الوقت - كتبت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تقريراً مفصلاً عن الأعمال التي قام بها الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" خلال السنوات القليلة الماضية، وأعربت بأنه عندما يقوم الناس باختيار شخص مختل، وأناني، وشاذ، لقيادة أمريكا فإن النتيجة الوحيدة ستكون "الفوضى"، وهذا ما تؤكده الأحداث الأخيرة، ولاسيما عندما أعلن هذا الرئيس المتهوّر بأن الحكومة المكسيكية سوف تقوم بدفع جميع نفقات بناء الجدار الحدودي، فهذا الأمر تسبّب في حدوث أزمة كبيرة داخل أمريكا، حيث أغلقت معظم الدوائر الحكومية في أمريكا أبوابها، وشهدت معظم الأسواق المالية تقلّبات واضطرابات كبيرة، ولفتت هذه الصحيفة الأمريكية إلى أن الرئيس "ترامب" قام الأسبوع الماضي بسلسلة من الإجراءات الغريبة، بعد محادثة هاتفية أجراها مع الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، حيث أعلن "ترامب" فجأة عن سحب ألفي جندي أمريكي من سوريا وأضافت "واشنطن بوست" بأن إحدى أكاذيب الرئيس "ترامب" التي صرّح بها مؤخراً تتمثل في إعلانه بأن تنظيم "داعش" الإرهابي قد تمّ القضاء عليه بشكل كامل، وتابعت هذه الصحيفة الأمريكية متسائلة هل كان من الضروري أن تقوم أمريكا بإرسال قواتها إلى سوريا، مشيرة إلى أن القرار الأخير الذي أعلن عنه "ترامب" مؤخراً قد شكّل صدمة للعديد من القادة العسكريين وخبراء السياسة الخارجية، والمتمثل في الانسحاب المفاجئ لهذه القوات من سوريا، إن هذا الأمر سيضرّ بمصالح الأكراد السوريين، الذين كانوا موالين وحلفاء لأمريكا، ولفتت هذه الصحيفة إلى أن هذا القرار المفاجئ، مثله مثل العديد من قرارات "ترامب " التي لا تعتمد على التحليل والفكر، وإنما تعتبر قرارات متهورة وغبية.
وكان الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" أكد إنه عازم على التخلص من المقاتلين الأكراد شمال سوريا إذا لم يرغمهم عرابهم الأمريكي على الانسحاب، يذكر أن واشنطن كانت تدعم وحدات حماية الشعب ضد الجهاديين لكن أنقرة تعتبرها منظمة إرهابية مرتبطة بحزب العمال الكردستاني.
وكتبت هذه الصحيفة أيضاً أن اختيارات الرئيس لا تتفق مع تلك التي يفضلها كبار الضباط العسكريين ومجلس وزرائه وموظفو الأمن القومي، إذ يميل هؤلاء إلى المكوث طويلاً هناك لمنع عودة تنظيم "داعش" في بعض المناطق على الأقل، وقد يختلف الموظفون معه، لكن في النهاية، صوته هو الصوت الوحيد المهم، ويعكس التراجع عن سوريا مشكلة أوسع مع كيفية صياغة السياسة الخارجية في هذا البيت الأبيض، إذ لا يشارك الرئيس النظرة العالمية لموظفيه الذين حاولوا تجاهل دوافع رئيسهم، ويرى محللون أن عدم التناسق بين المصالح داخل الإدارة يضع حدوداً اصطناعية على اختيارات السياسة الأمريكية، خاصة عندما يتعلق الأمر بإيران، وعلاقتها المضطربة مع أمريكا، لقد كان متوقعاً أن تفضي هذه التباينات في نهاية المطاف إلى انسحاب "متسرّع"، كما يصفه نقاده، يتناسب مع اختيارات الرئيس.
وكشفت هذه الصحيفة الأمريكية بأن الرئيس "ترامب" رفض الأسبوع الماضي التوقيع على اتفاقية تمويل حكومي وذلك لأنه طلب من حكومته تأمين 5 مليارات دولار لبناء الجدار الحدودي مع المكسيك، إلا أن الحكومة الأمريكية اقترحت 1.3 مليار دولار لبناء ذلك الجدار وهذا الأمر تسبب في حدوث أزمة داخل البيت الأبيض، حيث قام عدد من الموالين له بتوجيه العديد من التهديدات له معلنين بأنهم لن يدعموه مرة أخرى بسبب عدم موافقته على التوقيع على تلك الاتفاقية المالية ولهذا، فإننا شهدنا خلال الأيام القليلة الماضية إغلاق عدد من الدوائر الحكومية وحدوث أزمة داخل المجتمع الأمريكي وانخفض أيضاً مؤشر سوق الأوراق المالية بشكل حاد، وإغلاق الدوائر الحكومية، يعني توقف المؤسسات الفيدرالية عن العمل، وغياب موظفيها، جراء عدم إقرار الكونغرس موازنة جديدة، وبموجب هذا الإغلاق ستتوقف جميع الخدمات التي تقدمها الإدارات الفيدرالية، ما عدا الخدمات الحيوية، ويكون على ملايين الموظفين العاملين في الحكومة الفيدرالية، إما العمل دون مقابل، أو الحصول على إجازة إجبارية.
ولفتت هذه الصحيفة بأن الرئيس "ترامب"، دعا في سلسلة من التغريدات على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إلى التصويت لمصلحة مشروع قرار زيادة التمويل لأمن الحدود وخصوصاً بناء جدار مع المكسيك وحذّر من إغلاق حكومي "يبقى لفترة طويلة جداً" في حال عدم تمرير القرار"، وكتب الرئيس "ترامب" أيضاً: "أغلقوا الحكومة اليوم إذا لم يصوت الديمقراطيون لأمن الحدود"، مضيفاً: "الديمقراطيون الذين نحتاج أصواتهم في مجلس الشيوخ سيصوتون على الأرجح ضد أمن الحدود والجدار حتى رغم علمهم أننا بحاجة ملحة له"، وأكد أنه "إذا صوت الديمقراطيون سلباً، فسيستمر الإغلاق لفترة طويلة للغاية، الناس لا يريدون حدوداً مفتوحة وجرائم".
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" في نهاية تقريرها هذا بأن وزير الخارجية الأمريكي "ستيف مانويسين"، أعلن من المكسيك بأن الوضع سيرجع إلى ما كان عليه قريباً، لكن تصريحاته هذه أدّت مرّة أخرى إلى انخفاض قيمة الأسهم في الأسواق الامريكية، ومن المحتمل أن تزداد الأمور سوءاً خاصة وأن البيت الأبيض صرّح بأنه سيتم الإعلان قريباً عن نتائج العديد من التحقيقات، بما في ذلك تحقيقات "روبرت مولر"، المفتش الاستقصائي الخاص بالتحقيق في احتمالية تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية السابقة.