الوقت- إنّ جهود الدول العربية، وخاصة السعودية، لتضعيف العلاقات بين إيران وباكستان لها تاريخ طويل بعمر تاريخ باكستان، خاصة منذ الثمانينيات، عندما أدّت مساعدات آل سعود المالية إلى تأسيس جماعة "جيش الصحابة" الإرهابية ثم "لشكر جهنكوي".
ومن المثير للاهتمام أنّ قادة هاتين المجموعتين الإرهابيتين، ومنهم حقّ نواز جهنغوي وملك إسحاق، أكدوا مراراً وتكراراً أنّ هدفهم هو منع انتشار الثورة الإسلامية في باكستان، ولم ينفوا حقيقة تمويلهم من السعودية، وبصرف النظر عن الأحداث التي أضعفت الجماعتين في السنوات التالية، تتصاعد التوترات السياسية بين السعودية وباكستان هذه الأيام، وبدأت القصة عندما رفضت باكستان، بالاعتماد على الوعد المزيّف من القادة السعوديين، المشاركة في القمة التي استضافتها الحكومة الماليزية، رغم وعد باكستان لماليزيا بالمشاركة.
في غضون ذلك، تقبّل رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، العقوبات التي فرضها رجال الأعمال الهنود، وأعلن عن استعداده للتحدث دفاعاً عن شعب كشمير المسلم وضدّ موقف باكستان في الأمم المتحدة، وكان الحضور في قمة كوالالمبور أقلّ توقعات مسؤولي الحكومة الماليزية من باكستان، وحضرت هذه القمة إيران وتركيا باعتبارهم معارضين للسياسات السعودية وأسلوب فرض هذه السياسات على جميع الدول الإسلامية.
اتخذ عمران خان ولي حينها قراراً خاطئاً وخفض مستوى المشاركة في البداية وحصرها بمشاركة وزير الخارجية فقط، وبعد ساعات قليلة أعلن أن باكستان لن تشارك في القمة، وكشفت الأيام التالية أن السعودية خدعت باكستان لأن القادة السعوديين رفضوا التنازل عن التبادل الاقتصادي الضخم مع الهند مقابل الوقوف مع المسلمين الكشميريين المضطهدين.
وصرّح عمران خان صراحة أنه إذا تم عقد قمة مثل قمة ماليزيا مرة أخرى، فستشارك باكستان فيه بالتأكيد. ومع ذلك ، كانت باكستان تعقد الآمال على تحركات آل سعود في منظمة المؤتمر الإسلامي ، التي يرأسها آل سعود أيضًا ، لكن بعد عام من إلغاء الحكم الذاتي لكشمير وتجاهل آل سعود التام لهذا الحدث الكبير، نفد صبر مسؤولي حكومة إسلام آباد، إلى الحدّ الذي صرّح وزير الخارجية الباكستاني في حينها، شاه محمود قريشي، صراحة: "أنه إذا استمر آل سعود في تجاهل قضية كشمير ، فلا شك أنّ باكستان ستسعى لتشكيل تحالف لدعم قضية كشمير".
وهذا كان بمثابة ناقوس خطر للمملكة العربية السعودية، التي ترى باكستان حليفاً قوياً في منطقة جنوب آسيا، ومن الواضح أنه إذا ابتعدت إسلام أباد عن الرياض، يمكن أن يكون لها علاقات أفضل مع إيران والدول الإسلامية الأخرى، وهذا سيزيد من المخاطر على السعودية.
في هذه الأثناء العصيبة، لا يمكن وصف نبأ استيلاء المسؤولين الحكوميين الباكستانيين على سفينة إيرانية إلا على أنه هروب الإعلام السعودي الى الأمام، الذي ينوي التصريح بأنه في حالة تزعزع العلاقات الباكستانية مع السعودية، فإن تعزيز العلاقات مع إيران ليست مجدية أيضًا. ومن الواضح أن هذه الخطة فشلت قبل أن تبدأ، لأن بدء الأنشطة التجارية بين إيران والصين جعل باكستان أكثر تعاطفاً مع جيرانها الشماليين والغربيين، وستتضح نتائجها في السنوات المقبلة.
ولم يتأكد نبأ احتجاز ناقلة النفط الإيرانية في كراتشي من قبل أي من المسؤولين الرسميين في حكومة إسلام أباد، ولم تنشر حتى إحدى وكالات الأنباء الباكستانية الرسمية هذا الخبر، الأمر الذي أثار الشكوك حول صحة هذا الخبر، وحتى لو تمّ التأكّد من هذا الخبر، فإنه لن يضمّد الجراح التي نشأت في علاقات آل سعود مع باكستان، حتى أنّ إسلام أباد تراجعت عن قبول قرض بقيمة مليار دولار للسعودية هذه الأيام ولم تقبل بصرفه، ما يدلّ على مدى خطورة التوترات القائمة