الوقت- إن انسحاب إيران الكامل من سوريا سيهدّد بعودة الأزمة وتهديد القواعد البرية الروسية، وسيضرّ بالعلاقات المتنامية بين البلدين.
وفي السياق، أعلن البيت الأبيض أمس أن مستشار الأمن القومي بولتون سيلتقي بنظيره الروسي نيكولاي بتروشيف والمستشار الأمني لرئيس وزراء الكيان الصهيوني في القدس، وبالنظر إلى الحساسية العالية للتطورات في المنطقة، ما هي الأهداف الحقيقية لهذا الاجتماع وما هي العواقب المحتملة؟.
الحركات الأخيرة الصهيونية والأمريكية
سيعقد الاجتماع تحت عنوان "مراجعة الأمن الإقليمي"، وذكرت صحيفة الوطن في بيان نقلته عن عدد من الدبلوماسيين الغربيين أن مستقبل الوجود السياسي الإيراني في سوريا هو الموضوع الرئيس للاجتماع.
ومن جهته أعلن نتنياهو أنه اقترح الاجتماع شخصياً ودعا إلى أن يكون دعوة غير مسبوقة، لذلك، يمكننا أن نقول إنه من المحتمل أن يكون الموضوع الرئيس في هذا الاجتماع هو المصالح الأمنية الإسرائيلية.
في الأشهر الأخيرة، ازداد حجم الأنشطة الأمريكية والصهيونية وبعض الدول العربية لمصلحة الكيان الإسرائيلي، تل أبيب تبذل قصارى جهدها لإغلاق جميع قنوات الأزمة من حولها على مدار القرن عشية صفقة القرن، هذه التدابير في مرحلتها الأولى تحمل بعداً سياسياً.
تعتبر سوريا واحدة من أكثر النقاط الحرجة والأكثر أهمية في الأزمة وخصوصاً بعد ضم الصهاينة هضبة الجولان ووجود دولة معادية في سوريا.
إن تكرار حادثة الأمة على الشريط الحدودي بين القنيطرة ومجدل شمس يشكّل أهمية استراتيجية، حيث إن دور "إسرائيل" في سوريا ضعيف للغاية والهجمات المؤقتة فقط هي التي تحدث، والتي لها تأثير قصير المدى، لكنه خطير على أمن هذا الكيان، لذلك، من أجل خلق دور فعّال خلال العام الماضي كان الكيان يحاول تقريب روسيا وأمريكا من مصالحه الأمنية في سوريا.
في أغسطس من العام الماضي، زار بولتون القدس وكانت القضية الرئيسة هي خروج إيران من سوريا، وزيادة الضغوط الاقتصادية عليها، وقد تحدّث بولتون إلى نيكولاي بتروشيف بشأن تراجع الوجود الإيراني في سوريا خلال زيارته لجنيف في سبتمبر، ولكن بشكل عام، كانت هناك اختلافات أخرى بين أمريكا وروسيا، ولم توقع الأخيرة البيان الختامي.
واصل النظام الصهيوني دبلوماسيته العسكرية مع روسيا، وفي 27 فبراير، أعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيشوف عن تشكيل مجموعة عمل مشتركة مع تل أبيب بشأن سوريا، وسحب القوات الأجنبية من البلاد، ولكنه أعلن أيضاً أنه لم يتم تحديد هيكل وتكوين مجموعة العمل هذه.
موضوع قمة يونيو واتجاهات الأطراف
الجزء الصعب في تقرير الشرق الأوسط الأخير هو الاتفاقية الثلاثية السابقة بعنوان "خارطة الطريق" التي تدعو فيها الخطط الصهيونية والأمريكية روسيا إلى البحث عن تدابير ملموسة، مثل إعادة البناء، ورفع العقوبات، والسيطرة على دور إيران وعلى العملية السياسية في سوريا، ومشاركة الحلفاء الأوروبيين في شرق سوريا، وحرمان الحكومة السورية من الشرعية، وهو ما وصفته أمريكا بأنه تهديد لموسكو، لكن بالأمس، رفض مسؤول عسكري أمريكي في حديث مع وكالة الأنباء الوطنية، التقرير، وذكر أن أمريكا قد تبنّت القرار 2254 ومحادثات جنيف الداعية إلى مفاوضات شاملة، وصياغة دستور جديد وإجراء انتخابات شعبية في سوريا.
يسعى الكيان الصهيوني إلى اتفاق روسي أمريكي ومتابعة لهذه السياسة، التقى مجلس الأمن الإسرائيلي، برئاسة مئير بن شبات، مع بولتون في واشنطن في وقت لاحق من هذا العام.
وسلّط بولتون الضوء فيما بعد على التعاون الأمريكي الإسرائيلي ضد الأنشطة الإيرانية، ودعت الصحف العبرية أيضاً لتهديد إيران وغيرها من الجماعات، هذه القمة هي آخر جولة من الإجراءات الإسرائيلية، والتي تهدف في الواقع إلى جني أنشطة العام الماضي في تقريب روسيا وأمريكا ضد إيران في سوريا وتقويض استقرار المنطقة.
ومع ذلك، فإنه سيتم تحديد بعض النقاط المستقبلية لهذا الاجتماع:
1- على الرغم من أن روسيا قد يكون لديها ميل للتعاون مع أمريكا في سوريا، وذلك بسبب تخفيف الضغط الأمريكي والحصار، والدور الثنائي للوبي الصهيوني في المجتمع السياسي الروسي الأمريكي، ولكن بعد النفقات العسكرية الضخمة التي تكبّدتها في سوريا، لن تقبل بأي حال الترتيب الذي تمليه أمريكا في سوريا.
كانت روسيا تستخدم ليبيا ذات يوم للموافقة على قرار عام 1973 في عام 2011، وخداع أمريكا ثم التخلي عن الشؤون الداخلية لليبيا، لذلك اعترضت على أكثر من 12 قراراً ضد سوريا، ما يعكس موقف موسكو الحاسم للحفاظ على التفوّق والتوازن في سوريا.
2- ليس لدى أمريكا استراتيجية واضحة في سوريا على الرغم من أن ترامب قد تحدث بوضوح، لكن الحلفاء الأوروبيين لأمريكا والحزبين الأمريكيين الرئيسيين يختلفان مع ترامب، لذلك فإن إعطاء أمريكا الفرات الشرقية ليس نقطة موثوق بها بالنسبة لروسيا.
3- كان وجود إيران وإدارة القوات البرية مساهماً رئيساً في انتصارات الجيش السوري على الإرهابيين، وهو لمسناه أكثر من أي وقت مضى في السعي وراء عملية إدلب الحاسمة.
إن إسرائيل وأمريكا ليسا حليفين موثوق بهما لاستبدال إيران، لذلك، على الرغم من أن الارتباط بالعلاقات الاستراتيجية بين طهران ودمشق قد لا يكون له أي تأثير على موسكو، إلا أن الانسحاب الكامل لإيران من سوريا سيهدد أيضاً بعودة الأزمة وتهديد القواعد الأرضية الروسية، وسوف يضرّ البلدين.
4- صفقة القرن التي هي مقدمة لهذه القمة فشلت عبر بومبيو مؤخراً خلال لقائه مع الزعماء اليهود، قائلاً: "إن الخطة بها نقطتان جيدتان وتسع نقاط سيئة"، وبالنظر إلى تجاهل حقائق الهيكل الواقعي في المنطقة وانحراف المصالح الأمنية للجهات الفاعلة، فإن الإنجازات المثالية التي يسعى نتنياهو إلى تحقيقها لن تتحقق بالكامل.
