الوقت- لقد استطاع "محمد علوش" القيادي فيما يسمى "جيش الاسلام" بالإضافة إلى عدة قيادات معارضة أخرى أمثال قائد جيش الاسلام ابو همام البويضاني وغيرهم، ان يخدعوا المعارضة السورية المسلحة وأن ينهبوا أموالها والأموال المرسلة إليها من الدول التي دعمت الجماعات المسلحة في سوريا، ولم يكتفوا بسرقة الأموال بل جاهروا بها واستثمروها بمشاريع علنية في تركيا وغيرها من الدول، الأمر الذي أثار سخط المقاتلين ضد الحكومة السورية ومن يلف في لفيفهم، ليكتشفوا أن كل ما قاموا به كان مجرد وهم وخداع من قبل دول وأشخاص استغلوهم وجروهم إلى ساحات القتال وألقوا فيهم خطباً رنانة ومن ثم كانوا أول من غادر الاراضي السورية بعد ان تيقنوا من أنهم نجحوا في خديعة هؤلاء المسلحين، وها هم اليوم يدفعون نتيجة ثقتهم بالدول الاجنبية ووعودها لهم، ولا شك بأنهم شعروا بمرارة الطعنة في الظهر من قبل هؤلاء القياديين أمثال علوش وغيرهم.
علوش الذي سرق اموال المسلحين ارتدى بدلة رسمية فخمة واتجه نحو حي الفاتح الشهير وسط اسطنبول ليس بغرض القاء خطبة أو التفاوض مع جهة معينة لإنهاء سفك الدم السوري وانما لافتتاح مطعمه الفخم في اسطنبول والذي اطلق عليه اسم "ايوان" بتكلفة تجاوزت العشرين مليون دولار، ووقف علوش متصدرا المحتفلين في افتتاح مطعمه البرجي، وسط الزينة وهمروجة الاحتفال الفني.
المطعم البرجي جاء ليضاف إلى مطعم أصغر وأقدم منه (تم افتتاحه مطلع 2016) وبنفس الاسم، ثارت الأقاويل خلال السنوات السابقة عن ملكية "محمد علوش" له (أي المطعم القديم) ولغيره من "الاستثمارات" في تركيا، ولكن وجود "علوش" نفسه في افتتاح المطعم البرجي الجديد ووقوفه في الصف الأول، كما رصدته عدسات ناشطين، قطع الشك باليقين لدى الكثيرين.
وصوّب نشطاء من المعارضة انتقادهم لعلوش من جهة الأموال الطائلة التي حصل عليها من استثمارات الحرب ومعاناة السوريين ومن جهة الحفل الفني لافتتاح المطعم الذي جاء بوقت احتدام المعارك في ادلب ونزوح الآلاف من القرى.
هي بلا شك قصة تاجر حرب تحول بين حرب وضحاها من دارس للشريعة الإسلامية إلى معارض ومن ثم قيادي ينطق باسم المعارضة وأخيرا إلى رجل أعمال يستثمر بأموال الدماء التي اريقت من أبناء جلدته، ويبني ثروة على أنقاض بلد دمره خدمة لأهداف دول كانت تريد السيطرة على سوريا.
ودعا ناشطون إلى مقاطعة مطعم علوش، وفضح استثمارات القيادي، على اعتبار أنها من الأموال التي "سرقها" علوش من خلال عمله ونشاطاته السياسية في جيش الإسلام ومساهمته في حصار وتجويع أهالي غوطة دمشق إبان سيطرة قوات المعارضة عليها.
علوش ليس المستثمر الوحيد الذي افرزته تجارة الجماعات المسلحة، فقد سبقه اليها متزعم جيش الاسلام ابو همام البويضاني الذي وقف بين اهل الغوطة الشرقية يدعوهم لقتال حتى الموت وكان اول من ركب الحافلات المغادرة ومعه ثروة جمعها من اموال الدعم السخي للدول الراعية لمشروع اسقاط النظام في سوريا وظهر البويضاني في تركيا في تشرين الأول من العام 2018 كرجل أعمال ومستثمر في شراء مول تجاري في اسطنبول.
وقد اسس محمد علوش مع زهران علوش ما عرف بجيش الاسلام ومركزه في الغوطة الشرقية لدمشق عام 2012 وفي عام 2015 شارك محمد علوش كممثل لجيش الإسلام بمؤتمر الرياض وتم انتخابه كـ “كبير المفاوضين” في مفاوضات جنيف ولاحقا استقال من مهامه.
ومنذ بداية الازمة في سوريا وتنتشر عشرات الأخبار التي تشرح عن الفساد المالي الذي ينتشر بين صفوف المعارضين، وجميعنا يذكر كيف أعلنت ما يسمى "الهيئة العامة للثورة السورية" انسحابها من "الائتلاف الوطني السوري المعارض" في العام 2013، موجهة إليه انتقادات حادة شملت "العجز" والخضوع لتأثيرات خارجية والفساد المالي.
وقبل سنوات ذكرت المعارضة السورية سهير الأتاسي بعد افتضاح أمرها عن سرقة 20 مليون دولار من مساعدة الإمارات اللاجئين السوريين أنها ليست الوحيدة التي سيطرت على أموال بل كل أعضاء الائتلاف نالوا أموالاً من الدول الأوروبية والسعودية وقطر والإمارات ولم يصل شيئاً منها للتنظيمات المعارضة بداخل سوريا ولا حتى اللاجئين السوريين وأن برهان غليون رئيس الإئتلاف لم يترشح على رئاسة الإئتلاف لأنه لم يستطع منع اعضاء الإئتلاف الوطني السوري المعارض من سرقة الأموال التي جاءت بعشرات ملايين الدولارات لا بل أكثر من ذلك بمئات ملايين الدولارات من أوروبا والسعودية وقطر والإمارات.
وكشفت مصادر الائتلاف حينها أن الأتاسي كانت تتقاضى عن مهامها كرئيسة وحدة تنسيق الدعم راتبا شهريا قدره 8 آلاف دولار أمريكي، كما كانت تتلقى راتب 3500 دولار أمريكي حين كانت تشغل منصب نائب رئيس الائتلاف في عهد أحمد معاذ الخطيب وفي الفترة الرئاسية الأولى لأحمد الجربا.