الوقت- رغم التطور الهائل الذي تشهده السعودية في مجالات التجارة والاقتصاد والعمران وارتفاع مستوى السيولة لدى البنك المركزي السعودي نظراً لارتفاع أسعار النفط وزيادة إنتاجها من النفط الخام إلا أن البطالة لاتزال هاجساً تؤرق الشعب السعودي وشرائحه كافة وبالأخص شريحة الشباب التي تعاني من انعدام فرص العمل.
وقد اتخذت الحكومة السعودية عدة إجراءات للحد من هذه الظاهرة وكان آخرها تطبيق نظام "السعودة" الذي يهدف الى استبدال العمالة الأجنبية بعمالة وطنية وذلك على عدة خطوات ليتم من خلالها احتلال العمالة الوطنية لمكان العمالة الأجنبية إلا أن الحكومة السعودية واجهت مشاكل كبيرة في تنفيذ هذا المشروع وذلك لأسباب عديدة.
أهمها: عدم قدرة السعودية على التخلي عن الخبرات والكفاءات الأجنبية واستبدالها بأخرى وطنية أقل كفاءة.
والعامل الثاني: هو أن الحكومة السعودية لم تستطع استبدال العمال الأجانب الذين يشغلون الأعمال الصعبة والشاقة بعمالة محلية سعودية نظراً لصعوبة هذه الأعمال ولقلة السعوديين الذين أبدوا استعداداً للقيام بهكذا أعمال.
العامل الثالث: هو ازدياد الطلب على العمالة الأجنبية في السعودية لعدة اعتبارات ومنها رخص هذه العمالة المستقدمة وتأهيلها تأهيلاً جيداً مما أدى الى اعتماد القطاع الخاص عليها بشكل رئيسي حيث تبلغ نسبة العاملين الأجانب في القطاع الخاص 80 في المائة.
وآخر الأحصائيات التي أجريت في النصف الأول من عام 2015 والتي كشف عنها المدير العام لمصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات السعودية "الدكتور فهد التخيفي" أن إجمالي قوة العمالة في السعودية يبلغ 11.912.209 فرد فيما بلغ إجمالي المشتغلين فعلياً في السعودية 11.229.865 فرداً ليبلغ عدد العاطلين عن العمل من السعوديين الذين تبلغ أعمارهم 15 عاماً فما فوق 646.854 فرداً سعودياً وذلك بنسبة تتجاوز 5.7 % من إجمالي قوة العمل، وأوضح التخيفي أن قوة العمل التي تبلغ 11.229.865تتشكل أغلبيتها من الذكور حيث بلغ عددهم 10.027.142 بنسبة 84.2 % مقابل 1.885.067 إناث بنسبة لا تتجاوز 15.8 % من إجمالي القوة العاملة في السعودية، وبين التخيفي بأن عدد العاطلين عن العمل والذين يبلغ عددهم أكثر من نصف مليون فرد تشكل النساء الأغلبية الساحقة منهم.
ونقلت تقارير إخبارية عن وكالة أنباء سبوتنيك الروسية بأن أكثر العاطلين عن العمل في السعودية هم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 25 و 29 سنة وهذه الفئة العمرية التي تشمل الشباب والجامعيين تشكل اكثر من 36.7 % من كل العاطلين عن العمل، ويشكل الرجال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 20 حتى 24 سنة النسبة الأكبر للرجال العاطلين عن العمل حيث تبلغ 45 % والنساء اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين 25 و 29 سنة يشكلن ما يقارب 42.4 % من إجمالي عدد النساء العاطلات عن العمل.
ما هي أسباب ارتفاع نسبة البطالة في السعودية؟
أولاً: تشير التقارير الواردة إلى أن هذه النسبة المرتفعة للبطالة في السعودية على الرغم من توفر الإمكانات فيها تعود لعدة عوامل أهمها السياسة الخاطئة التي ينتهجها بعض المسؤولين السعوديين والتي تتمثل بالتمييز العنصري والطائفي ضد الأقليات الدينية وأصحاب البشرة السمراء الذين يعيش أغلبهم دون خط الفقر وذلك بحسب التقرير الصادر عن مجلة فرونت بيدج الأمريكية التي اعتبرت بأن السعودية هي الدولة الأكثر عنصرية من ناحية التمييز القبلي والطائفي وأن الأقليات فيها لايحصلون على كامل حقوقهم المشروعة.
ثانياً: التمييز بين المرأة والرجل حيث وثقت منظمة هيومان رايتس ووتش تطبيق الحكومة السعودية لنظام "ولاية الأمر" للرجال على النساء حيث يتعين على المرأة السعودية الحصول على تصريح من ولي أمرها "وغالبًا ما يكون الأب أو الزوج" لكي تتمكن من العمل أو السفر أو الدراسة أو الزواج أو الحصول على الرعاية الصحية أو البيع والشراء.
وهذا ما يجعل السعودية دائماً تتصدر الإحصائيات العالمية في مجالات البطالة والتمييز الطائفي والعنصري وحقوق الإنسان والمرأة، فالطبقة الحاكمة في السعودية لاتولي اهتماماً للتقارير الصادرة عن المنظمات العالمية فهي تصدق فقط ما يصدر عن منظماتها الحكومية التي تعمل وفقا لما تريده الطبقة الحاكمة وهذا الأمر له انعكاسات خطيرة ستؤثر على مستقبل السعودية والطبقة الحاكمة فيها إذا لم يغيروا من سياساتهم الحالية.