الوقت- أكد الدكتور حسن نافعة استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أنه من حق إيران وحق كل الأطراف الذين سقط لهم ضحايا في هذا الحادث المؤلم أن تطالب السعودية بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة، للكشف عن الملابسات والأسباب التي أدت الی حادث منی، والتي اودت بأرواح المئات من الحجاج خلال قيامهم بتأدية مناسك الحج في الأراضي المقدسة.
وأوضح نافعة خلال حوار خاص مع موقع الوقت الإخباري التحليلي، انه «من حق إيران ومن واجبها ايضا أن تهتم برعاياها الذين يؤدون مناسك الحج، وأن تطلب جميع الضمانات اللازمة لحمايتهم وأن لا يكون هناك اي نوع من التمييز ضدهم، هذا حق إيران وحق كل الأطراف الذين سقط لهم ضحايا في هذا الحادث المؤلم».
كما طالب الدكتور نافعة اللجنة المستقلة أن تعمل بحيادية تامة، وأن تكون شخصيات غير سعودية من ضمن أعضائها، وأن تعلن عن أسماء جميع الذين يثبت قصورهم في أداء مهامهم، التي أدت الی كارثة منی، وأن تتم معالجة الأخطاء من قبل السعودية لتفادي وقوع كوارث اخری، في المستقبل.
وفيما يلي نص الحوار الذي اجراه مراسل موقع الوقت بالكامل مع الدكتور حسن نافعة، الخبير وأستاد العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حول كارثة منی التي ازهقت أرواح الآلاف من حجاج بيت الله الحرام.
الوقت: كيف تنظر الحكومة والنخب المصرية الی حادث منی الذي راح ضحيته المئات من الحجاج الإيرانيين والمصريين وحجاج الدول الاخری؟
نافعة: الحكومة والشعب المصري ينظرون الی حادث منی علی أنه قضاء وقدر، ولابد من انتظار النتائج التي ستتوصل الیها لجنة التحقيق لمعرفة الاسباب التي أفضت الی هذا الحادث المؤلم، لأن الارواح التي زهقت في هذا الحادث كانت كبيرة جداً، قاربت الـ 800 شخص أو يزيد ومثل ذلك من الجرحی والمصابين. لكن الانطباع السائد هنا أن الدولة السعودية لا دخل لها في هذا الحادث، ربما كانت هنالك أمور تنظيمية معيّنة، ربما كانت هناك مخالفات إدارية من جانب المسؤولين عن تنظيم الافواج ومسؤولي حركة الناس في رمي الجمرات، لكن لا يوجد هنا في الاوساط الشعبية والرسمية من وجّه إتهاما الی السعودية بأنها أخفقت في إتخاذ اجراءات الأمن الضرورية أو أنها مقصرة. الانطباع العام أن السعودية تقوم بجهدها وتبذل اقصی ما تستطيع من أجل ان تتحمل مسؤوليتها في تنظيم الحج، لأنها حريصة علی سمعتها، وحريصة علی أن لا يسقط اي ضحايا خلال موسم الحج لان هذا يؤثر علی سمعة السعودية. ان كان هنالك اي تقصير من قبل السعودية فيجب ان يدان هذا التقصير ويجب أن يصحح، ولكن لجنة التحقيق هي لوحدها لها الحق في التأكيد او عدم التأكيد علی أنه ان كان هنالك تقصير سعودي.
الوقت: كيف يمكن تبرئة السعودية من الحادث، في حين أن حادث منی لم يكن الأول وكان قد تكرر لمرات عديدة طيلة الأعوام الماضية، بالاضافة الی أن الكثير من الصحافة العالمية نقلت عن شهود عيان أن الكارثة حدثت بسبب إغلاق بعض الابواب والشوارع لمرور مسؤولين سعوديين؟
نافعة: أنا ايضا ممن سمعت شخصياً أن البعض روّج لفكرة أن مسؤولين سعوديين او ربما الملك نفسه كان يؤدي مراسم الحج، وقامت السلطات السعودية بإغلاق بعض الطرق وهذا هو الذي تسبب في التكدس الكبير وفي التزاحم، لكن ليست لدي اية وسيلة للتأكد من هذه الواقعة ولا أعرف مدی صحتها وبالتالي وقبل كل شيء يجب علینا أن نتأكد من صحة الوقائع من خلال لجنة تحقيق مستقلة. هل السعودية ستشكل لجنة تحقيق مستقلة، اتمنی ذلك واتمنی أن يكون هذا بعلم الدول التي لديها جالیات كبيرة تؤدي الحج، لان هنالك أعداداً كبيرة سقطت واتمنی أن يكون من بين أعضاء لجنة التحقيق شخصيات غير سعودية ومستقلة تماما، حتی نستطيع معرفة الاسباب التي أدت الی الحادث.
الوقت: بعد فشل السعودية المتكرر في تنظيم وإدارة شؤون الحج طيلة العقود الماضية، وتسببها في سقوط أعداد كبيرة من الضحايا بسبب هذا الفشل، ما هو رأيك في إدارة الحج مستقبلا من قبل منظمة التعاون الإسلامي، لتكون الدول الإسلامية شريكة بإدارة هذا الشأن الإسلامي؟
نافعة: فكرة تدويل إدارة شعائر الحج، هي فكرة غير عملية ويمكن أن تنتقص من سيادة الدولة السعودية، أعطني مثالاً واحداً علی أن منظمة التعاون الإسلامي او اي منظمة اخری أدارت عملا جماعيا ناجحا، ولذلك لم يطالب الناس بإدارة دولية للمسجد الاقصی الذي ينتهك كل يوم من الجانب الإسرائيلي، وأنا لا ارغب لإيران أن تزج نفسها في هذا الطريق لأنها ستتهم بأنها تشعل الفتن الطائفية في المنطقة وفي العالم العربي، علی إيران أن تطالب مجلس الأمن أن يشكل لجان تحقيق لمواجهة الإنتهاكات التي تحدث في الأراضي المحتلة وهي إنتهاكات متعّمدة، إسرائيل تمنع المصلين من دخول المسجد الاقصی وهذا إنتهاك للقانون الدولي ولكل الأعراف، فالحادث الذي وقع في السعودية لا يمكن الجزم بأنه متعمّد. يمكن أن يكون لدي تحفظات تجاه الكثير من السياسات السعودية ولكن لا يجب خلط الاوراق أبدا، ومشكلة دول العالم الإسلامي، أن هذه الدول تحاول أن تتصيد أخطاء بعضها البعض، ولذلك لا يتفقون علی شيء أبداً لصالح الإسلام والمسلمين. قضية المطالبة بالإدارة الدولية لمناسك الحج هي قضية خطيرة، اولا أنها لم تنجح، ولم يوافق علیها أحد، ولم تقبل بها السعودية وستؤدي الی زيادة الخلافات، لكن من حق إيران ومن واجبها أن تطمئن الی الإجراءات التي تتخذ في السعودية لضمان تنفيذ مناسك الحج بشكل سليم، ومن حقها بان تطالب بلجنة تحقيق مستقلة، حتی لو كانت لجنة سعودية لكن يجب أن تكون مستقلة، وتضم اشخاصاً مشهود لهم بالنزاهة، ويجب ان تكون السعودية مستعدة للإعتراف بالخطأ ان كان هناك خطأ قد وقع، وتصحح الإجراءات التي تضمن الأمن والأمان للمسلمين الذين يؤدون مناسك الحج.