الوقت- أصبحت العاصمة الروسية "موسكو" هذه الأيام ملتقى لممثلي مختلف الجماعات والفصائل الفلسطينية وذلك عقب توحد كافة الاصوات الفلسطينية المناهضة والمعارضة لـ"صفقة القرن" المشؤومة. وفي هذا السياق، ذكرت العديد من المصادر الاخبارية بأن وفد من حركة الجهاد الإسلامي، برئاسة الأمين العام "زياد النخالة"، وصل اليوم الأربعاء إلى العاصمة الروسية موسكو للقاء المسؤولين الروس. وتأتي زيادة وفد حركة الجهاد الإسلامي برئاسة "النخالة"، تلبية لدعوة رسمية وجهتها الخارجية الروسية للحركة وخلال الايام القليلة الماضية أجرى وفد حركة الجهاد الإسلامي لقاءات مع وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف"، وبعض المسؤولين الروس. ويضم وفد حركة الجهاد الإسلامي عضوي المكتب السياسي "محمد الهندي"، و"عبد العزيز الميناوي"، وممثل الحركة في لبنان "إحسان عطايا". ومن المثير للاهتمام أن وفدًا من حركة حماس زار موسكو أيضًا قبل وقت قصير من هذه الزيارة واجتمع مع المسؤولين الروس، بمن فيهم وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف" وفي 27 فبراير الماضي، التقى "لافروف" أيضًا بـ"حسين الشيخ"، عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" في العاصمة الروسية "موسكو".
التوازن الروسي في القضية الفلسطينية
سعت روسيا، بقيادة "بوتين" خلال السنوات الأخيرة لسد الفجوة التي حلفتها الولايات المتحدة عقب تقليص دورها في منطقة الشرق الاوسط ومن خلال لعب دوراً فعّال في عدد من الأزمات التي تعصف بمنطقة غرب آسيا والعالم العربي ولا سيما في الأزمة السورية وخلال الفترة الماضية بذل القادة الروس الكثير من الجهود لتوطيد أقدامهم في واحدة من أهم القضايا السياسية في العالم الإسلامي والمنطقة وكثفت موسكو أيضا من جهودها للحد من الخلافات بين الفصائل الفلسطينية المختلفة وعملت على خلق مصالحة وطنية من أجل توحيد الموقف الفلسطيني تجاه "صفقة القرن" المشؤومة.
وفي فبراير 2019، عقدت "موسكو" تسوية شاملة بين 14 فصيل فلسطيني، تهدف إلى إنهاء النزاعات بين هذه الجماعات والفصائل الفلسطينية. لكن هذه الفصائل فشلت في التوصل إلى اتفاق ولم تصدر خلال تلك الفترة بيان نهائي، لأنها استمرت في الاختلاف حول بعض المقترحات. وعلى الرغم من أن الجهود التي بذلتها موسكو خلال الفترة الماضية فشلت في التوصل إلى اتفاق بين الجماعات والفصائل الفلسطينية، إلا أن نهج "الكرملين" تجاه قضية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني التاريخي، وكذلك تجاه التطورات الداخلية في فلسطين يختلف اختلافاً كلياً عن النهج الأمريكي ولهذا فلقد رحبت جميع الفصائل الفلسطينية بجميع الجهود الروسية.
"صفقة القرن"؛ فرصة لتوحيد الصف الفلسطيني
تستمر التفاعلات السياسية حول إعلان ما سُمي بـ"صفقة القرن" التي أعلنها الرئيس الامريكي "دونالد ترامب" قبل شهرين، في الأوساط الفلسطينية والدولية، دافعةً إياهم نحو إيجاد حل لمعضلة الانقسام الفلسطيني عبر توحيد الصف، في الوقت الذي يجد فيه الكيان الصهيوني نفسه عالقاً بأزمة سياسية مستعصية حول تشكيل الحكومة. يذكر أن جماعات المقاومة الفلسطينية عرضت خلال الفترة القليلة الماضية عدد من الخطط لمواجهة هذه الصفقة الخبيثة وقاموا باقتراح مجموعة من الاستراتيجيات لمواجهة هذا المخطط اللعين الذي كُتبت جميع بنوده داخل أروقة البيت الابيض الامريكي.
وفي سياق متصل، ذكرت العديد من المصادر الاخبارية أن "محمود عباس" رئيس السلطة الفلسطينية قام بالاجتماع مع "إسماعيل هنية" رئيس مكتب حركة حماس وناقش الجانبان خلال ذلك الاجتماع "صفقة القرن" وتأثيرها على القضية والشعب الفلسطيني واتفق الجانبان على تجاوز خلافات الماضي والوقوف في صف واحد لمناهضة هذه الصفقة المشؤومة. ولفتت تلك المصادر الاخبارية أن "إسماعيل هنيه" قدم قدّم للجانب الروسي أثناء زيارته للعاصمة الروسية موسكو قبل عدة أسابيع، أربعة مقترحات للمصالحة الوطنية، وهي حسب تعبيره، الذهاب لانتخابات عامة رئاسية وتشريعية، ولاحقاً إلى مجلس وطني فلسطيني وعقد المجلس الوطني الفلسطيني لمنظمة التحرير الفلسطينية خارج "رام الله" حتى يتسنى لجميع الفصائل الفلسطينية المشاركة في هذا الاجتماع وعقد اجتماع للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية. وتشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى إدارة الشأن الفلسطيني في هذه المرحلة.
وعلى صعيد متصل، كشفت العديد من التقارير الاخبارية أن النشاط الدبلوماسي الروسي لم يتوقف خلال الفترة الماضية على خط القضية الفلسطينية، فبعد الإعلان عن وجهة النظر الأمريكية حول الازمة الفلسطينية الإسرائيلية وإعلانها عن "صفقة القرن"، بدأت موسكو بشكل واضح إلى دعم توحيد صف الفصائل الفلسطينية مما شكل دعماً أساساً في وجه المشروع الأمريكي وخلال الفترة الماضية عبرت الخارجية الروسية عن موفقها من "صفقة القرن" ومن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وقالت إن خطة السلام الأمريكية لا يمكن أن تصبح أساساً لحل القضية الفلسطينية، لأنها لا تأخذ في الاعتبار العناصر الأساسية للقاعدة القانونية الدولية المعترف بها التي يجب أن تعتمد عليها عملية السلام بالشرق الأوسط، والمتجسدة في قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية وإنَّ التوصل إلى تسوية عادلة ونهائية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي يتطلب جهوداً جماعية ومنسقة يبذلها المجتمع الدولي، وجدَّدت موقف موسكو القائم على أنَّ التسوية في الشرق الأوسط لا يمكن أن تتحقق إلّا عبر المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المباشرة تحت إشراف الأمم المتحدة.
وأكدت الخارجية الروسية على أن الموقف الأمريكي وكل مبادرته تهدف إلى نشر الفوضى بالمنطقة من خلال دور الكيان الصهيوني. وأشارت الخارجية الروسية إلى أن الموقف الروسي ينطلق من ضرورة نزع فتيل الالغام الذي وضعتها أمريكا من خلال مبادرات ليس لها لا أساس قانوني ولا قبول شعبي، فهي تدفع بالمنطقة إلى جولة صراع لن تخدم القضية الفلسطينية، لأنه في إي صراع يكون فيه ميزان القوى الفلسطيني مشتت كما هو الحال الآن لن يقدم للقضية الفلسطينية إي مردود إيجابي، لذلك ما يتوجب فعله اليوم هو محاولة إيجاد أكبر قدر من القواسم المشتركة بين الفصائل الفلسطنية بهدف توحيد جهودها.
الجدير بالذكر أنه خلال السنوات الماضية كانت هناك الكثير من الخلافات بين السلطة الفلسطينية الممثلة بحركة "فتح" وحركة الجهاد الاسلامي الممثلة بحركة "حماس"، وخاصتا عقب فوز "حماس" بأغلبية المقاعد البرلمانية في انتخابات 2007 وهذا الامر دفع الكيان الصهيوني إلى استغلال هذه الاوضاع وعقد اجتماعات مع عدد من أعضاء حركة "فتح" وبالفعل وافق "محمود عباس" خلال تلك الفترة على عقد مفاوضات مع الجانب الاسرائيلي من أجل ايجاد حلول للقضية الفلسطينية ووضع قيود صارمة على حركة "حماس" ولكن "صفقة القرن" المشؤومة قلبت الطاولة على هذا الكيان الغاصب وقضت على جميع أحلامه وذلك بعدما توحدت كافة الفصائل الفلسطينية تحت مظلة مقارعة ومناهضة هذه الصفقة المشؤومة وهنا تجدر الاشارة إلى أن عدم وفاء الصهاينة بالعهود، خلق فرصة لتهيئة الظروف المناسبة لعقد مفاوضات مصالحة وطينية بين الفصائل الفلسطينية في العاصمة الروسية "موسكو".