الوقت- لقد أثارت التطورات الأخيرة التي وقعت في منطقة غرب آسيا على مدى السنوات القليلة الماضية الكثير من الشكوك حول التغيرات التي حصلت في معادلة العلاقات بين الدول العربية والكيان الصهيوني وهنا يعتقد العديد من المراقبين والمحللين السياسيين بأن هزيمة الدول العربية بقيادة السعودية في التطورات الأخيرة التي وقعت في المنطقة مهدت الطريق أمام القادة العرب لتطبيع علاقاتهم مع الكيان الصهيوني، وتشير العديد من المصادر الإخبارية إلى أن السعوديين، بقيادة "محمد بن سلمان" يخططون في وقتنا الحالي لاتخاذ بعض الأعمال العدائية تجاه محور المقاومة بقيادة جمهورية إيران الإسلامية وذلك من أجل كسب ودّ الإسرائيليين والحكومة الأمريكية.
ولفتت تلك المصادر إلى أنه خلال الأشهر الأخيرة الماضية عُقدت عدة اجتماعات بين مسؤولين إسرائيليين وممثلين عن بعض الدول العربية، بما في ذلك الزيارة التي قام بها "بنيامين نتنياهو" رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى سلطنة عمان والدعوة الرسمية التي أرسلتها البحرين لـ"ايلي كوهين" وزير الاقتصاد الإسرائيلي للمشاركة في المؤتمر الدولي حول التكنولوجيا والابتكار ومن جهة أخرى تشير تلك المصادر الإخبارية إلى أنه من المحتمل أن يقوم "نتنياهو" بزيارات رسمية إلى المنامة والخرطوم في المستقبل القريب، لذلك، ومن أجل التحقيق في الأسباب الكامنة وراء بداية هذه الموجة من النزعات العربية لتطبيع العلاقات مع "تل أبيب" وإمكانية نجاح القادة العرب في دفع خططهم للأمام وإقامة علاقات مع الكيان الصهيوني، في هذا المجال قام موقع "الوقت" الإخباري بإجراء لقاء صحفي مع الخبير السياسي في شؤون العالم العربي، الأستاذ "مجيد قناد باشي".
مخاوف القادة العرب من زيادة قوة محور المقاومة، تدفهم إلى الكشف عن نواياهم بإقامة علاقات مع "تل أبيب"
يرى الأستاذ "مجيد قناد باشي"، الخبير السياسي في شؤون الدول العربية، بأن الأسباب التي دفعت معظم الدول العربية إلى المضي قُدماً باتجاه تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، تكمن في خوفهم من تنامي قوة محور المقاومة في المنطقة ولفت الأستاذ "قناد باشي" بأن القادة العرب كان لديهم في الماضي اتصالات سرّية مع "تل أبيب" ولكن عندما شعروا بتنامي وتزايد قوة المقاومة في العراق وسوريا، قرروا الكشف عن تلك الاتصالات واللقاءات مع القادة والمسؤولين الإسرائيليين.
ولتحليل هذا الأمر، فإنه من الضروري في البداية أن نعرف بأن تنامي قوة محور مقاومة بقيادة إيران في المنطقة، قد خلق حالة من الفشل فيما يخصّ تحوّلات المنطقة بين العواصم العربية وبالطبع، هذا المناخ النفسي خلقه الكيان الصهيوني المدعوم من أمريكا، حيث قام الإسرائيليون بنشر الكثير من التقارير الإخبارية الكاذبة لتخويف الدول العربية من إيران وإيهامهم بأن تقرّبهم من "تل أبيب" و"واشنطن" سوف يحميهم من بطش الإيرانيين.
الهزيمة في الحرب اليمنية، هيّأت الأرضية للدول العربية لتوسيع العلاقات مع الصهاينة
تابع الأستاذ "قناد باشي" قائلاً: "هناك سبب مهم آخر لميل القادة العرب للكشف عن علاقاتهم مع الكيان الصهيوني، يمكن قراءته بالتطورات الأخيرة التي حصلت في الحرب اليمنية وهزيمة قوى العدوان بقيادة السعودية والإمارات في تلك الحرب العبثية، حيث إنه بعد مرور ما يقارب من أربع سنوات على اندلاع تلك الحرب الوحشية بقيادة السعودية ضد الشعب اليمني المضطهد، فشل التحالف العربي حتى الآن في تحقيق الفوز في العديد من ساحات القتال وفي مثل هذه الظروف، تشعر الدول العربية بقلق عميق بشأن انضمام اليمن إلى محور المقاومة ولذلك، فإن الكيان الصهيوني قلق جداً أيضاً من انضمام اليمن إلى محور المقاومة ولهذا فهو يحاول تصوير تطبيع العلاقات مع "تل أبيب" كضرورة ملحّة للدول العربية لمنع انضمام اليمن إلى محور المقاومة.
فشل قادة العرب في إنشاء جيش مشترك، أجبرهم على المضي قُدماً في اتجاه تطبيع العلاقات مع "تل أبيب"
أكد الخبير السياسي في شؤون العالم العربي الاستاذ "قناد باشي"، بأن الانقسامات الموجودة داخل جامعة الدول العربية، وبصورة أكثر وضوحاً في مجلس التعاون الخليجي، يعد سبباً آخر لميل الدول العربية إلى الاقتراب من الكيان الصهيوني وتطبيع العلاقات معه ولفت الأستاذ "قناد باشي" إلى أن الانقسام الحاصل في مجلس التعاون الخليجي يظهر بوضوح في وقتنا الحالي، وأكد على فشل العديد من الخطط التي ترعاها أمريكا في إنشاء جبهة عسكرية مشتركة من الدول العربية وأشار الاستاذ "قناد باشي" إلى أن الدول العربية، وخاصة السعودية يشعرون بخيبة أمل من إنشاء جيش مشترك، ولهذا فإنهم يحاولون تعويض ضعفهم هذا من خلال التقرّب من الكيان الصهيوني ونتيجة لذلك، نرى الآن القادة العرب يتسابقون لتطبيع العلاقات مع "إسرائيل".
الظروف الإقليمية غير المناسبة التي تعوق الدول العربية من إقامة علاقات مع الكيان الصهيوني
وفي جزء آخر من تصريحاته، أعرب الاستاذ "قناد باشي" بأن موجة الاحتجاجات التي قام بها المواطنون الفلسطينيون خلال الأشهر الماضية في قطاع غزة وبالقرب من الحدود الإسرائيلية، لم تهيّئ الأجواء لقادة الدول العربية لإقامة علاقات طيبة مع الكيان الصهيوني، خاصة وأن معظم سكان الدول العربية هم من المسلمين الذين لا يرضون بإقامة علاقات مع هذا الكيان الغاصب وبهذا كله، فإنه لا يمكن للحكومات العربية التغلب بسهولة على أفكار الأغلبية من مواطنيها والمضي قُدماً في مسار تطبيع علاقاتهم مع "تل أبيب" وبالتالي، فإنه يمكن القول هنا بأن الظروف الحالية لا تساعد الدول العربية في التحرك نحو كسب ودّ الكيان الصهيوني وإقامة علاقات معه.