الوقت- بعد ما يقرب من أربع سنوات على بدء العدوان البربري بقيادة السعودية على اليمن، تحت ذريعة دعم الحكومة المستقيلة والرئيس الفار "عبد ربه منصور هادي"، كانت مدينة عدن الجنوبية تعتبر المركز الرئيسي الذي يُدير هذا الرئيس المستقيل حكومته منها ومع ذلك، خلال الأشهر الأخيرة زادت موجة الاحتجاجات الشعبية في هذه المدنية الجنوبية بشكل كبير بسبب الأداء الفاشل والضعيف لحكومة "منصور هادي" وتجدر الإشارة هنا إلى أن اليمن يعاني في وقتنا الحاضر من ظروف اقتصادية سيئة للغاية، حيث أدّى نقص الخدمات الأساسية إلى حدوث مجاعة وأزمة إنسانية في البلاد، ووفقاً لمنظمة الأمم المتحدة، هنالك أكثر من 80٪ من بين سكان هذا البلد، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة وفي ظل هذه الظروف الصعبة أعلن مكتب الرئيس المستقيل "هادي" يوم الثلاثاء الماضي، عن إقالته لرئيس الوزراء "أحمد بن دغر" بسبب فشله في حل المشكلات الاقتصادية واستبداله بالدكتور "معين عبد الملك" كرئيس للوزراء وبعد الإعلان عن إقالة "بن دغر"، أثيرت الكثير من التكهنات في وسائل الإعلام حول الأسباب الرئيسية وراء هذا الإجراء الذي قام به "منصور هادي" وفي هذا الصدد، ومن أجل دارسة أبعاد هذه القضية، قام موقع الوقت الإخباري بإجراء مقابلة مع الدكتور "سعد الله زارعي" الخبير السياسي في قضايا غرب آسيا.
لقد أشار الدكتور "زارعي"، في القسم الأول من كلامه، إلى وجود عناصر خارجية كان لها دور في الأحداث الأخيرة التي وقعت في اليمن، وذكر أن "بن دغر" لم يكن رئيساً للوزراء في اليمن، وإنما كان مجرد مدير مكتب يزاول عمله من مدينة عدن الجنوبية والأشخاص الذين خدموا كوزراء في حكومته الوهمية لم يكونوا إلا أشخاصاً عاديين يعيشون في بلدان مختلفة وفي الواقع، لم تكن هناك أبداً أي حكومة رسمية ليكون "بن دغر" مسؤولاً عنها.
ولفت هذا الخبير السياسي إلى أن العدوان السعودي الإماراتي لجأ إلى هذه الحيلة وقام بإقالة "بن دغر" من منصبه المزعوم عقب اندلاع المظاهرات والاشتباكات المسلحة في المناطق الجنوبية بين قوات الحراك الجنوبي مسنودة بالقبائل والشعب الجنوبي مع قوات العدوان السعودي الإماراتي، وبعد فشل السعوديين في الحدّ من هذه الاحتجاجات وتوسّع نطاق هذه الصراعات في المدن الجنوبية، خاصة في محافظة "المهرة"، وزعم بأن حكومة "بن دغر" لم تستطع التغلب والحدّ من المشكلات الاقتصادية، ولكن الهدف الرئيسي الذي سعى العدوان السعودي الإماراتي إلى تحقيقه، يتمثل في توجيه ضربة قوية للاحتجاجات التي شهدتها المناطق الجنوبية في اليمن ضد هذا العدوان لفضحه على مستوى الساحة الدولية، والهدف الآخر، يتمثل في محاولة رأب الصدع الذي حدث في الشارع اليمني عقب تغيير رئيس الوزراء "بن دغر" وتعيين شاب جنوبي في هذا المنصب المهم.
وفي سياق هذه المقابلة، أعرب الخبير السياسي في قضايا غرب آسيا، بأن طبيعة الاحتجاجات التي خرجت في المدن الجنوبية لم تكن ذات طابع اقتصادي وذلك لأنها لو كانت كذلك لقامت دول العدوان بإعطاء "بن دغر" الأموال اللازمة لتحسين الوضع الاقتصادي في المدن الجنوبية وتوفير الاحتياجات العامة للمواطنين الجنوبيين، كتوزيع الغذاء والاحتياجات الأخرى للناس للسيطرة على موجة الاحتجاجات التي خرجت ولكن الحقيقة غير ذلك، إن تلك الاحتجاجات كانت ذات طابع سياسي، تتمثل في أن الجنوبيين الذين كانوا يحلمون خلال العقدين الماضيين بالاستقلال عن الشمال، رأوا بأن أراضيهم أصبحت محتلة من قبل القوات السعودية والإماراتية وبعبارة أخرى، أصبح الجنوبيون على يقين بأنهم في الوقت الحاضر بعيدون عن حلمهم بالاستقلال بسبب وجود قوات العدوان على أراضيهم.
وأردف هذا الخبير السياسي، بأن توسع نطاق المواجهات المسلحة بين القوات الجنوبية وقوات العدوان السعودي الإماراتي، أكدت بما لا تدع مجالاً للشك اتساع الفجوة بين الجانبين ولهذا فلقد لجأ هذا العدوان إلى إقالة "بن دغر" من منصبه كمحاولة لمعالجة هذا التحدي الكبير، وفي السياق ذاته، أضاف الدكتور "زارعي" أنه خلال الأيام الثلاثة الماضية، اتسع نطاق تلك المواجهات المسلحة ووصلت إلى محافظتي المهرة ومأرب.
وفي نهاية هذه المقابلة، أشار الدكتور "زارعي" إلى الآثار المحتملة لإقالة "بن دغر" من منصبه كرئيس للوزراء في حكومة "منصور هادي"، حيث قال: "أعتقد أنه من غير المحتمل أن يكون لدى السعوديين والإماراتيين القدرة على ضخ أموال جديدة إلى اليمن، إن هدفهم الرئيسي هو التعتيم على الوضع السياسي المتأزم في المناطق الجنوبية والاحتجاجات العارمة التي خرج فيها الآلاف من المواطنين الجنوبيين للتعبير عن سخطهم وعدم قبولهم للانتهاكات التي تقوم بها قوات العدوان السعودي والإماراتي".
ولفت هذا الخبير السياسي، إلى أنه قبل يومين أعلن "مهدي المشاط"، رئيس المجلس السياسي اليمني الأعلى، والذي يعتبر الرجل الثاني في جماعة "أنصار الله" في بيان له بأنه على استعداد لتقديم المساعدة لحل جميع المشكلات التي تعصف بالمناطق الجنوبية وهذا الأمر يشير إلى أنه في القريب العاجل، سوف يلتحق الجنوب بالشمال وسيتخذان موقفاً واحداً ضد قوات الاحتلال والعدوان السعودي والإماراتي وأضاف هذا الخبير السياسي بأن عبدالملك الجنوب لن يكون مثل عبدالملك الشمال وأنه سيبقى بينهم اختلاف كاختلاف الأرض مع السماء.