الوقت-كتبت صحيفة نايشونال إنترست الأمريكية في تقرير لها: ان برنامج الصواريخ والطائرات المسيرة الإيراني تلقى في الآونة الأخيرة المزيد من الاهتمام في المحافل السياسية والإعلامية في العالم أكثر من أي وقت مضى. وتشير الهجمات الصاروخية الإيرانية في يناير / كانون الثاني على القوات الأمريكية في العراق وتحديدا في قاعدة عين الأسد، والذي تسبب بأضرار لـ109 عسكري أمريكي في منطقة الدماغ، إلى رغبة وقدرة إيران المتزايدة على استخدام الصواريخ والطائرات بدون طيار لأغراض استراتيجية وتكتيكية. ويعد البرنامج الصاروخي جزءاً رئيسيا للقوات العسكرية الإيرانية، وتعتبره طهران ضروريا للأمن القومي.
كانت أهمية برنامج الصواريخ في قد تجذرت في فكر الجمهورية الإسلامية منذ عام 1979. وأظهرت بداية الحرب بين إيران وحزب البعث العراقي عام 1980 مدى ضعف الخيارات العسكرية الإيرانية. في حين كانت القوة الجوية الإيرانية واحدة من أقوى القوات في الشرق الأوسط، ولكن بعد تخلي الولايات المتحدة عن دعم ايران بعد الثورة الاسلامیه، واجهت الأخيرة العديد من المشاكل فيما يخص صيانة الطائرات الحربية، ونتيجة لذلك، لم تستطع ان ترد عسكريا على الصواريخ والقذائف الجوية العراقية.
لذلك، سعت إيران لتطوير برنامجها الصاروخي الخاص بها وبدأت في بداية الأمر من شراء الصواريخ من ليبيا وسوريا وكوريا الشمالية. وفي عام 1985، أنشأ الحرس الثوري الإسلامي وحداته العسكرية الخاصة، بما في ذلك القوة الصاروخية، وبدأ في بناء الصواريخ من خلال الهندسة العكسية.
لقد كانت تجربة الحرب هي التي علمت إيران القيمة الاستراتيجية لاستخدام الصواريخ. ومنذ ذلك الحين واصلت إيران تطوير برنامجها الصاروخي. وقد ركزت إيران فيما يخص الصواريخ البالستية إلى حد كبير على ردع أعدائها منذ اندلاع الحرب. ويشير استخدام إيران المتزايد للصواريخ الباليستية وصواريخ الكروز، إلى رغبة أكبر لنشر أنظمة صواريخ متقدمة لتحسين دقتها وقدراتها. وتُستخدم هذه الصواريخ، على غرار العمليات العسكرية الأخرى لها، لدرع العدوان والإعتداءات بشكل تكتيكي في حال حدوثها.
وقد أثار برنامج إيران لصواريخ كروز والصواريخ البالستية مخاوف في الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية لعدة أسباب:
أولاً: أظهرت إيران خلال العقود القليلة الماضية رغبة في تجهيز ودعم حلفائها الإقليميين بأنظمة صواريخ.
ثانيًا: تشعر الولايات المتحدة والدول الغربية بالقلق من أن إيران ستتمكن في نهاية المطاف من بناء صواريخ قارية قادرة على الوصول إلى ما وراء الشرق الأوسط، وهذا هو السبب في أنها تعارض برنامج إيران الفضائي لأنهم يرونه برنامجًا ثنائي الغرض.
ثالثًا: يرون ان البرنامج النووي يزيد من قدرة إيران على إلحاق الضرر بالقوات الأمريكية وحلفائها في المنطقة وتكبدهم تكاليف عالية.
من غير المرجح أن توافق إيران على المفاوضات التي تشمل برنامجها الصاروخي. وفي الواقع، عملت إيران بجد في مفاوضاتها مع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لضمان تركيز المحادثات على البرنامج النووي حصرا، ولم تتغير قناعة ايران حول هذا الموضوع.
وقد تبين ان قرار إدارة ترامب بإنسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع ايران، له دلالات تبين انه في حال تم توقيع اتفاقية أخرى مع الولايات المتحدة، فلن يضمن ذلك التزام الحكومة الأمريكية التي تليها بالإتفاقية. لذلك، ليس لدى إيران سبب للتخلي عن برنامجها الصاروخي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن سوريا والعراق وأفغانستان تعد كلها ساحات عنف قد تشهد في أي لحظة ظهور جماعة متطرفة شبيهة بتنظيم داعش الارهابي. مع الأخذ بعين الإعتبار قضية السياسة الخارجية العدوانية للإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، حيث ترى في الواقع كل من أبوظبي والرياض الاتفاقية مع طهران للحد من استراتيجيتها الإقليمية، فرصة لتوسيع نفوذهم.
وببساطة، لن تتصرف ايران خارج خطوطها الحمراء بشأن برنامجها الصاروخي نظرًا لإدراكها للتهديدات الإقليمية، وعلى غرار ذلك ايضا، لن تقدم أي تنازلات أخرى حول برنامجها النووي. كما ان العديد من العوامل التكتيكية والاستراتيجية التي رغّبت إيران بالاستثمار في برنامج الصواريخ، لا تزال قائمة كما في السابق.
وهذا لا يترك انطباعا جيدا حول أي محادثات مستقبلية بين الولايات المتحدة وإيران؛ وسيتعين على الولايات المتحدة وغيرها تحديد مطالبهم بشأن برنامج الصواريخ الإيرانية. وفي غضون ذلك، ستواصل إيران العمل على زيادة دقة وقدرات ترسانتها الصاروخية.