الوقت- في خطوةٍ منه للعب على الحس الإنساني الدولي وخصوصًا المُنظمات الدولية، أصدرت السعودیة قرارًا أوقف بموجبه عقوبة إعدام القاصر "تعزيرًا"، وبموجب هذا القرار فإنّ أي شخص حُكِمَ عليه بالإعدام في جرائم ارتكبها عندما كان قاصرا لم يعد يواجه عقوبة الإعدام، لكنّ كلمة "تعزيرًا" تحمل الكثير من الدلالات في طيّاتها، فالقانون الجديد أوقف "نظريًا" عقوبة الإعدام التي تندرج تحت مسمى "القتل التعزيري"، بينما بقيت عقوبة الإعدام وفق "القصاص" أو وفق "الحد"، سارية المفعول، وهو الأمر المعمول به حاليًا في مملكة العربية السعودية.
الوهابيين بالمرصاد
حربٌ وشيكة باتت تلوح بوادرها بالأفق، فبعد أنّ أودع ابن سلمان نخبة العلماء من الوسطيين والإخوان والكثير من المُصلحين الاجتماعيين في سجونه، حاول عُلماء الوهابية الانحناء للريح القادمة فآثروا البقاء بعيدًا عن تصرفات ابن سلمان، وهم الذين يُشكلون العمود الفقري للحكم السعودي منذ تأسيس المملكة الأولى قبل أكثر من مئتي عام، واليوم وبعد تعطيله شرائع الله في مهد النبوة والإسلام؛ بات يوجه ابن سلمان ليس فقط الوسطيين أو حتى الإخوان، بل زاد في أعداءه الوهابيين الذين باتوا وكما هو واضح بانتظار الفرصة للانقضاض على ابن سلمان، خصوصًا بعد أن سلبهم رويدًا رويدًا كافة امتيازاتهم التي عاشوا فيها منذ تشكيلة الدولة السعودية الثالثة قبل أكثر من تسعين عامًا.
أكثر من ذلك؛ لا ريب أنّ أفعال ابن سلمان ومنذ العام 2015 تؤكد أنّه يُريد تحويل السعودية مهد النبوّة والإسلام، إلى ما يشبه لاس فيغاس، وقد نجح –ولو إلى حين- غير أنّه وعلى الرغم من كلِّ الزخم الإعلامي الذي صاحب ذلك التحوّل، وليس ما نشاهده على شاشات التلفزة المملوكة لآل سعود هو عين الحقيقة، بل العكس تمامًا، حيث بقيت النسبة الأكبر من أفراد المجتمع تنظر إلى تلك الأفعال ليس بعين الريبة وحسب؛ بل بعين الاستنكار، الجميع هناك ينتظر أن تحين الساعة للانقضاض على ابن سلمان وزبانيته، فهو ربما ولحياته في قصور آل سعود، لا يعلم أنّ طبيعة المجتمع هي من ترفض ذلك، وليس فقط مشايخ الوهابية، المجتمع السعودي وإن حاول ابن سلمان إظهار العكس؛ غير أنّه مُجتمعٌ مُحافظ يرفض كلَّ ما أتى به ابن سلمان من تقليعات الغرب.
ابن سلمان.. المُتهم الأوّل
اليوم؛ وبعد وصول ابن سلمان إلى سُدّة الحكم، بات الجميع يعلم أنّ أحكام الشرعية الإسلاميّة قد أوقفت تمامًا، ولو أنّ أحكام القانون تجد طريقها للتطبيق لكان ابن سلمان أوّل من يُساق إلى القضاء، والتهم ما أكثرها، وجميعها هذه التهم لن يكون حكم القضاء فيها إلّا الإعدام إما قصاصًا وذلك بعد أن قتل ابن سلمان الكثير من المسلمين، ليس الحويطي أو الحامد إلّا آخر جريمتين فقط ارتكبهما ابن سلمان وعقوبتهما هي الإعدام قصاصًا كما تنصُّ قوانين المملكة التي تتخذ من القرآن دستورًا لها.
تعزيرًا أيضًا سيجد ابن سلمان نفسه خلف القضبان، وكافة أفعال ابن سلمان ومنذ وصوله لولاية العهد وحتى هذه اللحظة تستوجب محاكمته وقتله تعزيرًا بعد أن نشر الخمور وجلب كلّ زُناة الأرض إلى بلاد الحرمين، وفتح أبواب المملكة على مصراعيها أمام كلَّ من هبَّ ودب بحجة الانفتاح.
أمّا حدُّ الحرابة (وهو محاربة الله ورسوله) وتندرج ضمن الحرابة والإفساد في الأرض، وما تزال جريمة قتل الصحفي جمال الخاشقجي ماثلةً أمام أعيننا، وهي جريمة كاملة الأركان تستوجب حدّ الحرابة، لو وجد قضاء نزيه لحوكم ابن سلمان وقُتل تعزيرًا بعد جريمته بقطع طريق الخاشقجي وقتله داخل سفارة بلاده.
وبناءً على ما سبق؛ لو أراد السعوديون إعمال القانون أو تطبيق دستورهم الذي هو القرآن، عليهم أن يبدؤوا بابن سلمان ومعاقبته على كافة جرائمه التي ارتكبها بحق السعوديين أولًا، ولا مجال لذكر جرائمه في اليمن، ولن يفعلوا.
وأخيرًا؛ هناك من يتحدث عن إصلاحات يقوم بها ابن سلمان، وكأنّهم يُريدون تغطية الشمس بالغربال، فكافة الإصلاحات المزعومة ليس إلا "خمارًا" يُحاول ابن سلمان تغطية عورته به، هذا من ناحية، ومن ناحيةٍ أخرى لم يأتِ أيًّ من تلك الإصلاحات كتلبية حاجة للمجتمع السعودي، فجميعها أتت بعد انتقادات دوليّة، ولا يسعنا الآن ذكر تلك الإصلاحات أو الضغوطات التي سبقتها، ولكن يكفي القول أنّ القانون الجديد لم يأتي إلّا أعقاب انتقادات حقوقية ودولية واسعة لسياسة تنفيذ عقوبة الإعدام في مملكة آل سعود، حيث اعتاد آل سعود تنفيذ حكم الإعدام بالقصّر ممن لم يتجاوزوا 18 عاما.