الوقت- بعد ان اتخذت الصين وروسيا سياسات هجومية في تعاطيهما مع القضايا الدولية تشهد الساحة الدولية توترا ملحوظا، فروسيا تنتهج العنف ضد الغرب والصين لديها سياسة هجومية في خلافاتها البحرية مع جيرانها وهذا يطرح تساؤلا حول امكانية وجود ائتلاف صيني روسي ضد امريكا على صعيد السياسة الدولية.
وتشعر الصين وروسيا بوجود تهديدات امريكية مشتركة لهما رغم وجود خلافات ايديولوجية واستراتيجية بين بكين وموسكو وان هذا الشعور قد دفع هذين البلدين نحو ائتلاف ناعم وهذا يدل على أن السياسات الامريكية والغربية تجاه هذين البلدين تؤثر على طبيعة العلاقات بين الصين وروسيا ولذلك من المفروض ان تعيد امريكا واوروبا النظر في طبيعة علاقتهم مع هذين البلدين.
وكانت علاقات الصين وروسيا بعد منتصف العقد الماضي مبنية على اساس الشراكة الكاملة وسبب ذلك هو ازدياد الضغط الذي شعر بها البلدان من قبل حلف الناتو بقيادة امريكا، ان التعاون الروسي الصيني بسبب التهديدات الخارجية يدل على أن سبب العلاقات الوثيقة الاقتصادية بينهما لم يكن السوق ومتطلباته فرغم وجود امكانية كبيرة للتعاون بين البلدين في مجال مصادر الطاقة مثل الغاز والنفط نرى ان هذا التعاون لم يتبلور الا بعد وقوع الازمة الاوكرانية وفرض العقوبات على روسيا، وهناک نتائج لهذا التعاون الثنائي بین البلدین و هی:):
- ان التحديات امام التعاون الصيني الروسي ستكون اكبر واكثر من الفرص الناتجة عن هذا التعاون لأن روسيا قد منحت الصين امتيازات كثيرة في عقود الغاز وان هذه الامتيازات المؤقتة يمكن ان تؤدي الى تنافر بين الدولتين في المستقبل.
- ان التهديدات الامنية تلعب دورا هاما في تعزيز التعاون بين روسيا والصين لكن العملية يمكن ان تصبح عكسية ويمكن ان يؤدي انخفاض التهديدات الامنية المشتركة في المستقبل الى انخفاض مستوى التعاون الاقتصادي بينهما.
- وتعتبر العقوبات الغربية على روسيا من اهم اسباب موافقة موسكو على ابرام عقود بيع الغاز للصين لكن البلدين يدركان جيدا ان الاعتماد على الآخر اكثر مما يجب سيؤدي الى تهديد المصالح الوطنية لكل منهما فالصين قد سعت الى تنويع مصادر التزود بالنفط عبر ابرام عقود مع المصدرين من دول آسيا الوسطى كما سعت روسيا الى توسيع اسواق تصدير نفطها في آسيا واتجهت نحو التعاون مع الهند واليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام ومنغوليا وحتى كوريا الشمالية لكن تعاون روسيا في مجال الطاقة مع بعض الدول الآسيوية لم يرق للصينيين فعلى سبيل المثال اعتبر بعض المحللين الصينيين ان العقد الذي ابرم بين روسيا وفيتنام في مجال الطاقة في منطقة بحر الصين الجنوبي التي تعتبرها بكين مركزا لسيادتها المطلقة كان بمثابة طعن خنجر في ظهر الصين، وفي المقابل تعتبر روسيا ان احياء طريق الحرير الاقتصادي الصيني في كامل اجزاء آسيا الوسطى سيضعف النفوذ الجيوسياسي الروسي في اوراسيا.
- وحالياً هناك سؤال آخر يطرح نفسه وهو هل ستؤدي الشراكة الكاملة الحاصلة الان بين الصين وروسيا الى تشكيل حلف عسكري ضد امريكا وتحدي المنظومة الغربية؟ والجواب هو ان هذا الامر يتوقف على الخطوات التي ستتخذها امريكا، فالشراكة الحالية بين موسكو وبكين تشبة التوازن الناعم مع امريكا في احسن الاحوال لكن زيادة الضغط الامريكي على روسيا عبر حلف الناتو وكذلك زيادة الضغط الامريكي على الصين المتطلعة نحو شرق آسيا ستدفع روسيا والصين نحو التقارب من بعضهما البعض بشكل اكبر وان تعزيز التعاون الامني والاقتصادي بين البلدين ليس فقط يؤدي الى دعم القدرات العسكرية لهما بل يمكن ان يصبح نواة لتشكيل تحالف سيهدد المصالح الامريكية والغربية.
- ان ظهور الصين كقوة جديدة لايعني حتما زوال امريكا وان التصالح بين الصين وامريكا يمكن ان يؤدي الى انتقال سلمي للسلطة في القرن الواحد والعشرين لكن سعي امريكا للضغط على روسيا والصين لابقائهما في مراتب متدنية يمكن ان يقوي العلاقات بين موسكو وبكين ويؤدي الى زوال الهيمنة الامريكية ويسرع في زوال امريكا وهنا يجب القول ان على الغرب ان يعيد النظر في علاقاته مع الصين وروسيا قبل فوات الأوان.