الوقت- لو كان هذا ممكناً، لكان بنيامين نتنياهو ألقى هذا الأسبوع أحد أشد خطاباته النارية والشديدة ضد الرئيس دونالد ترامب.
إنها المرة الأولى التي يشعر فيها بنيامين نتنياهو بلمحة اشتياق لسلف ترامب، الرئيس باراك أوباما. "تصوّر ماذا كان ليفعل لأوباما"، قال للمونيتور وزير في حكومة نتنياهو وأضاف: "لكان نتنياهو ذهب ليُلقي كلمة أمام مجلسي الكونغرس، ولكان حرّض آيباك وإدلسون واللجنة الرئاسية [للمنظمات اليهودية] وكل من أمكن ضد أوباما. ولكان قال انه يُلحق ضرراً مباشراً بأمن (إسرائيل).
المشكلة انه ليس أوباما، إنه ترامب. لذا كل ما أمكن لبيبي [نتنياهو] فعله هو اتصال هاتفي مهذّب مع الرئيس والإعلان أن (إسرائيل) ستواصل العمل في سوريا لضمان أمنها بدعمٍ أمريكي.
رئيس الحكومة حذّر في العام الأخير، أكثر من مرة، من أن خروج أمريكا من سوريا هو ضمن الأوراق ويمكن أن يحصل في أي لحظة.
رئيس الأركان غادي آيزنكوت، وكذلك قادة الاستخبارات الإسرائيلية، علموا أن ترامب يبحث عن ذريعة للوفاء بوعده الانتخابي وتخليص نفسه من عقوبة الشرق الأوسط. نتنياهو مارس ضغوطاً مختلفة ومتنوعة على البيت الأبيض خلال السنة وأمل أن يُلغى المصير السيء، أو على الأقل يؤجّل. هذا الأسبوع فهم انه أخطأ.
إلى اليوم ارتوى نتنياهو راحةً من احتلال البيت الأبيض من قبل حليفه ترامب. لحس عسلاً، حصل على سفارة في القدس، أخرج أمريكا من الاتفاق النووي، ووسّع كثيراً المظلة الدبلوماسية الأمريكية الممدودة فوق أغلبية هوايات إسرائيل في كافة المنتديات. هذا الأسبوع، نتنياهو دفع دفعة أولى من حساب الطابع المتقلب للرئيس، ونزواته الخارجة عن السيطرة، وسياسته غير المنتظمة التي يقودها والخالية من أيّ منطق.
لا يُصدّق"، قال للمونيتور مصدر استخباري إسرائيلي رفيع المستوى، "الرئيس فعل هذا بخلاف [توصيات] كل مستشاريه ومقربيه ومسؤوليه". المصدر يقول بدقة: في الأشهر الأخيرة، مسؤولون إسرائيليون مختلفون، بمستويات مختلفة، تلقّوا تأكيدات ووعود متكررة من مسؤولين لدى ترامب. كلهم تحدثوا بلغة واحدة: الوجود الأميركي في سوريا حيوي، ولا نيّة للخروج من سوريا في المستقبل القريب، وحتى لو كان هناك خروج فإنه لن يحصل من دون أن تجبي أميركا ثمناً دبلوماسياً مناسباً مقابل خروجها الذي سيكون مرتبطاً بجهد إبعاد إيران من سوريا وضمان المصالح الإسرائيلية. هذا الأسبوع، كل هذه الوعود علتها النيران، بشرارة رئاسية واحدة. ومعها تلاشى أيضاً بعض هؤلاء المسؤولين الذين وعدوا. وزير الدفاع جايمس ماتيس استقال، ولم يفاجئ أحداً في القدس. المفاجأة كانت قبلها بأيام.
ظاهرياً، حوالي 2000 عسكري أمريكي منتشرين بين شمال سوريا ومثلث التنف ليس لهم إضافة عملانية مهمة لأمن )إسرائيل) واقعياً، الخطوة الترامبية تنطوي على إمكانية مدمّرة بالنسبة للاستراتيجية الإسرائيلية.
لا أحد في (إسرائيل) لديه شك بأن الخروج الأمريكي المتسرّع، إن لم نقل المذعور، يجري في أسوأ توقيت يمكن أن يخطر على البال. إنه يُبعد كثيراً إمكانية ان تنجح (إسرائيل) فعلاً في منع تمأسسٍ إيراني في المنطقة السورية.
ترامب خرج مجاناً، بخلاف مصالح أقرب حلفائه، بخلاف المنطق، بخلاف الخطط المفصّلة لكل مستشاريه. (إسرائيل) في نهاية هذا الأسبوع غير (إسرائيل) في أوله.