الوقت- ذكرت العديد من التقارير الاخبارية بأن السياسة الخارجية والمعارك العسكرية التي يقوم بها الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" هذه الأيام في سوريا وليبيا، زادت من حدة التوترات في منطقة الشرق الاوسط بشكل كبير ولفتت تلك التقارير إلى أن الرئيس "أردوغان" قام خلال الفترة القليلة الماضية بإرسال الكثير من القوات التركية إلى الأراضي السورية، ولا سيما محافظة إدلب، التي قامت بدورها بدعم الكثير من الجماعات الارهابية المنتشرة في تلك المنطقة وقامت أيضا بشن حرب عدوانية ضد الحكومة السورية والجيش السوري. ومن ناحية أخرى، قام الرئيس "أردوغان" بإرسال قوات تركية إلى الأراضي الليبية لدعم حكومة الوحدة الوطنية الليبية لمواجهة الجيش الوطني الليبي بقيادة الجنرال "خليفة حفتر".
وعلى صعيد متصل، أكدت العديد من التقارير الميدانية على مقتل الكثير من الجنود الأتراك وإسقاط طائرات بدون طيار تركية وتدمير معدات عسكرية تابعة للقوات التركية التي دخلت في معارك عنيفة في الاراضي السورية والليبية. وفي هذه الأثناء، انتشرت العديد من الاخبار خلال الايام القليلة الماضية والتي جذبت أنظار وانتباه العديد من المحللين السياسيين الذين يعتقدون أنها تعتبر أول عمل عربي ضد عدوان "أردوغان" في المنطقة.
وفي هذا السياق، ذكرت العديد من المصادر الاخبارية بأن وفد ليبي برئاسة نائب رئيس الوزراء الليبي "عبد الرحمن الاحيرش" ووزير الخارجية الليبي "عبد الهادي الحويج" الموالين للجنرال "خليفة حفتر" والذين يتخذان من مدينة "طبرق" الساحلية مقراً لهما، زار العاصمة السورية دمشق قبل عدة أيام ولفتت تلك المصادر إلى أن الوفد الليبي وقع خلال هذه الزيارة عدداً من مذكرات التفاهم حول فتح مقرات دبلوماسية في كلا البلدين والعمل على تنسيق مواقف دمشق وطبرق في الأوساط الدولية.
كما أكدت تلك المصادر بأن الوفد الليبي التقى مع الرئيس السوري "بشار الأسد" وتم الاتفاق على تعاون البلدين في مجال مكافحة الإرهاب ومواجهة الأعمال التركية التخريبية وتم أيضا خلال هذه اللقاءات التباحث حول العلاقات الثنائية وسبل تفعيلها في مختلف المجالات وضرورة التنسيق المستمر بين البلدين للتعامل مع الضغوط والتحديات المماثلة التي تواجه كلا البلدين وعلى رأسها الغزو التركي الواضح لسيادة البلدين واستقلالهما والتدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية لكلا من دمشق وطبرق.
ويبدو أن كل هذه المحادثات بين الجانب الليبي والسوري ركزت على كيفية الرد على العدوان التركي في كلا البلدين وهنا يرى العديد من الخبراء السياسيين بأنه ليس أمام الحكومة الليبية الموالية للجنرال "حفتر" التي تبذل الكثير من الجهود لمواجهة الغزو التركي سوى أن تكون قريبة من سوريا وأن تشكل اتحادًا مع دمشق لمواجهة العدو التركي المشترك.
وفي صعيد متصل، ذكرت العديد من التقارير الاخبارية بأن تركيا دخلت في توترات مع حليفتها السابقة موسكو وذلك بسبب قضية مدينة إدلب السورية ولفتت تلك التقارير إلى أن الرئيس التركي "أردوغان" وجه العديد من الاتهامات لروسيا وقال بأنها لم تمتثل للاتفاقيات السابقة التي تم التوقيع عليها سابقا بين الجانبان ولقد جاءت هذه الاتهامات عقب وصول الكثير من الاخبار التي تفيد بمقتل وجرح الكثير من الجنود الاتراك في سوريا رغم سماع أخبار مقتل الجنود الأتراك في سوريا وزعمت تركيا أيضا أن الجيش السوري قام خلال الفترة الماضية بإنتهاك للاتفاقيات التي تم التوقيع عليها في اجتماع "سوتشي" وأن قوات الجيش السوري قامت بشن الكثير من الهجمات على القوات التركية المتمركزة في محافظة إدلب السورية وزعمت أنقرة أيضا بأن موسكو قدمت الكثير من الدعم لقوات الجيش السوري، والغريب في الامر أن هذه الإدعاءات التركية جاءت في الوقت الذي قام فيه "أردوغان" بإرسال الكثير من القوات التركية لشن هجمات عدوانية على مواقع الجيش السوري.
وهنا تذكر العديد من المصادر الاخبارية بأن "أردوغان" يذل الكثير من الجهود لإقناع المسؤولين الروس بأن هجمات الجيش التركي على سوريا هي في الواقع معركة ضد الإرهاب، وأن رد فعل الجيش السوري على تلك الهجمات يتسبب في تعطيل عملية السلام في سوريا!. صحيح أن هناك علاقات استراتيجية بين روسيا وتركيا، لكن يبدو أن هناك تضارب في المصالح بشأن قضية سوريا وخاصتاً مدينة إدلب التي تتواجد فيها العديد من الجماعات الارهابية، حيث يشير بعض المحللين السياسيين إلى أن الدعم الروسي لسوريا بشأن قضية إدلب يهدف إلى للسماح لموسكو بممارسة الضغط على تركيا فيما يتعلق بالقضية الليبية.
الجدير بالذكر أن النزاعات بين تركيا وروسيا نشأت بعد توقيع حكومة الوفاق الوطنية الليبية مع الجانب التركي اتفاقية لترسيم الحدود البحرية في إطار اتفاق أمني ولقد انتقدت العديد من الدول هذه الاتفاقية. وبالإضافة إلى إرسال قوات تركية إلى ليبيا، قامت تركيا في عدة مناسبات بنقل عدد كبير من الإرهابيين من سوريا للقتال إلى جانب قوات حكومة الوفاق الوطنية الليبية ضد الجيش الوطني الليبي بقيادة الجنرال "خليفة حفتر" ولقد أثارت خطوة أنقرة لنقل هؤلاء الإرهابيين من سوريا إلى ليبيا سخط وانتقادات العديد من البلدان.
وفي سياق متصل، ذكرت العديد من المصادر الاخبارية بأن الرئيس "أردوغان" يعيش في وقتنا الحالي في حالة من التناقضات وذلك بعدما منيت قواته العسكرية بالكثير من الهزائم والاخفاقات على الساحتين السورية والليبية والغريب في الامر أن الرئيس التركي تحدث ذات مرة أنه قام بإرسال قوات تركية إلى سوريا وليبيا لدعم تطلعات أبناء الشعبين السوري والليبي، وفي مرة أخرى أعلن "أردوغان" أن تركيا تؤكد أنها تسعى لتحقيق مصالحها في سوريا وليبيا. يبدو أنه في هذه الأيام أصبحت "الحرب ضد الإرهاب" ذريعة جيدة لـ"أردوغان" للتدخل عسكريا في سوريا وليبيا وهذا الامر يظهر جليا عندما قامت القوات التركية باستهداف مواقع القوات السورية الكردية، حيث إدعاء "أردوغان" في ذلك الوقت أن القوات التركية تقوم بمحاربة الجماعات الارهابية المنتشرة في شمال سوريا وها هو اليوم يعيد الكرة مرة أخرى ويقول أنه قام بإرسال قوات تركية إلى مدينة "إدلب" السورية لمحاربة الارهابيين ولكن في الحقيقة أن القوات التركي تقوم بشن هجمات على قوات الجيش السوري وليس الجماعات الارهابية.
بالطبع، لا ينبغي إغفال قضية النفط وجهود "أردوغان" لإقامة شراكة مع الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" لنهب الموارد النفطية السورية وهنا تجدر الاشارة إلى أن تركيا التي تدعي بطريقة ما أنها زعيمة العالم الإسلامي، تحاول أن تصل إلى مقدمة الصفوف وذلك بإعلانها بأنها تقف إلى جانب القضية الفلسطينية وأنها تهتم بالقضايا المتعلقة بالعالم الإسلامي ولهذا فإنها قامت خلال الفترة الماضية باستخدام قوتها العسكرية للمضي قدما في تنفيذ أعمالها تلك وتحقيق مصالحها.
ومع ذلك، لا يمكن للمرء أن يتجاهل حقيقة أن تدخل تركيا العسكري في الدول العربية جاءت في الوقت الذي طغت فيه الخلافات والفجوات بين تلك الدول، ويبدو أن أحلام "أردوغان" في سوريا وليبيا تتضاءل مع توقيع العديد من الاتفاقيات بين دمشق وطبرق والذي سوف تركز على مواجهة العدو التركي المشترك.