الوقت- يرتبط اسم الارهاب العالمي ارتباطا وثيقا بتنظيم القاعدة، فنشأة التنظيم وتوسعها تعتبر النواة الرئيسية لما اصبح يعرف بالارهاب العالمي وفق مشروع اطلقه التنظيم يدعو فيه الى ما سماه "الجهاد العالمي ضد الكفرة" أو "الحروب الصليبية العاشرة".
نعرض فصول الارهاب ونشأته المريبة، وفق تسلسل زمني ممنهج نعرضه بقراءة كلية لمسلسل الارهاب منذ انطلاقة القاعدة حتى يومنا هذا، لنضيء على مراحل ومفاصل مر بها الارهاب لها ارتباطات عملية بالمهمة والهدف المطلوب، ويوضح انحرافا وانقساما حقيقيا حصل في وجهة ما سمته القاعدة جهادا. ولهذا دلالات كثيرة وخطيرة ومهمة يجب التوقف عندها ومحاولة قراءة ما خلف هذا المسار الخفي والسري لنشأة الارهاب ووجهته واهدافه وشخصياته التي انتخبت بعناية لـتأدية مهام واهداف محددة.
تنظيم القاعدة أو قاعدة الجهاد:
القاعدة هي منظمة وحركة متعددة الجنسيات، تأسست في الفترة بين أغسطس 1988 وأواخر 1989. ترتكز حاليًا وبكثافة في اليمن، وخاصة في المناطق القبلية والمناطق الجنوبية، والمسمى بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب. هاجمت القاعدة أهدافًا مدنية وعسكرية في مختلف الدول. ووصفت فلسفة القاعدة الإدارية بأنها "مركزية في القرار ولا مركزية في التنفيذ . "
وبعد الحادي عشر من سبتمبر والحرب على الإرهاب، أصبحت قيادة تنظيم القاعدة معزولة جغرافيًا، مما أدى إلى ظهور قيادات إقليمية للمجموعات المختلفة، تعمل تحت اسم القاعدة.
مرحلة أسامة بن لادن
أسامة بن لادن ( 1 اذار 1957 - 2 أيار 2011 ) نجل الملياردير محمد بن عوض بن لادن. درس في جامعة الملك عبد العزيز في جدة وتخرج ببكالوريوس في الاقتصاد ليتولى إدارة أعمال شركة بن لادن. وتقدر ثروة عائلته بقرابة سبعة مليارات دولار.
مكنته ثروته وعلاقاته من تحقيق أهدافه في دعم المجاهدين الأفغان ضد الغزو السوفييتي لأفغانستان بدعم وتوجيه امريكي لمقارعة النفوذ السوفيتي في تلك المنطقة. وهو مؤسس وزعيم تنظيم القاعدة، وهو تنظيم سلفي جهادي مسلح أنشئ في أفغانستان سنة 1988.
أعلن بالاشتراك مع أيمن الظواهري عام 1998م الجبهة العالمية للجهاد ضد اليهود والصليبين والتي نجم عنها لاحقاً ما يسمى الحرب على الإرهاب أو الحملة الصليبية العاشرة .
في سنة 1984م أسّس ابن لادن منظّمة دعويّة وأسماها "مركز الخدمات" وقاعدة للتدريب على فنون الحرب والعمليات المسلحة باسم "معسكر الفاروق" لدعم وتمويل المجهود الحربي للمجاهدين الأفغان، وللمجاهدين العرب والأجانب فيما بعد.
وبعد انسحاب القوات السوفياتية من أفغانستان ومع بداية الغزو العراقي للكويت عام 1990م خرج ابن لادن من السعودية مهاجرا إلى السودان. وهناك أسس تجارة فاشلة أيضا ومركزاً جديداً للعمليات العسكرية في السودان.
وتحت ضغوط دولية مشبوهة غادر ابن لادن السودان في سنة 1996م متوجّهاً إلى أفغانستان نتيجة علاقته القوية بجماعة طالبان، التي كانت تسيطر على أفغانستان. وهناك اطلق مشروعه، إذ أعلن الحرب على أمريکا.
وفى سنة 1998م تلاقت جهود أسامة بن لادن مع جهود أيمن الظواهري الأمين العام لتنظيم الجهاد الإسلامي المصري المحظور، وأطلق الاثنان بياناً يدعو إلى: قتل الأمريكان وحلفائهم أينما كانوا، وإلى إجلائهم من المسجد الأقصى والمسجد الحرام. ونتيجة لبيانه قامت القاعدة بتفجيرات الخبر وتفجيرات نيروبي ودار السلام .
ألحق الاتهام بأحداث هجمات 11 سبتمبر وتفجيرات لندن 7 يوليو 2005 وتفجيرات مدريد 2004 بالقاعدة، وكانت شعلة الجمهوريين الرئيسية لما أسموه الحرب الأمريكية على الإرهاب التي كانت ذريعة لاحتلال افغانستان والعراق واطلاق مشروع الشرق أوسط الجديد.
وبعد تخفيه عن الانظار أعواما تلت سقوط افغانستان بيد الامريكيين، ووفق الرواية الامريكية قتل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة فجر الإثنين 2 أيار 2011 في أبوت آباد الواقعة على بعد 120 كم عن إسلام أباد الباكستانية، في عملية اقتحام أشرفت عليها وكالة الاستخبارات الأمريكية ونفذها الجيش الأمريكي واستغرقت 40 دقيقة.
فبعد التحقق من مكان وجود بن لادن عبر طبيب باكستاني يدعى "شاكيل افريدي" الذي اطلق حملة للتلقيح ضد مرض الالتهاب الكبدي في مدينة كان مشكوكا تواجد بن لادن فيها، وبعد تحديد المكان، داهمت قوات أمريكية خاصة تدعى السيلز مجمعاً سكنياً كان يقيم به مع زوجاته وأبنائه. وجرى اشتباك بين بن لادن ورجاله وبين القوات الأمريكية المصحوبة بعناصر من الاستخبارات الباكستانية ونجم الاشتباك عن مصرع بن لادن بطلقة في رأسه. وقد تمكن المدافعون من إسقاط إحدى المروحيات الأربع التي هاجمت المنزل.
اشتهرت خطابات بن لادن جميعها بالتركيز على تهديد دول الكفر وامريكا والكفار عموما متوعداً اياهم بحروب فتح وقتل ودمار، موجها خطابه للعالم ككل. ولم يكن التركيز حينها على القضية المذهبية السنية الشيعية.
واستفاد الامريكيون من خلال سياسات بن لادن لتأجيج العالم وتحشيده وتغطية مشروعهم الذي تستر بادعاء الحرب على الارهاب من قبل التيار الجمهوري المتشدد ابان ولاية الرئيس الأمريکي بوش الابن.
وبرحيل بن لادن الذي قيل وفق الامريكيين ايضا ان جثته رميت فوق البحر من على متن حاملة الطائرات يو إس إس كارل فينسن، بقيت اسئلة كثيرة وشكوك كبيرة تثار حول رواية مقتل الرجل الذي تصدر لائحة الارهاب على مدى سنوات وشغل شاشات الاعلام الامريكي والعالمي، وخيض من اجل القضاء عليه وعلى تنظيمه حرب لاحتلال افغانستان هي الاضخم من نوعها في العقود الاخيرة.
هناك غموض وتساؤلات كثيرة حول عدم وجود مقاطع فيديو دقيقة تؤكد العملية ونتائجها، ولم تنشر صور لجثة بن لادن ولا حتى معلومات كثيرة عن العملية التي قضت على الرجل الأخطر، انما اكتفت امريكا بسرد رواية لا أدلة فعلية عليها، ومع هذا فالرجل الخطير الذي يعد الأب الحقيقي للارهاب والرابط الأساسي لكل مفاصل الحركات الارهابية وما يختزنه من معلومات وأرشيف ومعطيات وقدرة على التأثير في التنظيم، تم قتله من دون محاولة ابقائه حيا لأسره عبر استخدام غازات تنويم ومخدر ولكنه قضى وطبعا وفق الرواية الامريكية برصاصة في رأسه وغاب معه كل خفايا ملف الارهاب المشبوه النشأة !!