الوقت- على الرغم من مرور 5 سنوات منذ قيام تحالف العدوان بقيادة السعودية بشن حرب عبثية على أبناء الشعب اليمني وارتكابه للكثير من المجازر في العديد من المحافظات والمدن وفرضه حصاراً برياً وبحرياً وجوياً جائراً على جميع المطارات والموانئ اليمنية، إلا أن التطورات الميدانية داخل الساحة اليمنية لا تزال مستمرة في جذب انتباه العديد المحللين السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان. وترتبط أهم التطورات الأخيرة في البلاد بتفاقم الأزمة الإنسانية وانتشار العديد من الامراض والاوبئة، حيث صرح مسؤولو اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأن أكثر من نصف اليمنيين بحاجة إلى معونات غذائية من أجل البقاء على قيد الحياة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه لم يعد خافيا بعد مضي خمسة اعوام على عدوان تحالف الشر والاجرام الدولي أن الأمم المتحدة شريك في هذا التحالف، وأن التحالف استخدم الأمم المتحدة طبقا لما يتوافق مع مصلحته، من بداية العدوان وحتى اليوم وهو ايضا من كان وما زال يوجه تحركات المبعوثين الدوليين ويحدد خطوات سيرهم، ويملي عليهم ما يشاء في احاطتهم قبل اعلانهم لها في مجلس الامن. وهذا الأمر واضح جدا لكل من يتابع تصريحات مبعوث الامين العام للأمم المتحدة "مارتن غريفث" التي ادلى بها في اليمن بعد كل لقاء له مع قائد الثورة والقادة اليمنيين في صنعاء ويقارنها مع ما تضمنته احاطته امام مجلس الأمن كل مرة فسيلاحظ التناقض العجيب بين ما قاله في تصريحه باليمن وبين ما قاله في احاطته امام مجلس الأمن التالية لعودته من اليمن في كل مرة، ما يشير إلى أنه يقول تصريحه في اليمن عن قناعة شخصية وبحرية مطلقة وارادة ذاتية لا يتمتع بها امام مجلس الأمن.
وعلى صعيد متصل، انتقدت حركة "أنصار الله" في الیمن توجهات الأمم المتحدة المتحيزة تجاه هذا البلد معلنة إن الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في اليمن "مارتین غريفيث" يسعى من خلال خطته الجديدة لإنقاذ التحالف السعودي. وقالت حركة "أنصار الله" في بيان قبل عدة أيام إن توقيت خطة "غريفيث" الجديدة، مع اقتراب سيطرة الجيش اليمني على جبهة مأرب، یظهر جهوده للالتفاف على التطورات الميدانية في اليمن وتحقيق مكاسب للتحالف السعودي. وأضافت أنه لا توجد علامة على الجدية أو النوايا الصادقة في خطة غريفيث الجديدة.
وقالت مصادر محلية أن وفد حكومة صنعاء بالعاصمة العمانية مسقط رفض لقاء المبعوث الأممي الى اليمن، قبل عدة أيام الذي عاد الى مكتبه في الاردن. وكشفت المصادر ان وفد حكومة صنعاء برئاسة "محمد عبدالسلام" اشترط قبل اللقاء بالسماح بدخول سفن المشتقات النفطية الى ميناء الحديدة. وكان "غريفيث" الذي زار الرياض الاسبوع الماضي طالب الاحزاب اليمنية بدعم مقترحه المسمى بـ"الإعلان المشترك" الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار ويتضمن ترتيبات سياسية واقتصادية تسبق "التسویة السیاسیة الشاملة" في إطار مساعيه لإنهاء الحرب اليمنية المستمرة منذ اكثر من ست سنوات.
وحول هذا السياق، كتب الناطق الرسمي باسم جماعة "أنصار الله" ورئيس وفدها المفاوض "محمد عبد السلام" عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" عن "غريفيث"، أنه "من حديثه الأخير يتضح أن مبعوث الأمم المتحدة قد انفصل عن مهمته، وما تتطلب من حيادية وإنصاف، وبات منخرطاً مع قوى العدوان على اليمن، متبنياً موقفهم بشكل كامل". واتهم "عبد السلام" المبعوث الاممي "غريفيث" بأنه "يساهم بذلك في إطالة الحرب العدوانية العبثية، ويغطي على آثار الحصار الظالم". واعتبر أن "هذا التعاطي السلبي يجعل من صاحبه جزءا من المشكلة".
ومن جهته، قال عضو الوفد المفاوض لحكومة صنعاء، "عبد المجيد حنش"، قبل عدة أيام، إن "المبعوث الأممي منذ 3 سنوات لم يحقق أي شيء خلال مهمته، وأنه "يسعى لإرضاء العدوان كي يستمر في منصبه".
ونقلت بعض وسائل الاعلام عن "حنش" قوله، إن "الأمم المتحدة فشلت فشلا ذريعا في اليمن، وأن غيابها ساهم في استمرار الجرائم بحق شعبنا من قبل تحالف العدوان، وإننا لا نعّول على دور للأمم المتحدة في إيجاد حل للعدوان والحصار على اليمن". ولفت هذا المسؤول اليمني إلى أنه "عندما يُقصف اليمنيون بدم بارد لا نسمع من المبعوث إلا أنه متوتر وقلق، وفي عمليات مأرب نسمع إدانته ومواقفه الصارمة إلى جانب العدوان والمرتزقة". وأكد "حنش"، أن المال السعودي والإماراتي يؤثرعلی قرارات الأمم المتحدة متهما إياها بالإنحياز لدول تحالف العدوان على اليمن.
وعلى هذا الصعيد، أكد وكيل وزارة الإعلام "نصر الدين عامر"، أن الأمم المتحدة منذ بداية العدوان منحازة بالكامل لدول العدوان نتيجة الهيمنة الأمريكية على القرار الاممي. وقال "عامر"، أن "الموقف الأممي تجاه العدوان على اليمن، لم يعد صامتاً بل بات متحاملاً على الضحية لمصلحة القاتل"، مشيراً الى أن المال السعودي والاماراتي يستلب القرار الأممي الى حد كبير وهذا ورد على لسان الأمين العام السابق للأمم المتحدة بانكي مون الذي أزال السعودية من قائمة العار لانتهاكات الأطفال بعد تهديدات السعودية بوقف التمويل للسعودية وتمت ازالتها خلال أيام.
وحول هذا السياق، اتهمت حكومة صنعاء قبل عدة أيام، الأمم المتحدة بالتغطية على جرائم تحالف العدوان السعودي وجاء هذا الاتهام للأمم المتحدة بعد ساعات قليلة من شن مقاتلات تحالف العدوان السعودي غارات مكثفة على أهداف مدنية مختلفة في العاصمة اليمنية صنعاء ومأرب والجوف والبيضاء. وأعرب، "ضيف الله الشامي" وزير الاعلام في حكومة صنعاء، قائلا: "موقف الأمم المتحدة والمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، تأتي للتغطية على جرائم العدوان حتى التي استهدفت عاملين في الأمم المتحدة".
إن تنصل الامم المتحدة عن تنفيذ التزاماتها واستمرار مراوغتها في ذلك خصوصا ما يتعلق بميناء الحديدة واعادة تأهيله لإستقبال السفن وتفتيشها من قبل فريق التفتيش الأممي في ميناء الحديدة بدلا من تفتيشها في جمهورية جيبوتي لتحقيق السلاسة في تدفق المواد الغذائية الأساسية والأدوية والمشتقات للتخفيف من حدة الكارثة التي يعيشها الشعب اليمني هو الآخر تأكيد على أن الامم المتحدة تتحرك فقط على المسارات التي يرسمها لها تحالف العدوان السعودي الامريكي وهو ما يحول دون وفاءها بما تم التوقيع عليه والتزمت به امام العالم في اتفاق "استوكهولم" .وعدم قدرت الامم المتحدة على إلزام مرتزقة العدوان بالوفاء والسير بالخطوات التي يتم الاتفاق عليها مع اللجان التي تمثل الجانب الوطني من حيث اعادة الانتشار الى النقاط التي تم الاتفاق عليها وكذا الزامهم بوقف خروقاتهم التي لم تتوقف على مدار الساعة يؤكد أن الأمم المتحدة طرفا غير محايد في رعاية الاتفاق بل تعتبر طرف منحاز انحياز علني الى جانب تحالف العدوان.
وفي الختام، يمكن القول أن حكومة صنعاء لا يمكنها أن تعّول ابداً على الأمم المتحدة في تحقيق اي تقدم نحو السلام العادل ولن تعّول عليها في أي أمر في ظل الهيمنة الأمريكية والمال السعودي والإماراتي عليها والذي اخرجها تماما عن دائرة الاستقلال . وما استمرار قيادة صنعاء في مجاراة الأمم المتحدة إلا من باب التأكيد على حسن نواياها وعلى رغبتها الحقيقية في الوصول إلى السلام العادل والمشرف، وهو في ذات الوقت تأكيد على أن المواجهة والصمود هو خيارها الوحيد بدون السلام العادل وأن على تحالف العدوان والامم المتحدة أن يعلموا أن الإستسلام غير وارد ولا وجود له في كل قواميسها أياً كانت النتائج التي تتمخض عن هذا الموقف الاساسي والمبدئي لليمنيين قيادة وشعباً .