبيع في العلاقات مع العدو الذي لم يترك نهجاً إجراميّاً ووحشيّاً إلا وارتكبه بحق العرب والمسلمين ومقدساتهم.
كذلك، يجب أن يُخبرنا مسؤولو المجلس الانتقاليّ الذي يقوده عبد الفتاح البرهان، كم كانت مساحة السودان قبل تقسيمه عام 2011، والذي كان يعتبر أكبر بلد إفريقيّ، ومن قسمه ولماذا؟.
تعثر المفاوضات
نعلم جميعاً حجم الضغوط التي تمارسها الإدارة الأمريكيّة، لإلحاق السودان بقافلة الخيانة الإماراتيّة - البحرينيّة، والتي لم تفضِ حتى الآن لإقناع السودان بالتطبيع كما كانت تأمل الولايات المتحدة والكيان الصهيونيّ، فيما كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكيّة، قبل أيام، نقلاً عن مسؤولين سودانيين، أنّ لأبو ظبي دوراً مؤثراً في تلك المفاوضات، وأوضحت الصحيفة أنّ الإمارات والكيان الصهيونيّ وأمريكا عرضوا على السودان ما يقارب مليار دولار للسير في ركب التطبيع.
يشار إلى أنّ جلّ المبلغ المعروض هو على شكل ائتمان واستثمارات، وليس نقداً بالعملات الصعبة التي تفتقر إليها الخرطوم، في ظل تراجع قيمة العملة المحليّة "الجنيه السوداني"، وارتفاع نسبة التضخم في البلاد، ووفق مواقع إخباريّة فإنّ المفاوضين السودانيين يريدون ضعف المبلغ الذي عرضته العواصم الثلاث ضمن عمليّة التفاوض لتطبيع العلاقات مع العدو الصهيونيّ.
وفي الوقت الذي رفضت فيه وزارة الخارجيّة السودانيّة التعليق على المفاوضات، لم يدلِ أيّ مسؤول صهيونيّ بتصريحات تتعلق بهذا الموضوع، مع الإشارة إلى أنّ وزير الخارجيّة الأمريكيّ، مايك بومبيو، يتمتع بصلاحية إزالة اسم السودان من لائحة الإرهاب الأمريكيّة، الشيء الذي يعقبه إفراج عن مليارات الدولارات من التمويل الدوليّ للسودان، دون موافقة الكونجرس الأمريكيّ، وفق ما ذكر الإعلام الأمريكيّ.
ومن الجدير بالذكر، أنّ رئيس ما يسمى "مجلس السيادة الانتقاليّ السودانيّ"، عبد الفتاح برهان، ألمح خلال افتتاح مؤتمر اقتصاديّ بالعاصمة السودانيّة الخرطوم، الشهر الفائت، إلى تطبيع العلاقات مع الصهاينة، حيث زعم أنّ السودان أمام "فرصة لا تعوض"، لحذف اسمه من قائمة الإرهاب الأمريكيّة، معتبراً أنّه يجب اغتنام تلك الفرصة، دون أن يذكر الشروط الأمريكيّة – الإسرائيليّة على ذلك.
في النهاية، فشل نائب رئيس ما يسمى مجلس السيادة الانتقاليّ السودانيّ، في تبرير رغبة المجلس في إقامة تحالف مع العدو الصهيونيّ، كما فشل من قبله مسؤولو أبو ظبي والبحرين، ورغم المحاولات الحثيثة والمستمرة لاختلاق ذرائع لتلك الخيانة، ستعجز بالتأكّيد كل الأطراف التي ارتضت لنفسها أن تكون "دواباً" للعدو الصهيونيّ وفق وصف وزير داخليّة العدو، عن إيجاد المبررات والأعذار لشعوبها الرافضة بشدة لمسألة "تطبيع الجبناء".