الوقت- أعلن البنتاغون بالأمس أن سنتكوم (مقر القيادة المركزية الأمريكية) استهدف اجتماعاً لقادة القاعدة يوم السبت الماضي عبر هجوم على قواعدهم في شمال إدلب بسوريا.
وقال المقدم "إيرل براون" مسؤول العمليات الإعلامية بالقيادة المركزية في بيان "إن العملية قد استهدفت قادة القاعدة الذين يشكلون تهديداً على المواطنين الأمريكيين وشركائنا والمدنيين الأبرياء".
كما قال براون إن تدمير هذه القواعد سيحدّ من قدرة القاعدة على تنفيذ الهجمات وزعزعة استقرار المنطقة.
وبعد هذا الهجوم، تشير التقارير إلى مقتل أكثر من 40 شخصاً من الإرهابيين وقادة الجماعات الإرهابية، كما أن هناك أنباء غير مؤكدة عن مقتل "أبو محمد الجولاني" زعيم ما يسمى بـ "هيئة تحرير الشام" الإرهابية.
وفي هذا الصدد، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان "رامي عبد الرحمن" إن الهجوم الصاروخي الأمريكي "استهدف اجتماعاً عقده قادة "حراس الدين" و"أنصار التوحيد" وغيرها من الجماعات المتحالفة معهم داخل معسكر تدريبي".
وتجدر الإشارة إلى أن جماعة حراس الدين الإرهابية وحليفتها أنصار التوحيد تعملان في منطقة إدلب، وهما عضوان في غرفة عمليات مشتركة سابقة تابعة لتنظيم القاعدة في سوريا، وتديرها هيئة تحرير الشام.
لكن النقطة المهمة الآن هي أن توقيت الهجوم الأمريكي قد تزامن مع إطلاق خطة جديدة لوقف إطلاق النار بين الجيش السوري والمعارضين الموالين لتركيا.
في الواقع، بعد فترة طويلة من النشاط الواسع النطاق لهيئة التحرير الشام الإرهابية في إدلب والمحافظات المجاورة لها أي حماة وحلب، قررت أمريكا فجأةً اتخاذ إجراءات ضد القادة الإرهابيين لتنظيم القاعدة.
لكن السؤال المهم الآن، ما هي الأهداف التي تسعى واشنطن لتحقيقها من خلال هذا الهجوم؟
الحفاظ على وقف إطلاق النار الهشّ ومنع تقدّم الجيش السوري
من المؤكد أن أهم هدف لأمريكا في مهاجمة مقر الإرهابيين في إدلب، يتمثل في الجهود التي تبذلها واشنطن للحفاظ على الأزمة والحرب في سوريا، إلا أن التقدّم الأخير الذي حققه الجيش السوري في إدلب لاستعادة المناطق التي يحتلها الإرهابيون، وعلى وجه الخصوص استعادة السيطرة على مدينة "خان شيخون" الاستراتيجية، قد أوجد تحديات لتحقيق هذا الهدف.
تعتبر محافظة إدلب في شمال غرب سوريا الجزء الرئيس الأخير من البلاد الذي لا يزال في أيدي المتمردين بعد أكثر من ثماني سنوات من الحرب، ومع استعادة السيطرة على إدلب، سينتهي لغز الأزمة الكبير والمعقد في سوريا، الأمر الذي سيشكل هزيمةً كاملةً لجبهة معارضي دمشق الدوليين.
وفي هذا السياق، بدأت قوات الجيش السوري مدعومةً من روسيا ومقاتلي المقاومة، هجمات واسعة النطاق على معقل الإرهابيين الرئيس في إدلب منذ منتصف مايو.
مع ذلك، في الجولة الأخيرة من محادثات أستانا (الجولة الثالثة عشرة) بين إيران وروسيا وتركيا، تم التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في إدلب، لكن بعد أيام قليلة من هذا الاتفاق، استأنف الجيش السوري عملياته بسبب انتهاك وقف إطلاق النار من قبل الإرهابيين.
قيادة الجيش السوري ذكرت في بيان لها في 14 أغسطس، أن الجيش قد وافق في 1 أغسطس على وقف لإطلاق النار في منطقة "الحدّ من التوتر" في إدلب، "لكن الجماعات الإرهابية المدعومة من تركيا رفضت الالتزام ونفّذت هجمات على المدنيين في المناطق الآمنة".
وفي ظل هذه الظروف، يبدو أن السلطات الأمريكية هاجمت اجتماع قادة إرهابيي "هيئة تحرير الشام" والمجموعات المتحالفة معها، لمنع انتهاك وقف إطلاق النار من قبلهم مجدداً، حتى يضعفوا هيئة تحرير الشام (القاعدة) بعد وفاة الجولاني، ويوفروا الأرضية لتقسيم هذه الهيئة إلى مجموعات جديدة لا يشملها تصنيف الأمم المتحدة للجماعات الإرهابية (مثل الجماعات الإرهابية التي تدعمها تركيا بزعم أنها معتدلة)، وهكذا يمكن أيضاً أن تنضم هذه المجموعات إلى الجماعات المرتبطة بتركيا.
ومن شأن الهجوم الأمريكي بطبيعة الحال أن يخلق تحديات لأسس الشرعية الدولية لاستمرار هجمات الجيش السوري على إدلب التي يبلغ عدد سكانها حوالي 3 ملايين نسمة.
والجدير بالذكر أن اتخاذ مثل هذه الخطوات ليس جديداً بالنسبة إلى الأمريكيين وقد تم سابقاً بالفعل.
هذه الجماعة الإرهابية التي اسمها الكامل هو "جبهة النصرة لأهل الشام"، اضطرت إلى تغيير اسمها إلى "هيئة فتح الشام" في عام 2016، بعد ضغوط المجتمع الدولي وأمريكا، بهدف مسح سجلها من الجرائم الوحشية، وإنكار صلتها بتنظيم القاعدة، وتكررت هذه الخطوة مرةً أخرى في يناير 2017 حيث تم تغيير اسمها إلى "تحرير الشام".