الوقت- بينما تمر البحرين بالذكرى السنوية التاسعة لثورة 14 فبراير والانتفاضة الشعبية، لا يزال الاستياء العام من حكم آل خليفة مستمراً لا بل تضاعف نطاقه ايضاً. وأمام المطالب الشعبية بتحسين الظروف الاقتصادية ومساءلة الحكومة والقضاء على التمييز وتنفيذ إصلاحات حقيقية ووضع حد للقمع لا يزال نظام آل خليفة يصر على الممارسات السابقة المتمثلة في استمرار الضغط على المواطنين والنشطاء السياسيين.
الظروف الاقتصادية نحو التأزم
بدأ الاقتصاد البحريني بالهبوط منذ بداية الاستياء العام عام 2001، الامر الذي تعود أسبابه إلى سياسات آل خليفة قبل أي شىء آخر. حيث يعاني اقتصاد البحرين من الركود منذ سنوات عديدة. ويمتلك هذا البلد أحد أعلى معدلات الدين مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي.
توقع صندوق النقد الدولي في تقريره الصادر في أبريل 2019 أن "يصل الدين العام في البحرين من 93 بالمائة في نهاية عام 2008 الى 114 بالمائة في عام 2019." وعلى الرغم من مرور 11 عاماً على رؤية البحرين الاقتصادية 2030 ، إلا أن العديد من الخبراء الاقتصاديين ما زالوا ينظرون إلى النمو والتنوع الاقتصادي في البحرين على أنهما سلبيان. وهذا الأمر قد قاد ملك البحرين إلى اللجوء الى دول مجلس التعاون.
وعندما باتت البحرين في أكتوبر 2018 متفائلة من قبل جيرانها الخليجيين ، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بتلقي مساعدات اقتصادية. تعهدت بإجراء مشاورات مع صندوق النقد العربي حول برنامج الرصيد المالي بهدف القضاء على عجز ميزانيتها بحلول عام 2022.
رغم ذلك ، وبحسب التوقعات في الرؤية الاقتصادية الإقليمية لصندوق النقد الدولي ، فإن البحرين ستظل بحاجة إلى انتظار استمرار الانخفاض في نمو الناتج المحلي الإجمالي. حيث انخفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في البحرين من 4.9 في المائة في عام 2017 إلى 2.5 في المائة في عام 2018 و 2.2 في عام 2019.
وبينما بلغ عجز الموازنة في البحرين 8 بالمائة في عام 2019، منخفضاً عن عام 2018 بنسبة 2.9 بالمائة، إلا ان صندوق النقد الدولي أعلن إنه لم يعد يتوقع انخفاض هذا الرقم بحلول عام 2021 وهذا يؤدي الى استبعاد حدوث استقرار مالي في البحرين في عام 2022.
في هذه الحالة، يعتقد معظم المواطنين البحرينيين المحتجين على الوضع الاقتصادي أن الحكومة غير قادرة على حل المشاكل وتلبية احتياجات مواطنيها وشبح التعاسة في انتظارهم، حيث بلغ الدين العام للبلاد 120 ٪ والفساد المالي والإداري دمر هيكل الحكومة.
القمع بضوء مطفأ
منذ قمع الانتفاضة الشعبية في عام 2011 ، كان هناك العديد من التقارير كل عام عن مختلف أشكال قمع الشعب والناشطين السياسيين والدينيين البحرينيين المحتجين على الوضع الراهن والسياسات التمييزية والديكتاتورية لنظام آل خليفة العميل، مما يعكس عمق الكوارث الإنسانية التي ترتكبها حكومة هذا البلد ضد الشعب.
من أهم مظاهر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان تلك التي يرتكبها نظام آل خليفة في سجون هذا البلد، والتي تحولت بعيدا عن أي مراقبة دولية إلى مكان لتعذيب السجناء واخذ الاعترافات بالإجبار والقتل والترهيب للناشطين السياسيين والمدنيين.
وفي هذا الصدد أوضح رئيس منتدى البحرين لحقوق الإنسان باقر درويش خلال اجتماع في بيروت بمناسبة الذكرى التاسعة لثورة 14 فبراير ان نظام آل خليفة لا يهتم بالشؤون الطبية للسجناء السياسيين، وهناك العشرات من حالات الإهمال الطبي والتقصير الطبي تجاه السجناء وإن النظام منهمك بتعذيب السجناء. كما أشار إلى أنه ليس من المستغرب أن يجبر السجناء السياسيين على سحب اسنانهم (للتخلص من الألم) بسبب إهمال الأمور الطبية.
من جهة أخرى، وفي خطوة تعتبر انتهاكاً صارخاً لحقوق الانسان يقوم نظام آل خليفة بتسهيل اجراء المحاكم الصورية و اصدر احكام غير عادلة، ويحاكم النشطاء السياسيين والمدنيين في محاكم عسكرية. وفي هذا السياق يرى باقر درويش أنه كلما يعجز نظام آل خليفة في اثبات تهم السجناء يلجأ إلى شهود سريين لإثبات تلك التهم.
وقد وصفت منظمة العفو الدولية مراراً المحاكمات غير العادلة في البحرين والتي تصدر تحت التعذيب بأنها غير قانونية ودعت إلى إلغائها.
من ناحية أخرى، مع مرور الوقت وعدم قدرة الحكومة على اخماد الاحتجاجات الشعبية عبر القمع والسجن ، والتجريد من الجنسية والاعدام وتشديد الضغوط الأمنية ، تشير التقارير إلى زيادة عمليات الاعتقال من قبل الأجهزة الأمنية التابعة لآل خليفة. وفي هذا الصدد، أعلن المركز الدولي لأبحاث السياسات الجنائية عشية الذكرى التاسعة لثورة البحرين أنه تم تصنيف البحرين في المرتبة الأولى وفق نسبة السجناء في الشرق الأوسط مقارنةً بعدد السكان، إذ تصل نسبة السجناء إلى 301 من كل مئة ألف ساكن، وقد بلغت أحكام الإعدام 36 حكماً.
وفي هذا الشأن، رصد مركز البحرين لحقوق الإنسان حصيلة الانتهاكات بين 2011 و 2019، ويمكن اختصارها كالتالي:
أكثر من 14 ألف حالة اعتقال تعسفي، بينها أكثر من 5000 ضحية تعذيب وسوء معاملة.
أكثر من 1700 حالة اعتقال تعسفي للأطفال.
810 حالة اسقاط جنسية لمواطنين بحرينيين لأسباب سياسية وكيدية.
4997 إصابة بسبب قمع التجمعات السلمية، فيما التجمع السلمي محظور بشكل كامل منذ 2014 بسبب مقاطعة المعارضة للانتخابات النيابية والبلدية، فضلاً عن قمع المئات من التجمعات السلمية منذ 2011.