الوقت- تشهد بلدتا الفوعة وكفريا حصارًا خانقًا منذ أشهرٍ طويلة، الحصار بدأ بعد سيطرة الجماعات التكفيرية على مدينة إدلب حيث أصبحت البلدتان منعزلتين عن المدن السورية الأخرى، لا طعام ولا عتاد ولا مساعدات يمكن أن تصل إلى البلدتين، وجل ما يدخل البلدتين هو ما تلقيه طائرات الجيش عبر المظلات ليصل إلى الأرض وقد أصابه من التلف ما أصابه .
الجماعات التكفيرية التي تحاصر البلدتين وحدت بنادقها تحت راية ما يسمى "جيش الفتح"، ويعد تنظيم "أحرار الشام" ومعه "جبهة النصرة" أبرز المقاتلين في هذا الجيش، أما عن تأسيس الجيش وتمويله فقد كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن "السعودية وقطر وتركيا أقامت تحالفًا عسكريًا جديدًا للمعارضة الجديدة، عرف باسم جيش الفتح"، وهذا ما أكدته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية في تقرير صدر في مايو/أيار، ناهيك عن تقرير صحيفة "حرييت" التركية الصادر في يونيو/حزيران والذي تناول نفس الموضوع، كما أن تركيا استضافت العديد من اللقاءات التي جمعت قادة هذه المجموعات للتنسيق فيما بينهم، ولا يخفى أن هدف بناء هذا التحالف يكمن في إخفاء "جبهة النصرة" التي تمثل الثقل العسكري الأكبر في هذا الجيش، إذ بات الآن بمقدور تركيا تقديم الدعم لهذا الفصيل الذي يُجمع العالم على إرهابه دون التعرض للضغوط الدولية.
ويحاول "جيش الفتح" من خلال حصار البلدتين تنفيذ مخططٍ تركي يهدف إلى:
1- تشكيل عامل ضغط على الدولة السورية والجيش السوري لمنعه من مواصلة تقدمه في باقي المناطق.
2- السعي لإجبار الدولة السورية على العمل لإخلاء هاتين البلدتين اللتين تعيقان حلم تركيا بتشكيل منطقة عازلة، والتجهيز لتقسيم سوريا في حال الاستطاعة.
3- رفع معنويات الجماعات التكفيرية المتواجدة على الأراضي السورية، وفي المقابل المحاولة لزعزعة معنويات الجيش السوري واللجان الشعبية.
4- محاولة شق الصف السوري من خلال إيهام المؤيدين للدولة السورية بأن الجيش غير قادر على حمايتهم وأن الدولة لا تبدي الاهتمام المناسب بهذا الشأن.
5- محاولة الانتقام من أهالي البلدتين لوقوفهم في وجه المخططات التركية، وإلحاقهم الهزائم بالجماعات التابعة لأنقرة طيلة الأعوام الماضية.
6- تحاول تركيا استهداف جمهور المقاومة بكافة الوسائل لضرب التوجهات الفكرية في الصمود والنضال.
وفي السابق عجزت الجماعات المسلحة عن تحقيق الأهداف التركية هذه، ولهذا عمدت أنقرة إلى توحيد بنادق التكفيريين وجمعهم في لواء واحد أملاً في ازدياد قوتهم، ولكن رغم نجاح هذه الجماعات بعد توحدها بفرض حصار على بلدتي الفوعة وكفريا إلا أنها عجزت عن النيل من الأهالي وكسر إرادتهم، فرغم الأعداد الضخمة التي تهاجم البلدتين، فشل جيش الفتح في تحقيق أي إنجاز عسكري يرضي تركيا، ولا يمكن لهذا الجيش الاستمرار بالهجوم على أهالي الفوعة وكفريا بالشراسة هذه بشكل دائم، فالهجمات التي شنها هي أقوى ما عنده وقد خسر على إثرها الكثير من المقاتلين دون جدوى، وهذا ينبئ بأن جيش الفتح لن يستطيع الاستمرار بهذه الوتيرة وستضعف هجماته شيئاً فشيئاً إلى أن يدب الخلاف بين مكوناته التي ستتهم بعضها البعض بالخيانة والتقصير.
المعركة التي يواجهها أهالي البلدتين، معركة غير عادلة، فـ"جيش الفتح" يتلقى إمدادًا تركيًا مباشرًا، في حين تعيش الفوعة وكفريا حصارًا خانقًا لا يصلهم فيه إلا القليل من السلاح والطعام، واللافت أنه رغم الظروف الصعبة التي يعيشها الأهالي، من حصارٍ، وشحٍ في الأغذية والمعدات الطبية، ورغم مئات القذائف التي تنهال على رؤوس الأطفال والنساء، لا يزال المجتمع الدولي صامتاً دون أي تحركات أو محاولاتٍ لإيقاف الهجمة التكفيرية على البلدتين، فلا إداناتٍ دولية تُسمع ولا نوايا لإرسال المساعدات إلى البلدتين الصامدتين الواقفتين في وجه أعتى مشاريع التكفير والتركيع.
الظروف القاسية التي تمر ببلدتي الفوعة وكفريا والتواطؤ الدولي لن يهزم إرادة الشعب التي سيعود "جيش الفتح" منكسرًا أمامها، ومخططات تركيا كما أنها لم تنجح طيلة السنوات الأربع الماضية، ستفشل هذه المرة أيضًا، وستضاف هزيمة جديدة إلى جعبة محور التكفير مقابل نصرٍ كبيرٍ سيكون من نصيب محور المقاومة الذي أثبت خلال السنوات الماضية قدرة فريدة على تخطي المصاعب وتجاوزها.