الوقت- في حوار أجراه موقع الوقت - التحليلي الإخباري مع الكاتب والحقوقي المخضرم ورئيس منتدى البحرين لحقوق الإنسان "باقر درويش" .
تم التطرق إلى خفايا وكواليس إعدام الشابين البحرينيّن والأسباب التي تقبع وراء تنفيذ هذه الجريمة بالإضافة إلى الكشف عن الأيدي السوداء للسعودية وأذنابها، وإليكم نص الحوار..
الوقت: ما هو رأيكم حول تنفيذ حكم الإعدام بحق الشابين البحرينيين في هذا التوقيت بالذات رغم المطالبات الدولية بعدم تنفيذ هذا الحكم؟
باقر درويش: أحكام الإعدام في البحرين كما هو حال بقية الأحكام التعسفية التي تطول سجناء الرأي، خاضعة للمزاج السياسي للسلطات البحرينية، وكلما أرادت الحكومة أن تستخدم أوراق ضغط ضد الشارع أو التنفيس عن ضغوط تتعرض لها، فهي تلجأ لورقة المحاكمات السياسية، وفيما يبدو فإنَّ تنفيذ الإعدامات جاء للتغطية على الأدلة المرئية حول علاقة ملك البحرين بتنظيم القاعدة.
كما أنَّ الإدانات الدولية الصادرة من قبل مقررة الأمم المتحدة للقتل خارج إطار القانون.
وأبرز المنظمات الحقوقية الدولية مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، تعكس وجود قناعة بعدم استقلالية القضاء في البحرين، وفشل الدبلوماسية البحرينية الرسمية في إقناع هذه الأطراف بمبررات المحاكمات السياسية، بيد أنَّ الدعم الذي تتلقاه حكومة البحرين من أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات يشجعها دائماً على عدم الاستجابة للمطالبات والذهاب نحو تأزيم الواقع الحقوقي وارتكاب المخالفات الجسيمة والمروعة.
الوقت: هل يستند حكم إعدام الشابين إلى محاكمة قانونية نزيهة وهل توافق أحكام القانون الدولية؟
درويش: أحكام الإعدام الصادرة مخالفة أساساً للقانون المحلي بسبب شكاوى التعذيب وسوء المعاملة، فضلاً عن أنَّ السلطة قامت بإدخال تعديلات تشريعية لمضاعفة أحكام الإعدام والسجن المؤبد وتحديداً في قانون الإرهاب من أجل تبرير انتهاكاتها الجسيمة تجاه المعتقلين، كما فعلت السلطة في تعديلاتها على قانون القضاء العسكري على سبيل المثال.
لذلك؛ فإنَّ المحاكمة التي تعرض لها العرب والملالي انتهكت أبسط ضمانات المحاكمات العادلة، ولم تجد السلطة مبرراً قانونياً واحداً ممكن أن تقنع به الرأي العام الدولي فضلاً عن المحلي.
الوقت: لماذا أصرّ ملك البحرين على إعدامهما وما هي تبعات تنفيذ هذا الحكم؟
درويش: من الواضح بأنَّ ملك البحرين يتعامل بعبثية خطيرة جداً على مستوى إدارة شؤون البلاد والمؤسسات وأوضاع المكونات السياسية، فضلاً عن استمرار الحراك المطلبي في البحرين لأكثر من 8 سنوات وفشل كل الخيارات الأمنية في إنهاء الأزمة السياسية، وهو ما يحاصر الملك ويدفعه للإعدامات والاعتقالات، بالمناسبة في 2017 لم تنشر الجريدة الرسمية مرسوم تنفيذ أحكام الإعدام السياسية بحق مشيمع والسنكيس والسميع، وأتوقع أن يتكرر هذا السلوك هذه المرة للتغطية على المسؤولية القانونية للملك حول هذه الجريمة.
الوقت: ما هو رأيكم حول تعرّض الشابين للتعذيب الوحشي والاعتداءات غير الأخلاقية لإجبارهم على الاعتراف؟ وهل ستنتهي أحكام الإعدام التعسفية بإعدام هذين الشابين؟
باقر درويش: هنا لا بدّ من الإشارة إلى أنَّ ضحايا الإعدام التعسفي "علي العرب وأحمد الملالي"، قد تعرضا لمحاكمة غير عادلة، ولتعذيب وحشي، ومعاملة حاطة بالكرامة الإنسانية؛ حيث أجبر علي العرب بعد اقتلاع أظافر أصابع قدميه على التوقيع على الاعترافات وهو معصب العينين، ومن دون أن يرى ما هو مكتوب أصلاً، كما أنَّه بعد صدور حكم الإعدام الأخير بحقه تعرّض للتعذيب مجدداً أثناء إعادته إلى السجن من قبل حراس مبنى رقم واحد حيث يتم تحويل المحكومين بالإعدام، وربما كان من بين الذين قاموا بنقل علي العرب وأحمد الملالي إلى منصة الإعدام نفس الجلادين الذين قاموا بتعذيبهم.
أما علي العرب فقد تم اعتقاله في عملية مشتركة بين جهاز الأمن الوطني والتحقيقات الجنائية وقيادة قوات الأمن الخاصة، وتعرّض للإخفاء القسري، وتم تعذيبه على أيدي ضباط الأمن بالصعقات الكهربائية والتحرش الجنسي، وتم تعريضه للتعذيب بعد صدور حكم الإعدام، وكان الجلادون يقولون له: سنعدمك قريباً.
الوقت: ما هو سبب رفض النظام الحاكم في البحرين تسليم جثامين الشهداء الذين أعدمهم لأهاليهم ومنع الناس من حضور مراسم الدفن؟
درويش: ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها الجهات الأمنية إلى هذا السلوك من أجل التغطية على آثار الجريمة، وحتى لا يتم تصوير الأجساد، إلا أنَّ هذا يعطي مؤشراً آخر على مستوى التوحش كتقنية أساسية ترتكز عليها العقيدة الأمنية، حيث كانت العناصر الأمنية تسخر من عوائل الضحايا في زيارتهم الأخيرة لأبنائهم، فضلاً عن ذلك لم يبلّغوهم بقرار الإعدام إلّا عندما وصل عدد محدود جداً من أقارب العرب والملالي إلى المقبرة، التي حفرت فيها القبور خلسةً، وتم دفن الجثامين بشكل قسري.
الوقت: هل هناك ارتباط بين السياسة السعودية المتبعة بالتعامل مع معارضيها مثل خاشقجي والسياسة التي يتعامل بها النظام البحريني في قمع معارضيه وإسكاتهم؟
درويش: السلطات البحرينية تعتمد بشكل غير محدود على دعم السعودية، والسعودية لديها سجل أسود في انتهاكات حقوق الإنسان، وكلا الدولتين تمتلئ فيها السجون بالمعتقلين السياسيين والأحكام السياسية، فضلاً عن أنَّ عدم الاستجابة للمطالب الشعبية والاستعانة بقوات درع الجزيرة من قبل السلطات البحرينية تسبب بتقويض السيادة الوطنية في البحرين.