الوقت- تطرقنا في الجزء الأول من هذا المقال الى ذكر ثمانية من أوجه التشابه والتقارب بين العدوانين "السعودي على اليمن" و"الإسرائيلي على غزة" من حيث الأداء والهدف. ونكمل في هذا الجزء الاشارة الى بقية الأوجه:
9- من القواسم المشتركة بین الكيان الإسرائيلي والنظام السعودي في عدوانهما على غزة واليمن هي أن كلا منهما قام بالتركيز على استهداف إيران بإعتبارها الداعم الاساسي لمحور المقاومة في المنطقة والمدافع عن الشعبين الفلسطيني واليمني. وكشفت الكثير من وسائل الإعلام الغربية عن وجود تعاون وتنسيق اسرائيلي - سعودي غير مسبوق في هذا المجال.
10 - استخدام اسلحة محرمة دولياً: وهو ما وثّقه الأطباء وخبراء الأسلحة بأدلة ذات مصداقية عالية وأكدته المنظمات الدولية بينها منظمة "هيومن رايتس ووتش". ومن بين هذه الاسلحة القنابل العنقودية والفراغیة والنیترونیة التي تُعرّض حياة المدنيين للخطر على الأمد الطويل. وفي هذا السياق ذكرت تقارير دولية أن عدداً كبيراً من الجرحى والشهداء اليمنيين والفلسطينيين ظهرت عليهم آثار تشير إلى إصابتهم بأمراض سرطانية نتيجة المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة هذه القنابل.
11 - شن غارات متواصلة على مدار الساعة وبشكل مكثف باستخدام قنابل وصواريخ ذات قوة تدميرية هائلة، ما أدى الى سقوط عدد كبير من الضحايا في صفوف المدنيين معظمهم من النساء والاطفال.
12 – استهداف البنى التحتية للشعبين اليمني والفلسطيني ومن بينها محطات المياه والكهرباء ومخازن الغذاء والادوية والمستشفيات والمدارس والاسواق، إضافة الى المؤسسات والدوائر الحكومية المدنية.
13- الخشية من الانتقال من القصف الجوي والصاروخي البعيد المدى الى مرحلة الهجوم البري. ويعود سبب ذلك الى ضعف معنويات القوات السعودية والاسرائيلية مقابل القوات اليمنية والفلسطينية التي تتمتع بروحٍ قتالية عالية وصمود منقطع النظير لقناعتها بأحقيتها في الدفاع عن حقوقها المشروعة في العيش بحرية وكرامة بعيداً عن أي هيمنة أجنبية.
14- فرض الحصار الجوي والبري والبحري الشامل على الشعبين اليمني والفلسطيني ومنع وصول المساعدات الانسانية وفي مقدمتها الدواء والغذاء وحليب الاطفال، بالاضافة الى منع الجرحى والمصابين من الخروج من غزة واليمن لغرض العلاج.
15- الدعم الامريكي الواضح للعدوانين "السعودي على اليمن" و"الاسرائيلي على غزة" والتواطؤ الواضح من قبل بعض دول المنطقة مع الرياض وتل أبيب في شن هذين العدوانين.
هذه كانت أوجه الشبه بين العدوانين السعودي والاسرائيلي على اليمن وغزة، وهي تثير الكثير من علامات الاستفهام حول الجهة التي تقف وراء هذين العدوانين، وتشير جميع الدلائل والمعطيات المتوفرة الى ان أمريكا وحلفاءها الغربيين الذين وقفوا بالأمس وراء المجازر التي ارتكبها الكيان الاسرائيلي في غزة، هم نفسهم الذين يقفون اليوم وراء المجازر السعودية التي ترتكب في اليمن.
وبعد هذه المقارنة يبرز تساؤل مهم وهو هل ستتمكن السعودية من تحقيق أهدافها المعلنة من وراء شن العدوان على اليمن وعلى رأسها ما تسمّيه إعادة الشرعية في هذا البلد من خلال إعادة الرئيس المستقيل والهارب عبد ربه منصور هادي الى السلطة؟ أم ستُمنى بالفشل الذريع كما مُني الكيان الاسرائيلي في عدوانه على غزة واضطر في نهاية المطاف الى توقيع هدنة مع حركة (حماس) بعد أن عجزت ترسانته العسكرية الضخمة عن اركاع الشعب الفلسطيني وفصائله المقاومة رغم قصفه الشديد للقطاع الذي استمر 51 يوماً وأدى الى استشهاد وجرح الآلاف من الفلسطينيين غالبيتهم من النساء والاطفال، ورغم الحصار الشامل على القطاع.
الاجابة عن هذا التساؤل وحسبما يعتقد المراقبون هي أن الرياض ستفشل أيضاً فشلاً ذريعاً في تحقيق أهدافها في العدوان على اليمن، كما مُنيت حتى الآن بهزائم مُرّة على يد الشعب اليمني وقواه المسلحة ولجانه الثورية بقيادة حركة أنصار الله رغم القصف الشديد الذي تشنه قواتها وقوات الدول الحليفة لها على هذا البلد، والسبب معلوم أيضاً وهو أن الشعب اليمني معروف بصلابته وشجاعته الفائقة وقدرته العالية على الصمود بوجه العدوان رغم قلة امكاناته العسكرية واللوجستية ورغم الحصار الشامل المفروض عليه من قبل قوى العدوان منذ عدة أشهر.