الوقت- تم التوصل إلى اتفاق سري بين شركة النفط الأمريكية دلتا كريسنت للطاقة وما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية المتمركزة في شمال شرق سوريا بهدف تطوير وتصدير نفط المنطقة ، وبعد أشهر من تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومسؤولين أمريكيين آخرين بعبارات متناقضة بأن القوات الأمريكية موجودة في سوريا "فقط لحماية النفط" وتعهده بـ "الحفاظ على النفط" ، كشف الاتفاق المثير للجدل عن الاستراتيجية الأمريكية الحقيقية في المنطقة.
حيث تمت الموافقة على هذه الاتفاقية مباشرة من قبل حكومة أمريكا، حيث تدعم أمريكا ميليشيات قوات سوريا الديمقراطية، التي تتكوّن بشكل كبير من وحدات الحماية الشعبية، حيث إن وحدات الحماية الشعبية هي فرع من حزب العمال الكردستاني في سوريا، الى جانب ان تركيا وكذلك أمريكا والاتحاد الأوروبي يعتبرون حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية.
من هي شركة دلتا كريسنت للطاقة؟
هي شركة غير معروفة، وهي أحد الأطراف الرئيسة في الصفقة، يديرها مسؤولون سابقون في الحكومة الأمريكية وتضم: جيمس ريس ، الضابط السابق في قوات دلتا الخاصة في الجيش الامريكي ؛ وجيمس كين ، سفير أمريكا السابق في الدنمارك ؛ وجون دارير ، أحد المديرين التنفيذين السابقين لشركة Gulfsund Petroleum البريطانية ، وهي شركة كان لديها فعاليات سابقاً في شمال شرق سوريا.
كان ريس شريكاً في شركة Delta Crescent Energy وداعماً قويّاً للوجود العسكري الأمريكي في سوريا، حيث أعلن في عام 2018 على قناة فوكس نيوز الامريكية ان "الجزء الشرقي من سوريا لنا تماما ... فتلك المنطقة لنا ، ولا يمكننا تجاهلها".
هذا وتُظهر الصفقة أيضًا كيف أفسدت إدارة ترامب الخط الفاصل بين القطاعين العام والخاص وأثارت جدلاً كبيراً في الأخلاقيات والمعاملات التجارية.
كما استفاد علماء السياسة السابقون ، الذين يرأسون الآن شركة دلتا كريسنت إنيرجي ، من مساعدة وزارة الخارجية الامريكية في إبرام هذه الصفقة ، وخلال جلسة استماع للجنة مجلس الشيوخ في واشنطن ، سأل السناتور الجمهوري ليندسي جراهام وزير الخارجية مايك بومبيو عما إذا كانت إدارة ترامب تؤيد الصفقة المذكورة ام لا فأجاب بومبيو: "نعم ، نحن نوافق على هذه الصفقة ، وقد استغرق الاتفاق وقتا أطول قليلاً مما كنا نتوقع ونحن الان في طور تنفيذه ".
تشير تصريحات بومبيو هذه إلى أن حكومة أمريكا كانت مدركة تمامًا للاتفاق ودعمته لأكثر من عام.
إلى أين سيذهب النفط السوري؟
أدانت الحكومة السورية الشرعية صفقة النفط هذه وصرحت بانها لا تعترف بالاحتلال الأمريكي لشمال شرق سوريا وشرعية وكلائها المحليين، أي ما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية، ووصفت وزارة الخارجية السورية الصفقة بأنها غير قانونية ووصفت الغرض منها بـ "سرقة" النفط الخام السوري.
وقالت وزارة الخارجية في بيان لها إن حكومة دمشق "تدين بشدة الاتفاق الذي تم التوصل اليه بين ميليشيات قسد (قوات سوريا الديمقراطية) وشركة النفط الامريكية لسرقة النفط السوري بدعم من أمريكا"، وخلص البيان إلى أن "هذه الاتفاقية كأنها لم تكن وباطلة تماماً وليس لها أساس قانوني".
كما نددت تركيا أيضاً بالاتفاق الحاصل مع شركة النفط الأمريكية، وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان يوم الاثنين الماضي "نأسف بشدة لدعم أمريكا لهذا العمل الذي ينتهك القانون الدولي وينتهك سلامة ووحدة وسيادة سوريا وينظر إليه على أنه عمل لتمويل الإرهاب".
وأضاف البيان "ان هذا العمل الذي لا يمكن تبريره بأي دافع شرعي ، غير مقبول بالمرة".
لذلك ، من غير المرجح أن تشتري تركيا النفط الخام السوري ، خاصةً إذا كان يشكل دعماً مباشراً لمنظمة مدرجة على أنها جماعة إرهابية.
ومن المرجّح أن يكون الطريق الأكثر احتمالاً لنقل النفط هو من شمال شرق سوريا عبر شمال العراق، وخاصة حكومة إقليم كردستان، فمنذ عام 2014، كان هذا العمل بمثابة نشاطً تجاري أقل شفافية ومربح في الوقت نفسه، وكان بمثابة شريان حياة مهم لميليشيات قوات سوريا الديمقراطية المعزولة.
لقاء المسؤولين الأمريكيين مع زعيم حزب العمال الكردستاني؟
ويأتي الاتفاق النفطي الأخير في أعقاب اجتماعات بين وفد أمريكي وزعيم حزب العمال الكردستاني في منطقة قنديل الواقعة في الشمال العراقي ، حيث تعد مرتفعات قنديل أحد ملاذات هذه المجموعة الإرهابية.
وبحسب ما ورد في بعض التقارير فقد دعا الوفد الامريكي زعيم حزب العمال الكردستاني إلى الانسحاب من شمال شرق سوريا والتوقف عن دعم وتمويل قوات سوريا الديمقراطية ، وبدلاً من ذلك ستصبح أمريكا الراعي الرئيس والداعم المالي لهذه الجماعة المسلحة.
العلاقة الوثيقة بين أمريكا وزعيم قوات سوريا الديمقراطية مظلوم كوباني معروفة بالفعل للجميع ، فكوباني هو أيضا عضو في حزب العمال الكردستاني ، وكوباني أيضاً واسمه الحقيقي فرهاد عبدي شاهين ، من المطلوبين لتركيا.
جدير بالذكر أن الجيش التركي دخل سوريا حتى الآن ثلاث مرات لقتال داعش ووحدات الحماية الشعبية ، كما أن الدعم الأمريكي لوحدات الحماية الشعبية في سوريا يعد أحد معوقات العلاقات الثنائية بين البلدين العضوين في الناتو.