الوقت- مرّة جديدة وخلال شهر واحد تقريباً يقوم أنصار الله بالرّد على اعتداءات الإمارات المتكررة على بلادهم وإدخالها في فوضى كبيرة ودفع مبالغ هائلة لإبقاء هذه الفوضى أطول فترة ممكنة، لدرجة يمكن القول إن الإمارات سبقت السعودية بأشواط في ارتكاب المجازر بحق اليمنيين ولكن بشكل أكثر احترافية وتنظيم، وهذا ما دفع باليمنيين للدفاع عن بلادهم عبر الاستفادة من الوسائل المتاحة لردع العدوان على اليمن.
في صباح هذا اليوم "الأحد 30/9/2018" أعلنت جماعة "أنصار الله" في اليمن، استهداف مطار دبي الدولي في الإمارات بطائرة مسيرة من طراز "صماد-3".
وقالت قناة "المسيرة": إن سلاح الجو التابع لجماعة "أنصار الله"، استهدف صباح اليوم الأحد مطار دبي الدولي في الإمارات بطائرة مسيّرة من طراز "صماد-3"، ونقلت القناة على لسان مصدر من قوات "سلاح الجو المسير"، قوله: إن "طائرة مسيرة من طراز "صماد-3" نفّذت سلسلة غارات على مطار دبي الدولي الذي يبعد عن اليمن ما يزيد على 1200 كم".
الأهداف والدلالات
يكفي أن نعرف أن الإمارات تنفق قرابة 1.3 مليار دولار على تدخلها في اليمن شهرياً (16 مليار دولار سنوياً)، منذ انضمام الإمارات إلى تحالف عسكري تقوده السعودية في اليمن (مارس/ آذار 2015)، هذا الإنفاق الكبير بالأموال جاء تحت غاية "نبيلة" كما تدّعي الإمارات، حيث جاء تدخلها في اليمن بهدف استعادة شرعية هادي من يد أنصار الله، ولكن الأمر لم يكن على هذا النحو إطلاقاً، حيث تورّطت الإمارات في حرب شعواء ضد المدنيين واستهدفت مدن المواطنين الآمنين واستولت على منافذ بلادهم وموانئهم، ولم تكتفِ بذلك بل جنّدت مجموعات من داخل اليمن لمصلحتها وأغرتها بالمال وقدّمت لها التدريبات من خلال إرسالها لقرابة 1500 جندي وضابط من الجيش الإماراتي ليقوموا بهذه المهمة، كما أنها جنّدت مرتزقة من كولومبيا وبنما وسلفادور وتشيلي وإريتريا، ويتبعون هيكلياً لقوة حرس الرئاسة الإماراتية.
إضافة إلى الطلعات الجوية المكثفة، ومنصات الدفاعات الصاروخية (باتريوت)، كل ذلك شكّل عبئاً اقتصادياً على الإمارات وما استهداف مطار دبي اليوم إلا إعلان فشل الإمارات في فرض هيمنتها على اليمن، وإعلان رفض شعبي من اليمن للعدوان على بلادهم.
كيف يمكن أن تسلم الإمارات من استهداف اليمنيين لها وهي المساهمة الفعلية إلى جانب السعودية في عدد من المجازر البشعة ضد الأطفال والمدنيين في اليمن خاصة مجزرة أطفال ضحيان في صعدة، وبالتالي فإن الرد اليمني يأتي بسياق طبيعي ردّاً على هذه الاعتداءات المتكررة، قد لا يكون متوقعاً من الجانب الإماراتي إلا أنه يحمل في طياته استمرارية ومقاومة دائمة لا تعرف العجز ولا الكلل طالما أن اليمن تُستهدف يومياً وتُسرق خيراتها ويُهدد مواطنوها، وقد رأينا ردوداً مشابهة للرد اليمني الحالي، يوم الخميس 26 يوليو/تموز 2018، عندما شنت قوات أنصار الله عدة غارات على مطار "أبوظبي" الدولي، وقبل ذلك إطلاق بالستيات قصيرة ومتوسطة المدى، وتواصلت عمليات التطوير في التصاعد وصولاً إلى قصف العاصمة السعودية الرياض بواسطة صاروخ بالستي يصل مداه 1300كم من طراز بركان2H.
ما سبق يدل على أن القوة العسكرية لأنصار الله في تطور مستمر وبشكل متسارع، ولا أحد يستطيع أن يقف في وجه هذا التقدم بالرغم من القصف الصاروخي المستمر على جميع المدن اليمنية.
دبي تدفع الثمن
هناك معلومات تفيد بأن حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم يرفض ما يجري في اليمن، ولكنه في نفس الوقت لا يستطيع أن يعلن ذلك صراحةً تجنباً لخلاف كبير قد يحصل مع آل زايد، وفي نفس الوقت أُجبرت دبي على الانخراط في العدوان وتأمين الاحتياجات اللوجستية للعدوان على اليمن، وبالتالي هي منخرطة بشكل كامل في العدوان، لكن استمرار الوضع على هذا النحو قد يجعلها تخسر الكثير في الاقتصاد لكونها تعتمد بالأساس على حركة الأموال والاستثمارات التجارية فيها، وبالتالي إطالة عمر الحرب في اليمن ليس في مصلحتها وقد يعرقل تجارتها ويهددها إن لم تساهم في وضع حدّ لهذه الحرب العديمة الجدوى.
ويمكننا أن نذكّر بأن قوّة الإمارات الاقتصاديّة دفعتها للخروج عن سلطة أبو ظبي في بداية القرن الواحد والعشرين، ووصل الأمر إلى رفع دبي للعلم السابق قبل الاتحاد إلى جانب علم الإمارات الحالي في أيّام الشيخ زايد، ولكن بعد الأزمة العالميّة في العام 2007 ، دفعت أبو ظبي لدبي شرط تسمية برجها ببرج خليفة.
إذن ما يقوم به ابن زايد قد لا يكون مرضياً بالنسبة لمحمد بن راشد آل مكتوم ولكن قد لا يستطيع الأخير الانتظار طويلاً في حال استمر تعرّض مطار دبي أو منشآتها للقصف من الجانب اليمني، وقد يجبره ذلك على اتخاذ قرار جريء قد نشهده في الأيام المقبلة.
على الإمارات أن تدرس خياراتها جيداً لأن خيار الشعب اليمني محسوم في الدفاع عن أرض اليمن ورفض أي عدوان عليها، والتدخل المستمر في شؤون اليمن قد يكلف الإمارات الكثير في المستقبل القريب، وما جرى اليوم شرارة قد تطول نيرانها أنحاء أخرى.